خواطر..........القاضي/عبدالله اندكجلي

بعد ازيد من سبع سنوات هاانا اعود الي ولايات الشمال الثلاث انشيرى وادرار وتيرس زمور في مهمة رسمية انطلقت من مدينة نواكشوط لاداء تلك المهمة يوم الاحد  الموافق 08/07/2018  في حدود الساعة الرابعة مساء
ما ان تجاوزت الامتداد الحضري للمدينة حتى كشرت الطبيعة عن انيابها في صراع عنيف بين التيارات الساخنة القادمة من اعماق الصحراء وجبال الولايات الثلاث وتلك الباردة المنبعثة من امواج وشواطئ المحيط الاطلسي
كلما ابتعدت عن مدينة نواكشوط ازداد الصراع ضراوة وبدا هامش البرودة في الانحسار شئا فشيئا منذرا بارتفاع غير عاد في درجة الحرارة لم اكد اتجاوز الكلومتر 45 حتي سجل مؤشر الحرارة بالسيارة درجة الثلاث والاربعين
حينما اقتربت من مدينة اكجوجت كانت الحرارة لازالت مرتفعة رغم حلول الظلام انتابني العديد من الخواطر واستعدت شريط الذكريات في سنوات خلت كان فيها العديد من ابناء هذا الوطن يعمل بجد وتفان في ظروف غاية في الصعوبة من اجل بناء دولة ينعم فيها الجميع بالرخاء من بين من تذكرت من هؤلاء اولائك الجنود البواسل الذين طالما حدثني الوالد رحمه الله عن ظروف عملهم في السنوات الاولى لتاسيس الدولة الموريتانية حيث كانت الوسائل شبه معدومة لكن ارادة الجميع ماضية نحو بنائها بماتوفر من امكانيات كان بسط الامن والهيبة علي اديمها يتم بواسطة تسيير وحدات عسكرية محمولة علي الجمال ( الجمالة ) تتحرك علي عموم التراب الوطني طيلة جميع فصول السنة في ظرف اجتماعي يتسم بالبداوة وعدم الاستقرار  اصبح معه من واجب تلك الوحدات التدخل لحل ماتعاني منه تلك الساكنة من مشاكل ومايفرضه تواجدها من تحديات امنية فتدخلت الي جانب وظائفها التقليدية في شتي مناحي الحياة من فض للمنازعات وتقديم للخدمات بشتى انواعها صحة تعليم...........
تذكرت مسميات الاماكن التي طالما عسكرت بالقرب منها تلك الوحدات واهالي الجنود في اكجوجت ( لرباط.  اللوبدة.  تابرنكوت. .........
لم تفارقني تلك الذكريات طيلة المسافة الرابطة بين مدينتي اكجوجت واطار فلم اصل الي ربع من تلك الربوع الا وعاودتني الذاكرة بسلسلة من الاحداث سطرها من سبقونا علي اديم هذه الارض الطيبة.
اخيرا وصلت الي مدينة اطار الحالمة ان تتفوق في شموخها علي سلسلة الجبال المحيطة بها والتي علي اديمها الطاهر ولد الوالد رحمه الله في يوم من ايام 1932 سنة استشهاد الامير المجاهد سيد احمد ولد احمد عيده في معركة وديان الخروب التي اعتبرها المؤرحون اخر معارك المقاومة المسلحة في موريتانيا خاضها الامير حينما قرر الهجرة الي الشمال ومن معه من المجاهدين في محاولة للاعداد لجولة جديدة في مقاومة المستعمر الفرنسي .
علي اديم هذه المدينة الجميلة قرر الوالد رحمه الله الالتحاق بالجيش الوطني حيث كان من ضمن اوائل الجنود الذين شكلوا نواة الجيش الموريتاني.
اكملت المهمة باطار وقررت التوجه باكرا نحو مدينة ازويرات حيث اقصي الشمال الموريتاني الي مدينة المناجم ومكان رافعة الاقتصاد الوطني واحدى الرموز التي رافقت ميلاد الدولة الموريتانية وساهمت في النهوض بها انها الشركة الوطنية الصناعة والمناجم ( اسنيم ) .
سفر يمتد هذه المرة علي مسافة ثلاثمائة وعشرة كلومترات هي المسافة الفاصلة بين اطار والزويرات علي طريق معبد حديث الانشاء ظل الي عهد قريب حلما بعيد المنال لدي ساكنة الولاتين تجلت من خلال انشائه ارادة القائمين علي الشان العام لربط اقصي شمال البلد بجنوبه وشرقه...... بعدما ظل قطار مناجم ازويرات منذ الاستقلال وماقبله نقطة الربط الوحيدة لتلك المناطق بباقي الوطن.
لقد برهن اكتمال الاشغال بهذا الطريق علي حجم مايتمتع به الانسان الموريتاني من ارادة في قهر التصاريس الوعرة من جبال شاهقة........ ودكها للتحول الي طرق سيارة كما هو الحال بالنسبة لجبال ( تنزاك ولعوينات..... )
كما برهنت علي قرب تحقق امل الجميع في ربط البلد شمالا بمحيطه العربي والافريقي الجزائر تونس ليبيا ومصر. ....والصحراء الكبرى كشمال مالي والنيجر واتشاد والسودان..  .... ....
القاضي/عبدالله اندكجلي
سبت, 14/07/2018 - 20:44