حكايتي مع انقلاب 6 أغسطس 2008....الاستاذ/جمال عبٌاد

كان يوم الأربعاء  السادس أغسطس 2008 ،يوما غريبا بالنسبة لي حيث أنه من الأيام المعدودة التي أذهب فيها الي مكان العمل باكرا والحقيقة أنني لا أدري الدوافع الحقيقية لذالك وهل هي ضرورات العمل ،،؟ أم ضرورات الضروريات...!
وعلي كل حال فإنني في صباح هذا اليوم لم أكترث بنصيحة رائعة أتحفنا بها أحد عمداء المحامين عندما كنّا في زيارة مجاملة له في مكتبه أثناء تدريبنا المهني بعد نجاحنا في امتحان الكفاءة لممارسة مهنة المحاماة ، حيث أكد علينا بعد طبعا الكثير من التوجيهات أنه يجب علي المحامي أن يبدأ مشواره الصباحي بالإستماع الي الأخبار المحلية والدولية للإطلاع علي مايدور حوله ولأخذ الحيطة والحذر من الكوارث والويلات والهنوات .
وعلي ذالك فقد قدمت الي قصر العدل بنواكشوط الغربية والعجيب أنني في طريقي من تيارت وحتي قصر العدالة لم ألاحظ أي شيء،،، ولم أسمع أي شيء،،، لكن المفاجأة كانت عند وصولي حيث وجدت قصر العدل خاويا علي عروشه ،ولم أجد أمامي سوي ثلاثة أشخاص هم  السيد سكرتير هيئة المحامين وأحد الزملاء الأعزاء وأحد البوابين ساعتها تلقيت نبأ الحدث الجلل الإنقلاب ، وبينما نحن نستقصي الأخبار إذا برتل كبير من سيارات الحرس الرئاسي مدججة بالعتاد والأفراد سالكة طريق جمال عبد الناصر متجهة صوب قيادة الأركان العامة للجيوش،وعندها تأكدنا من وقوع الإنقلاب وأخذنا نراقب المشهد من  البوابة الكبيرة لقصر العدل والمطلة علي بوابة قيادة الأركان .
وقد كانت مهمة هذه السيارات هي اقتحام قيادة الأركان حسب ماقامت به  الطلائع الأمامية لهذه السيارات قبل أن يتصدي لها الحارسان العسكريان للبوابة والذين -والحق يقال- تصدوا لهم بكل بسالة وشجاعة وعلي ما أعتقد أنهما جعلا سلاحهما  علي أهبة الإستعداد لسماعنا لطقطقته .
وهو ما أرغم هذه السيارات علي التراجع للخلف  حينها ترجل من احدي السيارات ضابط أسمر اللون وأخرج هاتفه واتصل بشخص أخر حيث أخبره بأن الحراس منعوهم الدخول ، طبعا لم نسمع رد المتصل عليه لكنني أعتقد أنه كان حكيما لأن هذاالضابط أعطي فورا أوامره للسيارات بالرجوع  عن البوابة وقطع الطريق من الشرق والغرب بينما باشرت السيارات الأخري مهمة التفتيش.
عندها والحمد لله هدأت الأمور وتركنا الجميع بالسلامة،انها فعلا لحظات خطيرة جدا كنّا شهوداعليها كادت أن تكون كارثة حقيقية وتحول مجريات الأمور الي أحداث لاتحمد عقباها.
ان الفضل كل الفضل  بعد عناية الله يرجع الي حارسي  قيادة الأركان علي شجاعتهما الأسطورية والضابط آمر الكتيبة علي عدم تهوره ومسؤوليته  وأيضا قائده الذي أعطاه الأوامر فقد كان حقا حكيما وأنقذ الجميع من مأساة حقيقية .
وفي الأخير فإن هؤلاء يستحقون من الجميع الإشادة والتكريم  ونتمني علي الجهات المعنية تكريمهم بمناسبة عيد الإستقلال الوطني لأنهم حقا أبطال وطن .
ذ/جمال ولد عباد

ثلاثاء, 06/08/2019 - 15:10