الخصومة المغربية الجزائرية والخيار الموريتاني

.

إن وضع بلادنا  في خضم  الخصومة النّاشبة والمشتعلة دوما بين المغرب والجزائر ، ( كراكب الدراجة الهوائية ، الذي عليه ان يتحرك دائما وعندما يكف عن الحركة يسقط ) .
علينا دائما أن نتحرك من أجل الحفاظ على مصالحنا ، وألا نترك مقعدنا شاغرا على طاولة أي تسوية تحت أي ظرف من ظروف هذه الخصومة ، لأنه مهما طال الزمن لا مناص من تسوية ،وقتها يجب ان نكون حاضرين مع أوراقنا  ، حتى لا تكون أي  تسوية على حساب مصالحنا و سيادتنا على حوزتنا الترابية ، وهذا أمر غير مستبعد لا يمكننا تجاهله.

ان الخصومة بين المغرب والجزائر الرسميتين أصبحت من طقوس يوميات اخبار منطقتنا و الراجح امتدادها لسنوات ما دام الطرفين  غير مستعدين للمصارحة أولا والمصالحة ثانيا....

لِنُؤكد على الحقائق التالية:

* لن تحدث أي مواجهة عسكرية مباشرة بين  جيوش البلدين مهما اظهرا من التشنج والتعصب  والعداء ،لأسباب داخلية كثيرة وخارجية اكثر، من أهمها :ان العالم بقواه العظمى لن يسمح بنشوب "حرب " بمعنى اشتباك بين جيشين نظاميين على حدود القارة الأوربية  .
* ان سباق التسلح بين المغرب والجزائر  يخصم من ميزانيات البلدين سنويا مليارات الدولارات وهذا لن يوصل أي طرف لحالة الردع ، سيبقى  فقط هدرا للموارد وفساد مالي مقنّع .
* سيسعى كلا "الطرفين " لفرض قواعد اشتباك جديدة ، بتوظيف المتاح ( تنظيمات ارهابية ، قطاع طرق، حركات سياسية متطرفة ، وسائل إعلام ، منظمات دولية........،، ) وهو مايفرض علينا اتباع الكثير من اليقظة والاحترافية والتفكير من خارج الصندوق للتعامل مع هذا الوضع المعقد.

* هل بلادنا يمكنها الاستفادة من هذا التوتر وهذا الوضع القائم؟

 
نعم كلا الفريقين - كما هو معروف - يبحث عن سبل تطوير العلاقات معنا وينافس غريمه على كسبنا .

ما هي خياراتنا؟
ليست هناك خيارات ، يوجد خيار وحيد ،هو الحياد الإيجابي ، وهو الثابت الذي يجب تطويره او الأصح الاستفادة منه.

 كيف ذلك ؟ 
العمل على جعل المغرب والجزائر يتنافسون ويتسابقون في الاستثمار وإبرام العقود والاتفاقيات الاقتصادية مع دول الواقعة جنوبا، وعلى رأسهم بلادنا التي لديها الأفضلية ، باعتبارها الحاجز الجغرافي الطبيعي للبلدين والطريق  الآمن والاسرع للوصول الى أسواق القارة الأفريقية .
لنصل معهم الى واقع تكون مصالح الدولتين ( المغرب  والجزائر ) الاقتصادية متشابكة على الأراضي الموريتانية ، ليتحقق ما نسميه بالردع الاقتصادي الذي سيبعد شبح أي مواجهة عسكرية.

بالمختصر  : ( التشابك الاقتصادي اذا حدث في أي منطقة بالعالم، يؤدي في النهاية الى تخفيض هائل في الميول الى العنف وبالتالي انخفاض في احتمالية نشوب حرب ).

و التشابك الاقتصادي المنشود مجالاته كثيرة ومشاريعه عديدة وعناوينه كبيرة منها على سبيل المثال:

* تكثيف التعاون المغربي الموريتاني  في مجالات اقتصادية مهمة مثل الزراعة و الفلاحة .
*  التفكير بدراسة مشروع ربط سكة حديدية أو قطار سريع يربط موريتانيا والمغرب او الأصح بين شمال القارة وجنوبها بدءا من مدينة طنجة مرورا بدار البيضاء -لعيون -الداخلة- لكويرة -انواذيبو -جزيرة تيدرة - الشامي -ميناء تانيت -انواكشوط- انجاكو ، حتى دكار وربط هذه السكة مع سكة حديد دول الساحل المزمع إنجازها  بتمويل دولي.
* تتطلع موريتانيا لبناء وتجهيز مصفاة للذهب وأخرى للفضة والنحاس، بالتعاون مع المغرب.
* الاسراع بتعبيد طريق يربط الجزائر بالشمال الموريتاني ، وبناء طرق سريعة ذات طابع استثماري في موريتانيا.
* التفكير ببناء سكة حديدية تربط الجنوب الجزائري بسواحل الأطلسي من تندوف الى انواذيبو.
* شروع الجزائر بصيانة مصفاة انواذيبو وتشغيلها وتوسيعها وإمدادها بالخام الجزائري.
* الجزائر تنشأ شركة جديدة في موريتانيا تحمل الاسم Neftal بديلا عن شركة Neftec الشهيرة ، التي ستكون يدها العليا في سوق الطاقة الواعد في موريتانيا .
* تعاون سونطراك الجزائرية  مع اسنيم  لبناء مجمع صناعي لتحويل خامات الحديد الى حديد صلب.

تمرير هذه العناوين وغيرها ، سيحدث الأثر الإيجابي في توجيه الرأي العام المغاربي وخلق نقاشات سياسية واقتصادية ، يكون لنا فيها رأي وحضور ، مما يقوي الموقف الموريتاني من هذه الخصومة ، ويدفع لحلحلة هذه الأزمة وإنشاء تحالف إقليمي جديد تحت راية وعلم واحد.

عبد الرحمن محمد المهدي

أربعاء, 06/10/2021 - 00:24