سيدي بون ولد سيدي: رحيل زارع القيم../الصحفي اعل ولد البكاي

انتقل أمس إلى مستقر رحمة الله وغفرانه؛ ابن عمنا الفاضل وسليل أسرة الأكابر السفير الأسبق سيدي بون ولد سيدي عن عمر كرسه للعبادة، والتقوى، وصلة الرحم، والترغيب في عمل الخيرات؛ ناهيك عن خدمة الوطن والمجتمع كليهما.
 ينحدر سيدي بون ولد سيدي من أسرة كريمة الأصل، مشهودة الفضل، زخرفت ظاهرها المآثر، وصقلت باطنها اللآلئ والجواهر؛ مروءة وزهدا ونبلا وشهامة.
 تغذى سيدي بون ولد سيدي باكرا بالنعم وشب على حمدها وتقديس معطيها، وأظلته منذ الصغر خمائل خيمة مجد تليد، واحتضنته أحضان شجرة خير عميم لعائلة كريمة تربت وربت أبناءها على الطهر والنقاء والتواضع والوفاء..
فكان الراحل فرعا نديا من أصول تلك الشجرة المباركة، وقبسا من مشكاة أنوارها سطع نجمه ثمرة جامعة لمضمون ذلك كله؛ فكان رحمه الله رجلا نادرا يستلَذ بقربه، أرِيبا عاقلا لا ينحرف عن نهج أملته عليه طريقة تفكيره، وسلامة فطرته، وجمال ذوقه..
ولعل مما يسهل الخطب ويهون الرزية إن ثقلت ويخفف من هول وطأة المصاب؛ أن الموت مورد الخلائق أجمعين، وأن رجلا عظيما هذا شأنه ودبلوماسيا حاذقا هذه سيرته سيذكره الجميع بالتواضع والإنسانية والوطنية، وبحفظ السكينة والسلم الاجتماعي.. فيا بشراه إذ نعاه الأخيار بخير ما يشهد به الأبرار للأبرار..
لقد ظل رحمه الله حاضرا بلا نفوذ ولا سلطان، قويا بلا مال مطاعا في مجتمعه بلا سلطة ولا إعلام؛ فما بلغ أحد في الدبلوماسية كعبَهُ..
إنه أنبل من عرفته وأزكى من خبرته، وأبهى من رأيته.. إنه بقية خير من الصالحين، وملاذ المستضعفين، ونصير المستضعفين، ومفرج هم المهمومين، ومواسي المكروبين.. كساه إله العرش جل جلاله مهابة وخلق ووقار من لا يجامل ولا يخادع ولا يداري..
إنه طود الطموح يمشي على الأرض، الجليل في مجلسه، الساحر في بيانه ومنطقه، والمهاب في صمته ونطقه..
حلو مجلسه، طيبة رفقته، يحتضنك دائما بابتسامة هادئة تنبئ عن طيب معدنه، وحلاوة جواره؛ وصفاء قلبه، وتمام تواضعه.. حافظ للجيرة، رفيق لليل بقيامه وتجهده وتضرعه لخالقه، وصديق للسحر يقطعه بالاستغفار مستعينا على ورعه باللقمة الحلال.. في رزقه نصيب معلوم للسائل والمحروم..
 وكما يقال الناس معادن، وليس الأصل كالصورة، وليس الصوت كالصدى رغم زمن ارتداء الأقنعة، ويسر المحاكاة.

(ومن النَّاس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللَّهِ والله رءوف بالعباد).
يا من إذا وعد وفى، وإذا توعد عفا، يا ذا الجلال والإكرام:
ارحمه واغفر له واعف عنه، وارزقه الدرجات العلا من جنتك، وارفعه من ضيق اللحود إلى أسمى درجات الخلود، واجعل قبره أول منــازل الجنة، واجعله من خيرة من تظلهم بظلك يوم لا ظل إلا ظلك..
يا رحمن يا رحيم
نقلا عن صفحة الصحفي اعل ولد البكاي على الفيسبوك

سبت, 05/02/2022 - 18:57