المفكر علي محمد الشرفاء يكتب: إن الحكم إلا لله

 

لم يمنح الله سبحانه لرسول أو نبي أو أي أحد من خلقه أن يكون وصيًا على الناس، فالله يخاطب رسوله بقوله (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) (107)(الأنعام). كما أن الخلق جميعهم يخضعون لحكم الله بكل مذاهبهم وعقائدهم، تأكيدا لقوله سبحانه(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ((17) (الحج).

 

ولذلك فكل الناس سيقفون أمام الله يوم الحساب، وهو الذي يفصل بينهم بالحق وهم لا يظلمون، فليس من حق أي إنسان مهما كان أن يحكم على الناس ويصنف عباد الله ويحكم عليهم بالكفر أو بالإيمان أو بالصلاح، فالله وحده هو الخبير العليم وليس فى سلطة أي إنسان تحديد مصيره يوم الحساب بأن يقرر عقابه النار أو جزاؤه الجنة فيومئذ الحكم لله وحده ولا يعلم الرسل والأنبياء الغيب يوم القيامة.

 

فالإسلام لا يعترف بالشيوخ والأئمة حتى لا يستغلوا مراكزهم الدينية فى الحكم على الناس على عقائدهم وعباداتهم، فيوم الحساب كل الناس سيؤمرون بقوله سبحانه..(اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) (14- الإسراء )، فلن يكون لديه وسيط أو قريب يحمل عنه أوزاره أو يضيف إلى حسناته إنما حسابه حين يقول سبحانه(وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا) (13 -الإسراء ).

 

فلا يغتر الشيوخ ومن يسمونهم بالعلماء بكثرة صلواتهم أو تقربهم إلى الله بالدعاء أو الأعمال الصالحة يبيح لهم أن يختطفوا حق الله فى خلقه فى الحكم عليهم، بل الناس جميعًا سيكونون خاضعين لحكمه دون تمييز لرسول أو نبي أو أي عبد من عباده حيث يقول سبحانه(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (39 -الزمر).

 

والواضح أن الشريعة الإسلامية مصطلح تعارف عليه الناس دون تحديد لمضمونه، ومعرفة عناصره وبنوده ومصادره، وحين ننظر إلى واقع المسلمين اليوم، بشأن التشريع الذى ينظم علاقات الناس، ويضع ضوابط لاستقرار المجتمعات وتعاونها، وتحقيق التكافل بين أبنائها، وتنمية المصالح المشتركة عندهم لما يحقق تطور المجتمعات نحو التقدم والرقي على أسس من العلم والأخلاق الفاضلة والمحافظة على حقوق الإنسان فى حرية العقيدة وحرية العمل والسير فى الأرض بحثا عن الرزق الحلال، ليتحقق التكامل فى المصالح الإنسانية بين أفراد المجتمع.

 

كل ما سبق، هو ما شرعه الله لعباده لأجل عيش كريم يحيطه الأمن والسلام فى كل المجتمعات الإنسانية دون تمييز بين خلق الله، فى النسب، أو الدين، أو المذهب. كما أن ما وجدناه فى الماضي يتكرر لنا اليوم فى مظاهر التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية الذى استقى عقيدته من مرجعيات متعددة لا علاقة لها بشريعة الله، وأطلقوا عليها الشريعة الإسلامية وهي مجموعة اجتهادات بشرية صاحبها الهوى والمصالح الدنيوية وعوامل ظرفية عاشها المسلمون فى حالة من الصراع والاقتتال وسفك الدماء.

 

فقد أفتى كل طرف بتكفير الآخر وضرورة قتاله فسقط آلاف المسلمين، فى موقف يتناقض مع التشريع الإلهي، ويصطدم مع ما سمي بالشريعة الإسلامية التى تحارب المسلمين، وتضيق عليهم أحوالهم وتستبيح حقوقهم، وحرفوا مقاصد آيات الله لما يخدم أهواءهم وأمراضهم النفسية، فلا يطيقون أن يستمعوا لرأي مغاير، فهم الوحيدون أصحاب الحقيقة المطلقة وهم الوحيدون عباد الله الصالحين، وكل ما يفتون به هو الحق، ومن يخالفهم فى الرأي فهو باطل، ويجب محاربته ومنعه من إبداء فكر يتعارض مع أفكارهم منتهى الاستبداد والتشدد فى تعنتهم فيما يعتقدون.!

