من يصنع رئيسا لمجلس الشيوخ من محسن ولد الحاج .. من يصنع قائدا عاما للجيوش من ولد الغزواني .. من يصنع رجل أعمال بارز
من أفيل ولد اللهاه .. من يصنع عاصمة سياسية من العصماء .. من يصنع أمجاد “أمة” من يوميات دليل الفرنسيين “الطرنيش”.. من يصنع شعارات “الفكر الجديد” من تراث المرحوم “كاردن” .. من يصنع من بهاي ولد غده صانع رأي و وجها إعلاميا بارزا، لا “ساحل” له .. من يصنع من امربيه ربو وزارة داخلية بديلة .. من يصنع من عصابة “شبيكو” نظاما مصرفيا “احتياطيا” .. من يقر في كامل وعيه أمام المحكمة العلياء بامتلاك عشرات المليارات من ريع حمام أشبه بمطبخ، قرب المدرس 2 في لكصر..
من يصنع من بائع الباكلوريا رئيسا للمحكمة الدستورية …. من يصنع من لاله بنت الشريف وزيرة للثقافة و بنازير “حراك شبابي” بلا خارطة طريق و لا قضية.. من يصنع من بنه و أعيمر مسرحا قوميا لإظهار الدور التاريخي للبلد في القارة .. من يصنع من “الساحل” و “شنقيط” إعلاما مرئيا لفضاء ديمقراطي متقدم في المنطقة ،
لا يؤمن و لا يكفر بأي شيء في الوجود و لا يكترث لأي شيء في الوجود و لا يخجل من أي شيء في الوجود..
فلنتجاوز هذه الثلاثة بعد الختم عليها بالشمع الأحمر : لا يؤمن ولد عبد العزيز و لا يكفر بأي شيء في الوجود .. لا يكترث ولد عبد العزيز لأي شيء في الوجود .. لا يخجل ولد عبد العزيز من أي شيء في الوجود..
حين نتجاوز هذه الحقائق، تصبح قراءة ما يفكر فيه ولد عبد العزيز اليوم ممكنة، انطلاقا مما يعلن و ما يضمر و ما يحتاجه و ما يفكر فيه:
يملك ولد عبد العزيز كل ما يحتاجه للفوز بسهولة في هذه الانتخابات : أفضل ضاربة رمل في البلد، أفضل سحرة في البلد، حبر سري مجرب، لجنة وطنية للانتخابات مفصلة على المقاس، معارضة معارضة خاملة و متعودة على الهزائم، معارضة غير معارضة تكذب على شعبها و تكذب على أتباعها و تكذب على أعدائها، صحافة خدمات عامة تعمل تحت الطلب، “نخب” ممسوخة تعتبر الوطنية خرافة إنسانية والخيانة و جهة نظر، لوائح نسائية متحررة من قيود المجتمع و الديمقراطية، ولاة و حكام لولد عبد العزيز لا لموريتانيا، كتيبة جنرالات مزورة معفية من القانون و الأخلاق، ميزانية بلد كامل بلا رقابة و لا محاسبة و لا آرشيف…
أمر هذه الانتخابات إذن، (و أنا أشك في إمكانية إجرائها بأي حال) محسوم عند ولد عبد العزيز : و هو لا يبحث عن من يصوت له و لا من يناصره و من المرشحين يختار الأسوأ سمعة و الأقل شعبية كأنه يقول للناس بوضح، إنه لا يثق إلا في وسائله الخاصة (..!؟) تماما مثل ما فعل في المرة الماضية و تماما مثل ما أثبت فيها أنه لا يحتاج صوت أحد و لا ولاء آخر ليفوز في انتخابات هو وحده من يصمم بطاقاتها و يختار حبرها و هو وحده من يشرف على حالتها المدنية و هو وحده من يختار لجنة الإشراف عليها و هو وحده من يختار من يشاركه فيها و هو وحده من يملك الحق في إدارة عمليتها الفنية و التحكم في الأجهزة الضابطة لأسرارها ..
ـ هذا من ناحية ولد عبد العزيز،
ـ و من الناحية الأخرى، “يشارك” حزب بيجيل و حزب ولد الددو و حزب عبد السلام و مسعود في هذه الكعكة بحسابات منطقية و بسيطة : يحتاج ولد عبد العزيز إلى وجود مجموعة في حدود الثلث أو أقل بقليل من “المعارضة” في برلمانه لتبرير ديمقراطية نظامه (أو فوضاه على الأصح)، أي أنهم هم الآخرون لا يحتاجون إلى جمهور مناصر و لا مصوتين لأن ولد عبد العزيز إذا لم يعطيهم هذا النصيب (النصاب) لن يكون ديمقراطيا و بالتالي عليه هو أن يقوم بالحملة بدلا منهم، لا بماله لأنها حملة لا تستهدف الجمهور و إنما بتجاوزاته .. لأن التزوير هو حزب ولد العزيز الأوحد و التفنن فيه هو باعه و دهاؤه الأوحد ؛ فهو الآن يدخل هذه الانتخابات بلجنة وطنية مزورة و معارضة مزورة و موالاة مزورة و أوراق ناخب مزورة و أوراق حالة مدنية مزورة و حياد مزور (حياد أجهزة الدولة و وسائلها الضخمة و رتب جنرالاتها المزورة، المضحكة مثل رئاسة ولد عبد العزيز للدولة و رئاسة مستشاره السامي محسن ولد الحاج لمجلس شيوخها)
هذه هي الخطوط العريضة للمجسم الانتخابي و المفاهيم العامة لمنطق عدالته..
