قاضي يقدم مجموعة مقترحات للمجلس الاعلى للقضاء

بعد ما يزيد على سنة من تولي الرئيس الحالي لرئاسة المجلس الأعلى للقضاء سينعقد المجلس الأعلى للقضاء في ظروف لا تختلف كثيرا عن ظروف انعقاد المجالس السابقة من حيث تغييب ممثلي القضاة عن المشاركة في إعداد جدول أعمال المجلس وبهذه المناسبة أظن أنّ من الإنصاف والدفاع عن استقلال القضاء لفت انتباه المواطن والفاعلين في المجلس إلى أمور منها:

ـ أنّ المآخذ المسجلة على القضاء ناتجة في معظمها عن تعيين السلطة التنفيذية وأتباعها داخل القضاء في مناصب حساسة لقضاة يكونون من غير المشهورين بالدفاع عن استقلال القضاء والانحياز إلى حماية الحريات الفردية وتطبيق النصوص القانونية و وتفسيرها صوب ما يكرس قيم الديمقراطية ومفاهيم دولة القانون فتعيين مثل هؤلاء في وظائف حساسة من الأمور التي ساهمت بشكل فعال في ضعف مردودية السلطة القضائية وتنامي سخط الموطنين عليها وتتحمل فيه سلطة التعيين ( وزراء العدل ) وأتباعها الجزء الأكبر من المسئولية

ـ أنّه لانتشال القضاء ممّا هو فيه لا يتطلب الأمر جهودا كثيرة بل مجرد تعيينات لقضاة أكفاء على درجة معقولة من الإيمان بمفاهيم دولة القانون تدفعهم إلى الكفاح من أجل تكريسها فتعيين مثل هؤلاء في المناصب الحساسة خاصة على مستوى النيابة العامة والمفتشية العامة للإدارة القضائية والسجون وفي القضاء الجزائي خاصة على مستوى التحقيق في ولايات نواكشوط ومختلف محاكم الاستئناف سيحدث عبره الفرق من ناحية مردودية السلطة القضائية على مستوى الكمّ وجودة العمل وحماية الحريات الفردية وهذا النوع من القضاة متوفر ومعروف لكنه مهمش الآن لأسباب تتعلق بتغليب مصالح السلطة على دواعي مراعاة المصلحة العامة

يمكن تعزيز ما سبق بإدخال بعض شباب القضاة للمحكمة العليا لربط الشيوخ فيها بالفقه والاجتهاد القضائي الحديد في الدول الأخرى خاصة أحكام محاكم الاتحاد الأوربي مثل المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الأوربية وكذلك ما يصدر عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من ملاحظات وتقارير وتوصيات بشأن تطبيق مواد العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية

ستشكل عدم إزاحة القضاة الذين ساهموا في تجريد المواطنين من ممتلكاتهم عبر تطبيق المرسوم رقم: 13/ 2016 مكرّر الصادر بتاريخ: 21/01 / 2016 المنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم: 1355 الصادر بتاريخ : 15 مارس 2016 المتعلق بإنشاء صندوق للمساهمة في محاربة المخدرات والمؤثرات العقلية صدمة كبيرة بالنسبة لمن يعلق أملا على ما يقال من سعي السلطات العليا إلى إصلاح السلطات القضائية خاصة أنّ السلطة الحالية أدركت عجز هؤلاء القضاة عن حماية ممتلكات المواطنين ممّا جعلها تقوم بردّ سياراتهم إليهم عبر تعديل الفقرة الثانية من المادة: 38 من المرسوم رقم: 006\ 2020 المعدل للمرسوم رقم: 127\ 2017 المتعلق بتنظيم مكتب تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة التي نصت على ما يمكن أن يفهم منه أنّ السيارات المحجوزة بموجبه أعني المرسوم رقم: 013\2016 مكرر سالف الذكر تتم تسوية وضعيتها بالتفاهم بين ملاكها ومكتب تسيير الممتلكات المجمدة والمحجوزة والمصادرة ( عدد الجريدة الرسمية رقم: 1455 ) وهذا ما تمّ بالفعل

ساهم تطبيق المرسوم آنف الذكر في تعرية ضعف بعض القضاة وهزّ الثقة في قدرة السلطة القضائية بصفة عامة ع

لقد ظهر من العمل بذاك المرسوم للموطن العادي الناقل وغيره أنّ القضاء عاجز عن حماية الحريات الفردية والعامة بل أصبح بعض المواطنين لا يتردد في إطار أحاديثم معي أنّ الأمور المهمة لا تصدر عن السلطة القضائية بل عن السلطة التنفيذية وأنّ القضاء ليس إلاّ أداة من أدوات تنفيذها

لذا فإنّ ترك أولئك في المناصب التي قاموا من خلال بالمصادرة ينسف مصداقية جميع ما يقال من السعي إلى إرساء قيم دولة القانون كما أنّه يتضمن رسالة مفادها أنّ السلطات الحالية لا تحتاج إلا إلى قضاة من طينتهم وأنّ على القضاة الذين يناضلون من أجل استقلال القضاء وحماية الحريات الفردية عبر نشاطهم اليومي الإقلاع عن ذلك إن كانوا يريدون التعيين في المناصب المهمة

سيشكل المجلس القادم كشف مدى التمسك بما هو معلن من السعي إلى الانحياز إلى صيانة الحريات الفردية وتكريس مفاهيم دولة القانون ذلك أنّ السلطة الحالية لم تفعل أيّ شيء في هذا المجال سوى زيادة ميزانيات تسيير المحاكم في السنة الماضية والعمل على رفعها في السنة القادمة

جمعة, 18/12/2020 - 16:30