 

نرجع لمصطلح الشريعة الإسلامية، وهنا نشير إلى أن كل من يستخدم مصطلح الشريعة الإسلامية لابد أن يكون فى قناعته بأنه يتحدث عن التشريع الإلهي فقط الذى جاءت به آيات القرآن الكريم، لأن الإسلام هو رسالة خالدة أنزلها الله على رسوله فى كتاب مبين، ليبلغ الناس به، وينذرهم من يوم عظيم كما قال سبحانه (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ) ( المزمل :17).

 

وكل من يحاول أن ينسب الاجتهادات الفقهية البشرية للإسلام، فهو تدليس على الناس، معتمدا على الروايات والإسرائيليات المفتراة على الرسول، علمًا بان الله سبحانه حذر من الاعتماد على الروايات المزورة على رسالة الإسلام التي ابتدعها أعداء الإسلام، وما في تلك الروايات من تناقض مع آيات القرآن الكريم التى تدعو للرحمة والعدل والسلام والإحسان، وحرية الاعتقاد وتحريم الاعتداء على الناس بكل الوسائل، وتحريم قتل النفس،.

 

إن تلك الروايات ابتدعت أحكاما وقواعد ضد الإسلام وضد الإنسانية، وأصبحت المرجع الأساسي لرسالة الإسلام بعد أن تم تقديس أصحاب الروايات، حيث مكنوا الروايات من الطغيان على الآيات، نشروا الخوف من الإسلام وحرضوا على الفاحشة والصراع والفتنة فى مجتمعات الإسلام، وشغلوا المسلمين بمعارك ضارية فكرية، فرقتهم إلى طوائف متقاتلة مستمرة منذ أربعة عشر قرنًا حتى اليوم، علما بان الله سبحانه حذر المسلمين من إتباع الروايات التى أطلقوا عليها مصطلح الحديث زاعمين أنها أقوال رسول الله.

 

إن عناصر التكليف الإلهي للرسول، هي تبليغ الناس خطاب الله لخلقه، أو أن يتلو عليهم كتابه ويعلمهم الحكمة ويزكيهم ويعرفهم مقاصد آياته وتحذير الله للناس فى قوله سبحانه (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية : 6). فالله سبحانه يستنكر فى هذه الآية، كيف تؤمنون بأحاديث مكذوبة ومصنوعة وتتركون كلام الله الواحد الأحد، الذى منح حرية الاعتقاد للناس جميعًا ودعاهم إلى التفكر فى آياته والتدبر فى قرآنه حتى لا يتم استغفالهم واستغلالهم فى إبعادهم عن الطريق المستقيم الذى رسمه الله لهم رحمة بالناس، حتى لا يضلوا وقد خسروا الدنيا والآخرة.

 

إن المجرمين الذين يسعون لتشويه رسالة الإسلام وما أكثرهم من الذين سلكوا هذا الطريق لتغييب عقول المسلمين وليجعلوهم متخلفين عن ركب الحضارة والتقدم العلمي- تم استخدامهم من قبل أعداء الإسلام، الذى يدعو للعمل والعلم والاكتشافات التى كان يمكن أن يقود بها المسلمون دول العالم إلى عالم أرحب تشرق فيه قيم القرآن من عدل ورحمة وتسامح، مما يجعلهم سادة العالم.

 

إن المؤامرة على المسلمين والإسلام كبيرة، فقد وظف الإسرائيليون الروايات المحدثة وجعلوا المسلمين يبتعدون عن آيات الله المنزلة ليسهل استعبادهم ونهب ثرواتهم، وخلق حالة من الانفصام بينهم وبين رسالة الإسلام، التى تقودهم نحو المجد والقوة، وفرضت التعلم والعلم أحد عناصر رسالة الإسلام الذى احترم الفكر وبه كرم الله سبحانه بنى آدم وجعله خليفة فى الأرض يحكمها بالعدل، ويبني علاقات المجتمعات بالتعاون ويدعوهم للبحث العلمي للارتقاء بمستوى حياة الإنسان فى عيش كريم، قاعدته الأمن والتكافل والسلام والتعاون بين كل البشر لتعظيم المشترك فى القيم والمصالح والتعاون، حيث يأمر الله الناس بقوله سبحانه (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( المائدة :2).

