كان يقول رحمه الله إن كل الطرق تؤدي إلى الله، وإن العلوم الطبية أفضل منظار لتأمل قدرة الخالق، فعالم الأنسجة والشرايين والإخصاب والإنجاب والحياة والموت يحيل في كل تفاصيله إلى معجزة الخلق وعظمة الخالق...
***
محمد ولد أحمد عيشه غائب حاضر، خالد مخلد ... نبغ في العلوم الطبية، طبيبا ناجحا وجراحا ماهرا وأستاذا باحثا، وضابطا شجاعا مخلصا لوطنه.. اعتبر الطب ممارسة إنسانية، فكان رغم قامته العلمية الرفيعة متواضعا للبسطاء ، محبا للضعفاء، مواسيا للفقراء.. يعالج مرضاه بقلبه وعقله وعلمه ووجدانه وكأنه واحد منهم.. كأنه ابن الشيخ المتعالج وأخ الشاب المتردد للمعاينة.. وكأنه عميد الأسرة الصحية بكل مكوناتها..
كانت يده بلسما شافيا.. كانت لمسته الدافئة مجسا آمنا لنبض المريض...
كان أبقراط الموريتاني.. متحليا بكل الأخلاق.. نزيها، صادقا.. صابرا.. كاتما للسر المهني.. مخلصا في عمله...
***
الأستاذ محمد ولد أحمد عيشه لم تبهره الشهادات والأوسمة والنياشين – وقد جمعها عن جدارة – ظل ينفذ ببصيرته إلى جوهر المعاناة الإنسانية..
كانت سعادته تكمن في إعادة البسمة إلى أم تعافى رضيعها... أو شيخ ميؤوس من حالته أعاد الله إليه العافية والأمل على يديه... أو أسرة مكلومة عاجزة ماديا عن توفير الدواء منحها خبرته وأغدق عليها سرا مما في جيبه لتتجاوز فاقتها ومحنتها...
كان رحمة لمن في الأرض.
***
كان بارا بوالديه، وفيا لذويه ولكل الناس يمنحهم كل شيء دون من أو رياء.
***
كان عقلية علمية ذات أبعاد متعددة، فهو الطبيب الماهر وهو الأستاذ الباحث، وهو المسير الصحي المنظم للمستشفى، الحريص على راحة مرضاه وحين استقبال مراجعيه.
***
محمد ولد أحمد عيشه رغم رحيله المبكر، خلف علما نافعا في صدور الرجال و خلف صدقات جارية، وخلف ذرية صالحة بإذن الله تدعو له بالرحمة والغفران... وخلف قيما أخلاقية سامية فاضلة راسخة عابرة لكل زمان ولكل مكان نافعة لكل إنسان.
فهنيئا لروحه المؤمنة برفقة الشهداء والصالحين.
بقلم سيد أحمد بن أحمد عيشه/ صحفي