الإصلاح القضائي والموجود المعدوم كتابة الضبط ذ/احمد حبيب صو

لا شك أن تقوية السلطة القضائية وضمان استقلالها يعتبر محوراأساسيا في البرنامج الحكومي وذلك لماله من دورفي الحياةالسياسية والاقتصاديةوالاجتماعية،إذيعتبرمن ركائزدولةالقانون ومرتكزات التنمية وأداة تحقيق مبدأ الإنصاف،إلا أن هناك لبنة من لبنات المؤسسات القضائية ضلت تحت الظل ومن اهمها كتابة الضبط التي تركت للفوضاء وعدم التنظيم لاسباب كثيرة ولعل اهمها غياب القانون المنظم لها ، فإما هي مساعدة أو مشاركة أو ركن ولكل مصطلح اثاره و الآثر الآن الفوضاء وعدم الانسيابيةوالنجاعة .

وعليه ومن أجل أن تنجح جهود اصلاح القضاء كمؤسسة ،لابد من تقوية واجهتها الادارية والإشهادية والضبطية المتمثلة في كتابةالضبط والتي لاتكاد تعدوا وظائف بدون وظيفية وان كان حقا- نظرا لما سطرت لها - من يعتبرها العمودالفقري للعمليةالقضائية برمتها بحجج انها مكان ميلاد القضاياورواجها وهي المخاطبة لجميع المرتفقين من المتقاضين ومساعدي القضاء من المحامين والعدول والمفوضين القضائيين وغيرهم،وهي التي ترافق أطوارالقضايا إلى أن تنفذ،وبالتالي فأي إصلاح،لايستحضرهذاالدورالمحوري سيكون فاشلا لامحالة وأكبرمايجب أن ينصب عليه الإصلاح ،بخصوص كتابة الضبط هو تأهيل الموارد البشرية والهيكلة التنظيمية للمحاكم،وفقا لمايحقق النجاعةالمطلوبة(التنظيم القضائي بجانب تنظيم ادارتها القضائية). إذلايمكن أن ننتظرنجاعة قضائيةبهيكلةمعدومة الوجود قانونيا، كما لايمكن أن نطلب النتائج المرجوة بموارد بشريةغيرمؤهلةولاتحظى بالعنايةالاجتماعيةوالاعتبارية اللازمة. إضافة إلى ضرورة إعادة  النظرفي المنظومة القانونية المنظمة لجميع المهن القضائيةوفق رؤية متكاملة  تنبني على تحقيق التكامل والانسجام والجودة.

ولعل أهميةالهيكل التنظيمي يكمن في النقاط التالية:

1-توزيع الأعمال والمسئوليات والسلطات بين الموظفين  وهذا غائب .

2- تحديد العلاقات لمن يتبع كل شخص ومن هم الأشخاص الذين يتبعون له وتطبيق نطاق الإشراف يكاد يكون في حكم العدم.

3- تجميع الأفراد في أقسام والأقسام في دوائروالدوائرفي وحدات. 

4- تفويض السلطات وتصميم الإجراءات.

5- تصميم الأنظمةوالوسائل لضمان تحقيق الاتصال الداخلي الفعال ومشاركةالأفراد في صنع القراروالتفاعل مع الجمهوروتقديم منتجات جيدة.

6- توفيرالقواعدوالوسائل اللازمة لتقييم أداءالموظفين. .

فكيف لم توحد الهيكلة القانونية والتنظيمية للمهنة ؟ كيف وننتظر  نجاح أو  نفضل فشل المنظومة المؤسسية والإدارية للقضاء بغياب الإطار المنظم لموظفي كتابة الضبط ؟  مع العلم  ان الادعاء بكتابة الضبط أمر بسيط جدا في الواقع بمباركة عدم التقنين والتنظيم فالملفات القضائية عرضة للاهمال ؟اسئلة جوهرية  لم تجد اجوبة بعد ؟ وان  كانت هناك محاولة فلم تخرج بعد للنور!؟ فكيف لمهنة الضبط في المحاكم أن تٌترك بدون قانون منظم  وتترك حقوق المواطنين وأسرار الناس لمن لم يحلف ولايمث بصلة للسلك ابدا وبأي موجب؟ وكل خطأ من هؤلاء يحمل موظفوا الاسلاك ضرره المعنوي ؟

