انواكشوط تسأل الآن... اسألوا لها الله التثبيت...

قد رأيت فيما يرى المستيقظ مدينة انواكشوط تعذب في قبرها عذابا اختلفت أضلاعها منه حتى لم تبق بينهم مساحة للتنفس و قد سالت دموعها و ألجمتها عرقا و هي ترتعد من هول المشهد. فسألت عن سبب هذا العذاب الأليم و المسكينة كانت صابرة محتسبة لم تعرف مظاهر الرقي و لا الازدهار  العمراني كانت صوامة إذا انقطع الماء نهارا و لا تنام ليلها إذا انقطع النور عنها لم تتكبر على أية مدينة و لو كانت أصغر منها سنا محتشمة في حياء لا تخفي بداوتها المعهودة  لم تتزين يوما لأجنبي و لو كان من الدول المجاورة أو الصديقة لا تعرف علوا في المبنى و لا تناغما في الإيقاع.

 قيل لي :

إن المرحومة كانت تتبول تحت فراشها و لا تستتر و لا تتطهر منه و هي عاصمة بلاد شنقيط و مع ذلك لا تحسن قواعد الصرف و لا تميز بين مصدر بؤسها و اسم فاعله و لا تعرف من البحور سوى الطويل و المتقارب يلتقيان فيها في العمق و الدلالة و يختلفان في الشكل و القافية موسيقاهما تحرك في النفس حب المسارعة و الحذر من الغرق فيما لا يتخيل.

و هي المدينة التي لا تحرك ساكنا حين تغتصب في عرضها و طولها و كأن الأمر لا يعني شرف و قدسية سلامة مخططها العمراني و قوانينها الناظمة لحركة تمددها الطبيعي خوفا و حياء و حرصا على ديمومة الفوضاء لم يبدع الشعراء في التغزل عليها رغم طولها فاللهم ما كان من حر التفعيلة غربي الأسلوب أو شرقيا مقلدا لما هو جاهلي.

و بينما أنا حائر أتأمل أمر العاصمة و هي في هذه الوضعية و أسأل الله لها التثبيت إذ سمعت نداء الوطن يصدح به أبناءه من الشرق إلى الغرب و من الجنوب إلى الشمال في مشهد من مشاهد التلاحم غير مسبوق و حالة من اليقظة أملتها ثقافة المرحلة وهم يرددون أيتها العاصمة لا تحزني و أبشري و أملي خيرا فو الله لن يخزيك الله بعد اليوم فقد انتهى عصر التهميش و الإذلال و بزغ فجر اليوم المؤمل و المرجو وتحركت سفينة الإقلاع الاقتصادي على هدي و في اتجاه تحقيق الأهداف الكبرى و المقاصد الجليلة لبناء موريتانيا على أسس العدل و المساواة و المشاريع الخادمة في جميع المجالات وبالطبع فإن انواكشوط في القلب منها فهي العنوان الأبرز و الواجهة الحضرية للبلد ستتغير الصورة بإذن الله و تصبح انواكشوط أجمل و أنظف و أكثر تطورا من أية عاصمة مجاورة بل سنباهي بها مدنا عالمية ستكون شوارعها و ساحاتها العمومية و مسارحها و شواطئها مشاريع مستقبلية تشهد على عهد المعنى الأسمى و برنامج (تعهداتي) عندها خرجت مدينة انواكشوط من قبر تخلفها وهي تنفض عنها غبار السنوات الخوالي و تقول بلسان فصيح لا اعوجاج فيه و بأسلوب سليم المعنى و المبنى : ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إنا ربنا لغفور شكور)، فما كان مني إلا أن قلت مع الجميع أيتها المدينة ماضيك لا أنوي إثارته حسبي بأنك ستتطورين و تكونين أجمل مدينة.

محمد الخرشي

أربعاء, 09/09/2020 - 10:17