المشكلة أن إدارة أمربيه ربو أي وزارة داخلية ولد عبد العزيز الحقيقية تخرجت لتوها (من دون أن يفهمها “السياسيون” المشاركون) من أخطر تكوين سري على تزوير الانتخابات و هو توزيع القطع الأرضية المشابه له بالضبط بدرجة المعادل الموضوعي عند النقاد:
ـ فلا شك أنكم رأيتم كيف كانوا يأخذون الجرارات و طوابير الشاحنات لتأهيل مناطق نائية لا مدارس فيها و لا نقاط ماء و لا نقاط صحية لترحيل الأقل حظوة ممن لم تتسع لهم “الكزرة” القديمة بسبب اكتظاظها و توزيعها غير العادل و هيمنة اللجنة على أهم مواقعها و تدخلات الجنرالات و كبار النافذين هنا و هناك في تفاصيل توزيعها..
1 ـ تأملوا كيف تم تأهيل “الحراك الشبابي” و “الكرامة” و “الفكر الجديد” لاستيعاب الأقل حظوة، المرحلين من “الكزرة” القديمة (الاتحاد من أجل الجمهورية) و صراخهم (الأكثر من استياء و أقل من تمرد) و تدخل الجنرالات و النافذين في التفاصيل هنا و هناك و قارنوها بما حصل في “الترحيل” و “لمغيطي” (و حتى الغلاوية)..!؟
2 ـ تذكروا كيف كانت اللجنة “تبيض” الأرقام و تلعب على وتيرة المساحات العمومية و تتجاوز تعمدا ثلث القطع بأكثر من دعوى للاحتواء على بعضها تحت غطاء تعليمات الجنرالات و النافذين الآمرين بتشريد أصحابها و صرفها للأهل و المقربين.
ـ تذكروا تيه من يقع عليهم الظلم من المواطنين حيث ترسلهم اللجنة إلى الحاكم و الحاكم إلى الوالي و الوالي إلى الوزير و الوزير إلى اللجنة و اللجنة إلى الحاكم و الحاكم إلى الوالي و الوالي إلى الوزير في دائرة مغلقة بلا نهاية..
ـ تذكروا أن جميع سكان “الترحيل” مستاءون اليوم ..
هذه هي المرحلة القادمة من الانتخابات على مستوى الموالاة و قد تخرجها بمعجزة نظرا لضيق الوقت لكنها ستخرجها بخسائر مؤكدة، أقلها استياء عام و صورة واضحة عن عصابة الجنرالات، لن تخدع أحدا في المستقبل و مستقبل ولد عبد العزيز هو الانتخابات الرئاسية القادمة بعد حين..!؟
* لا أستبعد شخصيا أن يكون طمع ولد عبد العزيز و جهله و ازدراؤه بخصومه و شركائه على السواء، سببا كافيا لإجهاض مشروعه و كشف حبره السري و تعرية الحبل السري لقصة تزويره المعلنة بصراحة من خلال رعونته و حماقاته الطفولية التبجح و التمظهر و المزاجية. و يصعب عادة على أمثال ولد عبد العزيز من المؤمنين بنبوءات ضاربات الرمل و المشعوذين، و الجاهلين لتاريخ الشعوب، المعوضين عن الحكمة بالطيش و الحنكة بالغرور، أن يفلتوا من لحظة انفراط العقد المترصدة لأمثاله بالدوام في قدر غامض بلا مقدمات..
لا يفكر ولد عبد العزيز اليوم في كيف يحصل على أغلبية برلمانية مريحة في انتخابات يخوضها وحده بسبب مقاطعة البعض و تواطؤ البعض و عدم وسائل البعض و عدم أهلية البعض و جبن و عدم مسؤولية الجميع ، إلا أنني أستبعد شخصيا أن لا يقع في وحل التفاصيل..
يخوض ولد عبد العزيز معركته على ثلاث جبهات في تلازمية معقدة و مربكة :
1 ـ الأولى ضد عبور أشخاص معينين إلى البرلمان
2 ـ الثانية لفرض عبور أشخاص معينين إلى البرلمان
3 ـ و الثالثة ضبط حسابات القسمة (على المعارضة غير المعارضة و أحزاب ذيول مجرة الموالاة) حسب الجدول المقرر عنده، بين أحزاب يعتبر بعضها انتهازيا و بعضها عدوا محتملا و بعضها عدوا مؤكدا و كلها مصدر قلق دائم ؛ لأن ما يشغل تفكير ولد عبد العزيز اليوم هو الحصول على برلمان نموذجي يحرص على مصالح البلد و استقراره، سيطالب بتغيير القانون الفاجر الذي يحرم عليه الترشح لمرة ثالثة و رابعة ..
