مقترح إستيراتيجي متكامل لضحد كورونا

من خلال هذه السطور سأقدم مقترحا للحكومة و لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، و لكن قبل ذلك أذكر بأني كنت ممن طالب بإغلاق المدن ساعة ظهور حالة كيهيدي و ذلك لأن تلك المرحلة تتطلب ذلك.
مقدمة الخطة :
التعامل مع الأوبئة كالتعامل مع أمواج البحر، ففي الغالب تكون أنجع السبل للنجاة من مخاطر الموجة هو مسايرتها و المسير في نفس الاتجاه الذي تسير فيه، و استغلال منعطفاتها و منحنياتها، و هذا النوع من المسايرة يعتمد المرونة و التفكير و قراءة التحركات بشكل صحيح.
تماما مثلما ذكرت في الفقرة أعلاه يجب التعامل مع كورونا بنفس المنهج، و هنا شخصيا لست أتبجح و لا أريد أن أقدم مجرد أفكار مبعثرة سأبدأ بتقديم الخطوات التي اتخذتها الحكومة و سيعلم الجميع أن كل ما أقدمت عليه الحكومة كان مبنيا على خطط استيراتيجية تدرسها بعناية و تتشاور حولها مع الشركاء.
كيف ذلك :
أول ظهور لكورونا كان عبر مواطنين قادمين من الخارج سواء برا أو جوا، لذا عمدت السلطات على اغلاق المنافذ البرية و الجوية، هذا تخطيط استيراتيجي بكل ما تعني الكلمة من معنى، لأن المصدر معلوم و بالتالي من الطبيعي جدا أن يتم اتخاذ تلك التدابير.
بعدها بفترة قامت الحكومة بإغلاق المدن و فرض حظر التجول، و يتسائل البعض ما أهمية إغلاق المدن ؟
إغلاق المدن يمنع الفيروس من الانتشار بشكل سريع سواء من خلال سفر المخالطين الغير معروفين للحالات المكتشفة إلى الداخل، أو من خلال دخول أشخاص دخلوا برا عبر الحدود إلى أنواكشوط. و هذا الاجراء يمنح الفرصة لكسب مزيد من الوقت.
يطالب البعض، نحن لا نريد كسب الوقت نحن نريد وقف الفيروس ؟
سأجيب ببساطة على هذا التساؤل من خلال تأكيد أن كافة دول العالم لم تستطع وقف الفيروس، و لا دولة واحدة استطاعت ذلك في جميع أنحاء العالم.
لذلك لم تكن أي دولة تهدف إلى وقف الفيروس بل كانت الدول تتعامل حسب ماهو متاح مع الفيروس لكسب مزيد من الوقت، و بالتالي ربح الوقت يجعل البلد في معزل من تفشي الوباء كيف ؟
كلما تقدم الزمن ستتقدم الابحاث و سيتمكن العالم من اكتشاف دواء لعلاج الفيروس، هذا أمر طبيعي، بالتالي أقرب الآجال المعلنة ثمانية أشهر، و أكثرها تشاؤما ثمانية عشر شهرا.
طيب إذا اكتشف الدواء سيتحول الفيروس من جائحة إلى مرض معروف و قابل للعلاج و ستتسابق الحكومات لتوفير الدواء لمرضاها. بالتالي كسب الوقت هو أهم شيء.
إذا سنكسب الوقت و تلك هي مهمة المخططين الجيدين داخل أي حكومة سواء كانت حكومة موريتانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية.
الإستراتيجية التي أقترحها على الحكومة (طبعا بعيدا عن السياسة و العاطفة)
تعتمد هذه الخطة على إبعاد المواطن عن الفيروس و ابعاد الفيروس عن المواطن، كيف ؟
أنواكشوط عاصمة البلاد، ما بين شهر سبتمبر و شهر مايو يقطنها أزيد من مليون مواطن إضافة إلى عدد كبير من الأجانب. المعلومة شبه مؤكدة و هي معيار الخطة.
ما بين شهر مايو و شهر سبتمبر ينقص عدد الموريتانيين المقيمين في انواكشوط إلى الضعف، صحيح،
لماذا في هذه الفترة ينقص العدد، لأن المدارس تغلق، في تلك الفترة و يبدأ فصل الخريف، و تبدأ الكيطنة و البوادي تصبح وجهة غالبية الموريتانيين، هذا أمر أكيد.
غالبية الموريتانيين الذين يخرجون من مدينة أنواكشوط يتوجهون إلى أين ؟
إلى البوادي أساسا (الحوضين، لعصابه، تكانت، تيرس، إلخ ...)
