فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ

بعد انتهاء حفل تنصيب المرشح الرئاسي السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني فاتح أغشت وتوليه رئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية استبشر داعموه خيرا بهذا التنصيب، وأمل كثير آخرون الخير بخطابه العقلاني الواعي لمكامن الداء والراغب في العلاج، ولا يخفى على أحد صعوبة وتشابك الصالح بالطالح في بيئتنا التي غلبت عليها المجاملة و"التخادم"..

 كان تشكيل الحكومة بالرغم من المثالب والملاحظات عليها داعيا للمحافظة على الأمل بالرغم من اتفاق الكثير على فساد بعض أعضائها وإفساده وفشله في كل ما أسند إليه من مهام سابقة، ثم كانت التعيينات الأخرى في أغلبها خصما كبيرا من فسحة الأمل التي استبشر بها البسيط والعارف، وكان لظهور الوباء العالمي كوفيد-19 وتفاقمه منذ نهاية فبراير ومارس عالميا وظهور حالات منه عندنا مدعاة للأخذ بزمام الأمور وعدم ترك الوضع الهش في بلادنا للسذج إن لم نقل غيرها..

بُذلت جهود تذكر فتشكر للتصدي للوباء وآثاره إلا أنها أحيانا طبعتها الارتجالية وعدم الجدية ...

لا أريد الإطالة ولكني سأذكر عناوين تبين ضرورة وجود الضابط اليقظ؛ فبعد عشرة أشهر على ذلك التنصيب المبارك لا زلنا نأمل و نرجوا وما نأمله ونرجوه سهل التحقيق، وهو: السير في الطريق الصحيح، وبداهة أن لكل طريق أهله:

  • نهاية العام الماضي نشرت محكمة الحسابات تقاريرها للفترة ما بين: 2007-2017 ثم أشفعتها بتقرير 2018 وقد أظهرت هذه التقارير رأس جبل الجليد -كما يقال- من الفساد الذي نخر في جسم الدولة   – وهو معروف للجميع- غير أننا لا نزال ننتظر ما يترتب على هذه التقارير خاصة مع منح الثقة لبعض من شملتهم تهم الفساد فيها، واستمرار الآخرين في أعمالهم رغم تلك التهم..
  • في إطار مواجهة الوباء العالمي كوفيد-19 أُعلن عن اتخاذ إجراءين حيويين لاحتوائه وهما: الإجراءات الاحترازية، المساعدات الاجتماعية.

 

 

  • الإجراءات الاحترازية

في 29/04 أعلنت وزارة الصحة تسجيل الحالة الثامنة المؤكدة بالإصابة بفيروس كوفيد-19 وهي الحالة اللغز التي لا يزال ناقل الفيروس لها مجهولا، وكل الاحتمالات تحيل للتسلل هذا بالرغم من الجهود المقدرة التي تبذلها قواتنا المسلحة وقوات أمننا لضبط الحدود وحماية المدن، إلا أنها للأسف تبقى مكبلة الأيدي في مواجهة المتسللين إلى داخل البلاد برا وبحرا، فليس أمامها في أحسن الأحوال إلا اعتقالهم "بحنية" وتسليمهم للجهات المسؤولة لتوفير أفضل وسائل الراحة والرعاية لمدة الحجر الاحترازي دون أية تبعات، أما التسلل بين المدن فصار تجارة رائجة لا يخلوا حي من أحياء المدن الكبيرة من متسلل أو اثنين..، ولا نستطيع أن نُحمِّل قواتنا المسلحة وقوات أمننا هذه التجاوزات ما لم يُمكنوا من مواجهة تجار الموت بما يستحقونه، ولنا في الأشقاء الجزائريين أسوة حسنة فالمتسلل لحدودهم يعامل معاملة الإرهابي وتاجر المخدرات..

  • المساعدات الاجتماعية

كان خطاب رئيس الجمهورية 25/03 لافتا في شموله اتخاذ إجراءات احترازية ومساعدات اجتماعية لتمكين السكان الأكثر فقرا من الالتزام بإجراءات احتواء الوباء، غير أن تنفيذ تلك التوجيهات شابه الكثير من النقص والملاحظة، فالمستفيدون من التدخل قليلون جدا إذا ما قورنوا ببحر المعدمين، كما أن القائمين على المساعدات توجهوا لسياسية تثقيل الفاتورة وتخفيف أثرها، فالفقير أدرى بحاجته وكل أسرة لها ضرورة أكثر إلحاحا من غيرها، فالسلة التي يتم توزيعها تكلف 19500 قديمة عند دكاكين التجزئة..، والأولى أن تسلم المبالغ لمستحقها وهو أدرى بضروراته، وهي على كل حال لن تغطي الضروري من حاجته وأعني بالضروري ما يسد الرمق فقط..

 رغم أن الغالبية العظمى من المواطنين ليست لهم وظائف ثابتة وإنما أنشطة يومية تعتمد على الأسواق والدكاكين والنقل، ومع الإغلاق الذي تعيشه البلاد منذ: 30/03 فإن الغالبية العظمى من المواطنين تعيش وضعا لا تحسد عليه؛ حيث يتراكم تأجير المحال المغلقة وتنعدم الدخول أو تكاد لجل السكان..

 وقد غلب التسييس والمزايدة العرقية على جل البرامج والخطط...

هذا غيظ من فيض...، وبالرغم مما يقال عن سياسة تدوير الفساد والمفسدين إلا أن الكثير من المواطنين لازالوا يظنون خيرا ويأملوه.. ونرجوا جميعا أن يوفق رأس الدولة سريعا في التوكل على الله أولا والأخذ بزمام الأمور وإبعاد من لا يصلح للثقة فالعقلاء يعتبرون بغيرهم ولا يجربوا بأنفسهم فكيف إذا جربوا.. !!!

وأتمثل في هذا المقام بصرخة نصر بن سيّار وأرجوا ألا يكون حظي كحظه:

فإن يقظت فذاك بقاءُ مُلكٍ *** وإن رقدت فاني لا أُلام
فإن يك أصبحوا وثووا نياماً *** فقل قوموا فقد حان القيام 

حمى الله بلادنا من كيد الكائدين، وضعف نفوس المؤتمنين، وغفلة جل المواطنين...

                                                                        

        د.سالم فال ابحيدة

ثلاثاء, 05/05/2020 - 16:17