لحان التحقيق البرلمانية و الدورالقا نوني

في إطار دوره الرقابي  على الحكومة يقوم البرلمان بصفته نائبا عن الشعب بوضع آليات فعالة متدرجة  ؛ومنسجمة  مع القانون ، لتجسيد هذه المهمة،   التي تتجسد في مراقبة تسير ثروة هذا الشعب  ، ومدى التزام الموظفين العموميين   بالقوانين والنظم الضابطة   لحدود تحرك الحكومة وصلاحيات أعضائها بهذا الخصوص، ولهذه الأسباب  و حرصا على ضمان التوازن المطلوب دستوريا بين السلطات ،منح القانون للهيئة التشريعيةحق   إتخاذ   آليات عملية ومضمونة لمباشرة هذه المهمة  ،وأعتمد  في ذلك  مبدأ التدرج بحسب حجم الإنحراف الحكومي عن الضوابط  المقننة والمتعارف عليها، حيث  يحق للبرلمانين توجيه الأسئلة في نفس السياق  الى أعضاء الحكومة ،والإستماع اليهم  حول تسيرهم  وأخطائهم التي يرتكبون بمناسبة  قيامهم بالمهام الموكلة اليهم  ، فضلا  عن الحق في تشكيل لجان تحقيق برلمانية اذا تطلب  الأمر ذلك .
ولخطورة المهمة المسندة قانونا لهذه اللجان  وضمانا لعدم التعسف في استغلال  الصلاحيات الخطيرة التي يمنح القانون لها ؛تم تحديد آلية واضحة وضوابط محددة يخضع لها عمل لجان التحقيق البرلمانية   ،ويحددالقانون الفرنسي وقوانين دول الجوار  وقوانيننا الوطنية واجبات هذه اللجان ،ودواعي تشكيلها ،وحقوق أعضائها، وطبيعة تشكلتها ،وصلاحياتها .

حيث لا يحق
للبرلمانيين الىذين تقدموا بطلب تشكيلاللجنة أخذ العضوية في هذه اللجان  ،ولايمكنها التحقيق في وقائع   محل  تعهد قضائي ،أو منشورة أمام المحاكم،  ويحق  للجنة التحقيق البرلمانية  الاطلاع على الوثائق المتعلق بموضوع تحقيقها  مهما كانت ،والحصول على نسخ او صور منها ،والإستماع الى الأشخاص المعنيين  مهما كانت مراكزهم ،وإجراءالمعاينات  لجميع الأماكن المتعلقة بوقائع البحث  ،بغرض التحري والاستقصاء  للوصول الى الحقيقة، وهذا يستعدي بحسب المشرع ونظرًا لحساسية الموضوع وضمانا لحقوق الأفراد  العمل في جو تطبعه السرية التامة  ،وبعيدا عن الأضواء والشبه التي قد تفسر   بعدم حسن  النية ، أو قد تشكل تشوشاعلى شفافية عمل اللجنة ،حيث لايحق للجنة نشر ما يمت الى الوقائع محل التحقيق بأي صلة،  ولا يتسرب الى الاعلام  أي خبر عن  تحرك اللجنة ،ولا مداولاتها  ،ولا حتى فحوى شهادات الأشخاص في الموضوعى،لأن الشهود محميون بالقانون  ويرتب عقوبات على  تعريضهم  للخطر ،ولأ ن فحوى الشهادة قد يكون جزءا من الوقائع ولا يستساغ قانونا  أي تسريب   يتضمن جزءا  من التحقيق ، ولا الوقائع ،قبل انتهاء التحقيق وتسليم التقرير النهائي للمعنيين ،ويرتب المشرع الفرنسي  عقوبات جزائية على  الإخلال بضوابط سرية عمل لجان التحقيق البرلمانية ،وتتضح من هنا عدم شرعية اذاعة  أو تسريب الوقائع المتحصل عليها من عمل لجنة التحقيق   ،بما فيها توصيات اللجنة وتعليماتها  ذات العلاقة بهذه الوقائع.
وحول حق اللجنة في الإستماع الى كل شخص تجد  في شهادته   خيطا يوصل الى الحقيقية، مهما كان مركز هذا الشخص  ،ومع أن لها كامل الحق في ذلك  فإن هذا الحق لا يتعدى قانوناإمكانية توجيه الاستدعاء له دون الحق في إجباره عنوة على الحضور، إن رفض ذلك مع تسجيل إرتكابه تقصيرا جسيما مقابل رفضه الحضور أمام اللجنة، فاللجنة في مهمتها هذه لا تأخذ قرارت، ولا تصدر أوامر ،بل  تكتفي بتدوين الملاحظات  ضمن التقرير  وعرضه على الجمعية بعد ذلك .
لأنها لا تملك أي صفة قضائية ،وهنا يجب التساؤل عن مدى أحقية اللجان البرلمانية في تصوير شهادات الشهود ؟حتى إن كان الأمر بموافقتهم ،لما يطرح ذلك من إشكالات حول شرعية الدليل القضائي  ،و حول حق الشاهد وحتى المتهم في عرض روايته للوقائع  بعيدا عن 
جميع الضغوط النفسية والمادية، وهي حقوق يحميها القانون الداخلي، وتشددالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان على احترامها، كما أن تكريس هذا التقليد  قد يكرس  مستقبلا هذا العمل ،حتى يكون عرفايسيئ الى وضعية كل من يجد نفسه مستقبلا في هذه المركز القانوي، وهو  عرف سيظل يفتقد الى التأسيس القانوني الذي يشكل مصدر المشروعية  ؛بحكم أن الصورالمسجلة والفتوكرافية لا تشكل دليلا في محاضر الضبطية القضا ئية أمام القضاء ،مع أنها هنا تم الحصول عليها بالطرق الشرعية في حين لا يستأنس القضاء  ولا يقبل أي أدلة من هذا القبيل
تم الحصول عليها بطرق غير  قانونية،
وفِي الختام يرى بعض فقهاء القانون والتحقيق  الجنائي:
أن تحقيقات الرقابةالبرلمانية عبر  هذا النوع من اللجان تكون أكثر فاعلية ومصداقية ،وأقرب الى الشفافية ،عندما تحال  الى القضاء بعد الوقوف على الخروقات محل البحث  إن أشتملت على جنح وجنايا ، كما يستحسن أن تتم مباشرتها قبل نهاية مهام الموظفين ،قبل إخفاء الأدلة أو هروب المتهمين أو تبديد معالم مسرح الجريمة بتفويت المال العمومي في حالة ثبوت  تهم تتعلق بغسيل أموال أو اختلاس المال العام أو الرشوة.
الخليل بومن  الأمين  العام المساعد للاتحاد العربي للقضاة

جمعة, 10/07/2020 - 20:51