 ولن نغفل ان إقرارمبدأ استقلال السلطةالقضائيةعن السلطتين التشريعيةوالتنفيذية في الدستورلايخلو من ضرورةالحديث عن موقع هيأة كتابةالضبط وتحديد موقعها بين هذه السلط،ومن مالايختلف فيه اثنان أن كل المهام التي تقوم بها كتابةالضبط هي مهام إدارية تنفيذيةغيرقضائية إلاما يتعلق منهابتنفيذ بعض الأوامرالقضائية - ويمكن تسميتها بشبه القضائية - ومن ثم فهي تخضع للسلطةالتنفيذية في حين أن القضاة يتبعون للسلطةالقضائية. وهذه الرؤية مدعومة بقاعدة فقهيةهي ان كلما هواجرائي فهو من وظائف كتابةالضبط وكلمايتعلق بالفصل في الخصومات والمنازعات فهو مناختصاص القضاء.

ولكن لكل شيءحدود فماهي حدوداستقلالية هيأة كتابة الضبط في مشروع اصلاح المنظومةالقضائية؟

إلى حدوداليوم نسجل عدم استيعاب الوزارةالوصيةلأهميةاستقلالية هيأةكتابةالضبطونأسف أن نجد محسوبين على الخط الرسمي من يعتبرذلك رغبةفي الإفلات من الرقابة؛وكأن مالايحق مراقبة كتابةالضبط إلامنجهة بعينها،ورغم أن هذه الاستقلاليةلاتقل أهميةعن استقلاليةالقضاءبشكل عام. فنحن نعلم أن كتابةالضبط تؤدي أدوارامختلفة،فهي إجمالاتقوم بثلاثة أدوارمختلفة لكنهامتكاملة،فهناك الدورالقضائي الذي يتمم جميع مايصدرعن الهيئةالقضائية؛وبدون كتابةالضبط لامعنى لأي حكم قضائي ولال أي قرارقضائي مهماكان مضمونه،والدورالثاني هودورإداريب اعتباركتابةالضبط تدبرمصالح وقضايامختلفةيحضرفيها الطابع الإداري والتدبيرياليومي،إضافة إلى استخلاص الرسوم القضائية والغرامات والعقوبات المالية... ولهذا كنا ننادي -ومازلنا- إلى ضرورة إعادة النظرفي قانون التنظيم القضائي من خلال التنصيص على استقلالية هيأة كتابةالضبط وتحديد هذه الأدواركاختصاصات منصوص عليها قانونا وتحديد صلاحيات رؤساءكتابات الضبط حتى لايترامى عليها مسؤولون قضائيون دون موجب قانوني،وإنمابرغبة في الهيمنةوالسطوعلى اختصاصات هيأة يفترض فيهاأن تكون مستقلةكمافي عددمن الدول الديموقراطية التي تحترم نفسها، فكيف يقوم باعمال كتابة الضبط وفي مكاتبها دون الخوف من انتحال الصفة والجرأة عليها إلا في الايقان بأن لاقانون ينظم المؤسسة وبغياب القانون والتنظيم تدخل الفوضاء والمحسوبية.

وللأسف أيضا مع أن لهيئة كتابةالضبط دورأساسي في تحريك عجلةمنظومةالعدالةفإن هذه الهيئةعانت ومازالت تعاني من العديدمن المشاكل أهمها،أن عدم تقنينها وتنظيمها عرضها لتكون تحت رحمة النظرةالدونيةالتي تطبع هذه الهيئةمنذ تنظيرها في موريتانيا،نظرة تؤدي بشكل أوبآخرإلى إهداركل الطاقات والكفاءات وجعلهامثلالآلة تشتغل بصمت دون أن تساهم في أي إصلاح للعدالة.

وعليه واستجابة للرغبة الملحة في طرح تصوراتنا لإصلاح العدالةآ ثرناإلاأن نبدي وجهة نظرناحول إصلاح منظومةالعدالةوذلك من بوابةهيكلةادارتهاالقضائيةوالمنسقة للعمليةالقضائيةوالاعوان القضائية ولايسعني الاوان ابدي ملاحظةوهي ان كاتبالضبط ليس عونا قضائيا فالعون يمكنا لاستغناءعنه بل هوشريك في العمليةالقضائية وركن في المؤسسات القضائية ولاتصح العمليةالقضائيةدونه مطلقا.

أحد, 28/02/2021 - 19:49