 

لقد آن الأوان لوضع سد مانعً لما يسمى بالتراث، وهو مجموعة السموم التى نشرها أعداء الإسلام ليستمر التخلف لدى المسلمين، ليسهل السيطرة عليهم واحتلالهم. ومن الغريب أن تتحول المؤسسات الدينية فى العالم العربي والإسلامي لتحافظ على كتب التراث المسمومة التى فرقتهم، ونشرت بينهم الفتن والتقاتل، وشوهت صورة الإسلام البراقة التى تشع نورا وسلاما حتى قيام الساعة من خلال كتاب الله وقرآنه الكريم.

 

تأسيساً على ما سبق، نطرح هذا السؤال، وهو: كيف سمحت الدول الإسلامية باستمرار تدمير عقول أبنائها من الشباب على مدى قرون من الزمن، ما نتج عنه تخريج الإرهابيين والقتلة والنفوس التى فقدت كل قيم الحياة، ومعاني البر والتقوى والقيم الإنسانية التى تحافظ على حقوق الإنسان فى الحياة والتطور واستقرار المجتمعات الإنسانية.

 

 فلا يحتاج المسلمون إلى معاهد دينية تحتضن القاعدة وداعش والإخوان المسلمين، وتخرج القتلة الذين يشكلون الخطر المدمر على الأمن القومي فى مصر وفى العالم العربي. فالناس بعد أربعة عشر قرنًا لا تحتاج إلى من يهدم دينها فالقرآن وتعاليمه واضحة لا تحتاج إلى مفسرين ولا إلى دعاة، إنما تحتاج المجتمعات إلى مثقفين ومفكرين وعلماء فى مختلف مجالات الحياة، لا تحتاج إلي من ينشرون بين الأجيال القادمة السموم التى قضت على الهوية الوطنية، وأسست أسباب الفتن بين الشعب الواحد، ليستمر الصراع بينما أعداؤهم مستمرون فى نهب ثرواتهم واستغفالهم، ومحاولة نزع هويتهم العربية والإسلامية، وغرس قيم الانحطاط السلوكي والأخلاق المنحلة فى عقول الشباب لافتقادهم ذاكرة التاريخ ليسهل صياغة عقولهم بما يحقق أهداف أعداء الإسلام.

 

وعلى ما سبق، يمكن القول إن المطلوب خلال الفترة المقبلة، هو يقظة شجاعة تتمسك بكتاب الله وما أمر الناس به في قوله (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ) الأعراف (3) بعدما استنكر الله سبحانه ما سمي بالأحاديث بقوله (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) ( الجاثية : 6)، إنها راية حمراء ترفعها الآية لخطر محدق بالأجيال القادمة، الذين يجب على المخلصين حمايتهم قبل فوت الأوان، والتمسك بكتاب الله، وآياته في قرآنه حتى لا تضللهم الشياطين، ولتخرجهم كلماته سبحانه من الظلمات إلى النور.

 

إن الظروف للمسار الصحيح وتوجيه وحماية شبابنا من الأفكار الضالة أصبحت مواتيه، خاصة وأنه يقبل علينا شهر رمضان الكريم، الذي أنزل فيه القرآن على الرسول الأمين يدعو الله الناس فيه بقوله مخاطبا رسوله عليه السلام لينذر الناس من إتباع الشيطان، وما يدعوهم إليه من الشرور والآثام والقتل والإجرام مما يسلط عليهم غضب الله سبحانه فى الدنيا كما حذرهم بقوله( ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) ويبشر المؤمنين بقوله ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ).

 

 ولذلك من رحمة الله على عباده أنه يريد لهم الحياة الكريمة في الدنيا فى سلام وأمان ويبشرهم في الآخرة جنات النعيم إذا اتبعوا هديه، وتمسكوا بكتابه، واتبعوا تشريعاته وابتعدوا عن محرماته، وتخلقوا بآداب القرآن وسنة رسوله عليه السلام، وتعاونوا على البر والتقوى، وتمسكوا بقيم الفضيلة فى كتابه، واتخذوا الرحمة سلوكا والعدل ميزانا والإحسان معاملة.

