سكان "الحي الساكن" يعاقبون إمام مسجدهم{صورة}

امام

تحولت أوقات الصلوات في مسجد بمقاطعة دار النعيم شمال العاصمة نواكشوط، إلى فضاء للجدل حول حرمة التمثيل لأنه “عمل ينافي الدين والأخلاق” من وجهة نظر معارضيه، وشرعيته بصفته وسيلة لتوجيه المجتمع وتنويره من وجهة نظر آخرين.

اكتشف سكان  إحدى مناطق “الحي الساكن” الفقير أن الإمام الذي أدوا الصلاة معه لسنوات هو أحد أبطال مسلسل تلفزيوني بثته التلفزة الموريتانية (قناة الموريتانية حاليا)، في رمضان الماضي، ما أثار حفيظة بعضهم.

أصبح الإمام علي ولد همت على موعد يومي مع حجج وأدلة لا بد لها من إجابات كي يحافظ على مركزه إماما ثانياً للمسجد، يقوم بدور المؤذن غالبا ويخلف الإمام عند غيابه. أي أنهم يسعون إلى عزله تدريجيا، فلا مجال في موريتانيا لـ”إمام ممثل”.

“فجأة واجهني بعض المصلين بانتقادات، وامتنعوا عن الصلاة خلفي  ومنهم من اتهمني بالزندقة والكفر”  يقول الإمام.

تقلص عدد المصلين خلف الإمام علي، الذي لاحظ منذ عدة أشهر أن سكان الحي باتوا يلتزمون بيوتهم كلما  ظهر لهم انه هو الذي سيؤم المصلين، بالمقابل لاحظ أن الصلوات التي يؤمها الإمام الأول تلقى اقبالا كبيرا.

أصبح ولد همت مرغما في كل صلاة يؤمها على الدخول في جدال مع مصلين هجروا الصفوف، ولم يتركوه في حال سبيله. بعض من هؤلاء نصب نفسه مفتيا يزجر الناس عن الصلاة خلف شخص ألفوا لسنوات إمامته.

يقول ولد همت “لم أكن إماما أول، بل كنت أخلف الإمام إذا تغيب أو أقعده المرض عن الصلاة، وفي تلك الأثناء عُـرض علي دور في مسلسل منت الناس، وهو دراما اجتماعية توجيهية، فقلت انه فرصة لأخدم المجتمع  فأساعد في تغيير بعض المسلكيات من خلال التمثيل”.

مَـثّل علي دور رب أسرة  ينكر أبوة فتاة فيظهر في مشاهد وحلقات من المسلسل غير مكترث بالضغوط التي تمارس عليه.   “كنت أريد أن أفضح بعض الممارسات المشينة، لكنني اتهمت بعد ذلك بالخروج على الملة” يقول الإمام وهو يرتب المصاحف على رفوف المسجد الذي بني من الخشب في حي فقير بنواكشوط.

ينظر علي ولد همت خلفه  عند الاستعداد لكل صلاة، فيكتشف أن  الوجوه التي اعتادت الوقوف خلفه  لم تعد هي نفس الوجوه التي كانت تؤدي الصلاة معه. أناس عابرون أدركتهم الصلاة قرب المسجد فانضموا إلى المصلين لكسب فضيلة صلاة الجماعة، أما معظمهم، فلا يعرفون الإمام وربما لو علموا انه أحد أبطال أول  دراما موريتانية  بثت على شاشة التلفزيون، لكان لهم رأي آخر.

محاولات عديدة بذلها الإمام المعزول لإقناع سكان حيه أن التمثيل ليس ذنبا، قبل أن يتقبل بعضهم على مضض فكرة دور الإمام. ومن أجل ذلك اضطر مخرج المسلسل إلى الاستعانة بفقهاء لإثبات أحقية الممثل علي ولد همت بالإمامة في مجتمع لا يزال ينظر إلى التمثيل  بالكثير من الريبة.

جمعة, 25/04/2014 - 13:20