القصر الأحمر بنواكشوط..وملوك الجان:

هو قصر أحمر مائل كبير وجميل ، بني في أواسط القرن الماضي في مقاطعة لكصر، كمقر لمحاكم نواكشوط، وعرف بقصر العدالة.
تصميمه وهندسته المعمارية ملفتة جدا، ومهما طالت معرفتك به، وتعددت زياراتك له، ستظل دهاليزه وأروقته كفيلة بتضليلك عن وجهتك في كل مرة، حتى إذا اهتديت وأمعنت النظر في بساطة الطريق حسبت أنما أضلك ملوك الجان.
يضج القصر نهارا بالعاملين والمتقاضين والقضاة وكتاب الضبط والمحامين والشرطة وغيرهم، ومع كل ذلك الضجيج وتلك الحركية، ستشعر بالقشعريرة، ويخيل إليك أن خلفك من ينفخ على قفاك هواء باردا، كلما مررت من الدهليز العلوي الرابط بين محكمة الاستئناف والنيابة العامة لدى نفس المحكمة، وهو دهليز مظلم في منتصفه نافذة تظهر منها قاعة خاوية من قاعات الجلسات، ويصدر منها صوت مختلط يشبه إيقاعه ايقاع صفير البلابل ولكن ببحة نقيق الضفادع، فتحسب أنها حفلة من حفلات ملوك الجان.
في الليل يكون القصر هادئا جدا، خاليا إلا من صفير هناك وهمهمة هنا وبعض الأضواء الخافتة التي تظهر حينا وتختفي حينا، وربما تسمع حمحمة غامضة كلما ابتعدت عن رفقتك من الأنس، ما يجعلك تتذكر قصة ملوك الجان فتعود لرفقتك مسرعا.
قبل سنوات وبينما الناس في ذروة العمل إذ صدر صوت ضخم من أسفل القصر يشبه صوت الانفجار الشديد، وقد اهتزت له جدران المكاتب، ومازالت بعض تشققاتها بادية إلى اليوم، ومازال لغز ذلك الصوت محيرا، حتى نسبه البعض لملوك الجان
وقد وجد عمال القصر ذات يوم جمجمة انسان، داخل كيس في مكتب من مكاتب الأرشيف أسفل القصر، وظل لغزها أيضا محيرا، وإن كان معضدا لنظرية ملوك الجان.
يتحدث المحامون كثيرا عن سماسرة للملفات والاحكام ترى طحينهم، ولاتسمع لهم جعجعة، ولقد رأيت بأم عيني بعض الملفات تسرع بها الإجراءات من أمامي فلا أكاد الحقها، وهي تنتقل من المحكمة للنيابة للاستئناف للنقض ثم تعود، بينما أبذل أحيانا جهدا مضاعفا لتحريك ملف فتعوزني زحزحته من مكانه رغم كل الجهد المبذول، فأقول هي سطوة ملوك الجان.
قبل يومين قيل إن مكتب المحجوزات لدى وكالة الجمهورية بالقصر تم كسره وسرقته والعبث بمحتوياته، وذلك بالرغم من وقوع القصر على بوابة قيادة اركان الجيش وقيادة اركان الدرك، وكون مكتب المحجوزات مجاور لمكاتب مفوضية الشرطة للانابات القضائية، وبالرغم من حراسة القصر، ووجود مداومة لدى النيابة العامة.
فهل هي حلقة جديدة من حلقات مسلسل ملوك الجان؟!
بسم الله الرحمن الرحيم

من صفحة المحامي/محمدالمامي مولاي أعلي

جمعة, 14/02/2020 - 12:59