 

 كما أن الحرية للإنسان مكرمة من الله، حيث مُنح الإنسان حق الاختيار الحر لعقيدته ودينه ولم يعين الله على الناس وصيا من رسله أو وكيلا من أنبيائه يراقب الناس فى عباداتهم وصلواتهم وتأدية زكاتهم أو محاسبتهم على عدم الالتزام بصيام شهر رمضان، فكل الناس سيقاضيهم الله على أعمالهم، وهو وحده سبحانه له الحكم من قبل ومن بعد على عباده فلا شأن لأي إنسان بغيره فى تعبده وعلاقته مع الله إنما ذلك أمر يحم الله فيه وحده على الناس. فالذين نصبوا أنفسهم قضاة على عباد الله يحكمون على عبادتهم، ويستبيحون حق الله فى الحكم على عباده متحدين بكل عجرفة وغباء حق الله على خلقه ويصادرون أمر الله في آياته، محذرا لمن كذب بكتابه بقوله سبحانه (كذبوا بآياتنا فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ) القمر (42 )، ثم يقول لهم سبحانه (إن المجرمين في ضلال وسعر ) القمر (47)، والذين بدلوا آيات الله بروايات مزورة شوهت صورة رسالة الإسلام بجريمة لا تغتفر فبدلا من دعوة للخير والرحمة والعدل والإحسان بدلوها إلى دعوة للقتل والتخريب للعقل والوجدان تسببت بنشر الفتن والحروب وضياع حق الإنسان في الحياة المطمئنة والعيش الكريم في ظل الاستقرار والأمان. لقد بين الله سبحانه للناس معايير الحكم على عباده التي اختص بها وحده وفئات الناس بكل عقائدهم المختلفة يوم القيامة حين يقفون أمامه لا حول لهم ولا قوة ينتظرون حكم العدالة الإلهية، الذي سيفصل بين أهل الحق وأهل الباطل وكل منهم سيلقى جزاءه جنات النعيم أم نار الجحيم وتحدد الآية التالية بحق الله فى الفصل بين الناس جميعا يوم الحساب، حيث قال سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(الآية17 سورة الحج) فلا يملك رسول، ولا نبي، ولا أحد من خلقه أن يقرر نيابة عن الله جل جلاله حكما على غيره من عباد الله، وكل من تصدى لحق الله فى الحكم على خلقه، فقد اعتدى على حق الله فى محاسبة عباده وحكمه عليهم، وهو سبحانه صاحب الحق المطلق في من سيكون مصيره النار، ومن سيدخل الجنة بأعماله، تنفيذًا لقوله سبحانه(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)(الآية 38 سورة المدثر) وكل من يتصدى للحكم على الناس فقد افترى على الله وكذب بآياته، حيث يصفهم الله سبحانه(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)(الآية69 سورة يونس).

 

ويوم الحساب سيحاسب الناس على قواعد العدل الإلهي التى يقول فيها سبحانه(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (الآية 124 سورة النساء) .فالله سبحانه مطلع على أعمال خلقه ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم المؤمن وما يعمله من أعمال صالحة وهو مطلع على قلوب عباده، وكل أعمال خلقه لديه فى كتاب، فكيف يتجرأ إنسان ويقرر من يدخل الجنة ومن يذهب للنار؟

 

إذا كانت القضية المرفوعة أمام قاضي الدنيا فى محكمة الجنايات لا يستطيع أي إنسان أن يعلم الحكم الذى ستصدره المحكمة فى القضية، فكيف يستطيع أن يقضي الإنسان الضعيف على غيره من البشر، ويحكم بدخوله الجنة من عدمه، أو يعلم أنه مؤمن أو كافر وهو يعلم بأن الحكم لله الواحد الأحد. إن المثال ومضمونه، وما سبق ذكره يوضح بجلاء الجهل بكتاب الله وتشريعاته، وليس كل من انتسب للإسلام أصبح وكيلًا عن الله فى الأرض، ووصيًا على عباده، والله يخاطب رسوله بقوله سبحانه (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) (الآية 107 سورة الأنعام). فإذا كان الله سبحانه لم يعين رسوله عليه السلام وكيلا عنه فى الأرض، فمن أعطى ذلك الحق لأي عبد من عباده، يحكم على الناس كما يشاء، ولذلك وصفهم الله سبحانه بقوله (أمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) (الآية 44 سورة الفرقان).

أربعاء, 24/03/2021 - 16:55