بين موقف القضاء وغيره..

لاستجلاء الفرق بين موقف القضاء وغيره من المواقف، فيما يتعلق بضرورة الأخذ بالقسوة، عند الإساءة، يمكن النظر إلى موقفين للنبي صلى الله عليه وسلم، ثبتا منه بأحاديث صحيحة، أحدهما حين قضى بين الزبير بن العوام ورجل من الأنصار رضي الله عنهما، في شراج الحرة الذي يسقون به النخل، فلم يُرْضِ الحكمُ الأنصاريَّ، فقال معترضا: "أن كان ابن عمتك" متهما ـ عفا الله عنه ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ حاشاه ـ بالانحياز للزبير لقرابته منه، فتلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم (غضب) وقال: "يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر"، والموقف الآخر في مقام التصرف العام في شؤون الناس، عندما جاء إليه أعرابي، وجذبه بردائه النجراني الغليظ، حتى أثر الرداء في عنقه، وخاطبه بغلظة مجردا اسمه: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه وضحك، وأمر له بعطاء..
وهكذا نلاحظ أنه في موقف القضاء رفض الاعتراض وغضب من الإساءة اللفظية، وعاقب معنويا، وفي موقف الأمور العامة ضحك وتجاوز عن الإساءة البدنية، واستجاب، صلى الله عليه وسلم/..
قال بن عاصم رحمه الله في التحفة:
ومَنْ جَفا القاضِي فالتَّأدِيبُ <<>> أوْلى وَذَا لِشَاهِدٍ مَطْلُوبُ..

القاضي/أحمد عبدالله المصطفى

أربعاء, 01/05/2019 - 17:55