غالبية هؤلاء المواطنين الذين يتوجهون للبوادي يتوجهون إلى أماكن معزولة ؟ تقريبا و بها عدد قليل من الناس ؟ بالتالي هناك فرق كبير بين ظهور حالة في قرية أو بادية و بين ظهور حالة في عمارة من 3 طوابق بها 12 شقة كل شقة تقطنها أسرة عدد أفرادها من 3 إلى عشرة أشخاص، يزورها يوميا نحو 5 إلى 20 شخص.
هذا طبعا أكيد،
بعض الأسواق في انواكشوط تقديرا يزيد زوارها يوميا على 10 آلاف زائر، صحيح ؟
المستشفيات في انواكشوط يزورها يوما ما يقارب نفس العدد أو أكثر، صحيح ؟
طيب كم يزور الجوامع، و كم يزور المساجد ؟
طيب كم يحتاج كل هؤلاء السكان من أطقم أمنية، و طبية و حماية مدنية من أجل الاسعاف و من اجل الحماية والتأمين ؟
عدد كبير طبعا.
طيب لنقارن عدد زوار هذه الأماكن مع نفس العدد في البوادي و القرى و جوامعها و مستوصفاتها ؟ أقل بكثير طبعا.
إذا المعلوم هو أن الاكتظاظ من أكبر أسباب انتشار الفيروس، شيء مؤكد و يعرفه الجميع، صحيح؟
إذا ما المطلوب في هذه الحالة ؟
تفتح الطرق بين المدن و العاصمة إيابا فقط و لمدة أسبوع تقريبا، بمعنى يسمح بالخروج من العاصمة و لا يسمح بالدخول إليها، من يريد أن يغادر العاصمة فليغادرها، و بالتالي يخف الضغط على العاصمة و يخف الاكتظاظ.
ماذا نفعل بعد ذلك،
نبقي على إغلاق المدارس، و في حالة الحاجة إلى إجراءات امتحانات نسمح بالقيام بالامتحانات من مكان توجد الطلاب مباشرة دون الحاجة إلى العودة إلى مقر الدراسة الرسمي، بما في امتحانات الجامعة.
نواصل تقليص العمال في المؤسسات (عطلة مفتوحة) و هو ما يعني أن الكثير من الاسر يمكنها الخروج من العاصمة بشكل سلس و دون تبعات اقتصادية عليها خاصة العمال الذين لا يؤدون دورا اساسيا.
ننتظر أسبوعين ليخف الضغط عن العاصمة و بعدها نغلق الطريق من جديد
سيتمكن الكثير من الناس من الخروج من العاصمة و سيخف الاكتظاظ
الاجراءات الصحية المصاحبة :
نستغل هذا القرار إيجابا، كيف، المواطنين الراغبين في الخروج من المدينة سنقوم بفصحهم بشكل تلقائي (خاصة المسنين منهم)، في ثلاث نقاط هي مخارج المدينة فقط، بالتالي سنتمكن من فحص أعداد كبيرة في وقت وجيز (عدنا لمعركة كسب الوقت) سنكتشف حالات بالطبع، لكن باكتشافنا حالات نكتشف أيضا نقطة تجمع داخل العاصمة يوجد بها مصابون، إذا سنتمكن في وقت سريع من اكتشاف عدد حالات أكبر، بالتالي سنتمكن من متابعة تلك الحالات و نقوم بعلاجها في وقت مبرك في غالبية الاحيان.
نشر فرق للفحص العشوائي في انواكشوط و الداخل، خاصة عند اماكن الازدحام، كالاسواق
توفير الأدوية بشكل كبير للمسنين ما فوق 50 عاما
إيجابيات الاستراتيجية :
تخفيف الضغط على المؤسسات الصحة بأنواكشوط
تخفيف الضغط على قوات الأمن مما يساهم في بسط سيطرتها أمنيا على العاصمة و المدن الكبيرة.
تخفيف الضغط على الشقق و المساكن المكتظة بسبب رواد العاصمة في الموسم الدراسي
بهذه الطريقة وحدها سنمنع انتشار الفيروس في العاصمة و سنمنع تعريض الدولة لمزيد من الضغط على الصعيدين الامني و الصحي و هما التحديان الأكبر.
نفتح المجال بشكل تدريجي مرة أخرى و بشروط صارمة، تدريجيا، و هو ما يساعد على اكتشاف حالات اخرى.
توضيح مهم :
ظهور الكثير من الحالات ليس سلبيا اطلاقا، السلبي هو انتشار الفيروس بشكل كبير،
و الله الموفق و هو المعين
ذ. محمد فاضل الهادي

جمعة, 15/05/2020 - 15:42