إدارة هذه اللعبة الصعبة لا تتطلب عمليا (أي تزويريا) أكثر من القائمة الموحدة و الحبر السري لكن إعدادها مسبقا وفق تصور مبني على معلومات سابقة للحملة من دون توقع بعض التغيرات المفاجئة (مثل صعود بيجل الصاروخي) ستربك النظام و تكشف تزويره الفاضح للجميع و إذا لم تخلق له مشكلة كبيرة الآن، ستخلقها له حتما في الانتخابات القادمة التي يعتقد الآن بأنها لن تكلفه جهدا كبيرا و سيكون أقل هذه المشاكل الوقوف في وجه جميع أساليب تزويره من استخدام وسائل الدولة إلى استخدام أساليب الغش و هو أمر يكفي لهدم الثقة بينه و بين العالقين في وهم أبهته من المرتزقة المشكلة لنسبة 99% من جمهوره..
أما الشق الثاني من العملية، فقد تم تدبره بإحكام عن طريق فرض لائحة من “الرجال” و “النساء” بالتساوي و أخرى من “النساء” فقط، و هي عملية ستضمن بكل تأكيد أن لا يكون من بين البرلمانيين القادمين حتى لو كان معارضا للنظام، من يستطيع إثارة أي موضوع أو فهم أي آخر..
و من المشاكل القائمة اليوم و المرتبطة بالتفاصيل المعقدة التي تم تجاوزها:
ـ هل ستطالب الأحزاب المشاركة مع ولد عبد العزيز (بالصريح أو بالتلميح)، بنصيب كل المعارضة المشاركة و غير المشاركة أو ستكتفي بنصيبها فقط؟
ـ هل سيتحكم ولد عبد العزيز في آلية التزوير لتمشي على إيقاع المتغيرات على الساحة أم أنه سيفكر في حشر بيجل في زاوية ضيقة بعد قطعه من المعارضتين المشاركة و المقاطعة من خلال تعهدات مغرية لمسعود، بدأ الحديث عنها منذ فترة؟
أعتقد شخصيا أن المعارضة غير المعارضة ترى أن فضلها على ولد عبد العزيز أكبر من فضل أغلبيته عليه و بالتالي سيكون من الصعب أن ترضى بأقل من نصيب كل المعارضة ..
و أعتقد جازما أن رجلا عادلا مثل ولد عبد العزيز لا يمكن أن يقدم على توزيع نصيب ولد داداه و ولد مولود وصالح و المحامي الكبير بتاح على أحزاب لا تستحقها بولائها للمعارضة المعارضة و لا بوفائها للأغلبية المتعرضة..
و حسب رأي العارفين لولد عبد العزيز و أنا أولهم، سيكون من الصعب عليه (حتى) أن يعطي أحزاب المعارضة غير المعارضة نصيبها من دون أخذ عمولته المعهودة، لا سيما أنه يحتاج هذه العمولة لتوزيعها على أتباع المجرة من المرتزقة غير المنظمة و غير “المؤهلة”.
يبقى أن نعرف ما إذا كان ولد عبد العزيز سيفي (على غير عادته) بتعهداته لمسعود ولد بلخير بإعطائه منصب زعيم المعارضة و هي عملية تتطلب حصول حزبه على أكبر عدد من النواب ضمن مجموعة المعارضة غير المعارضة أم أنه سيلجأ إلى إكراهات (الخطة “ب”) ليسكت بيجل بتوليها؟ و معروف أن مسعود ولد بلخير لا يسكت عن “حقه” حتى لو كان يراد به باطل (مثل ما هي الحال هنا)، لا سيما أن هذا “الحق” سيحقق له حلمين كبيرين الأول انتزاع مكانة صديقه اللدود أحمد ولد داداه عنوة كما يتمنى و الثاني أنه سيسمح له ـ تعويضا لميزانية البرلمان ـ بتسيير ميزانية المعارضة على طريقة ولد داداه الذي كان يعتبر حزبه المعارض الأوحد و صاحب الحق الأوحد في ميزانيتها..!
و يعقد هذه العملية الجراحية الخطيرة أكثر، طمع ولد عبد العزيز و جراءته على التجاوزات القانونية، حيث رسم كل شيء مسبقا ليصبح ولد أبيليل رئيسا للبرلمان و انجاغا جينغ لمجلس الشيوخ . و سيكون مطلوبا من هذه الانتخابات العادلة و الشفافة أن تستجيب لكل هذه المسطرة بمعجزة غامضة لا أحد يعرف من أين يستورد عصاها السحرية و لا حبرها السحري..
و كما أن لدينا معارضة معارضة و معارضة غير معارضة لدينا أيضا معارضة معارضة و غير معارضة هي الحزب الإسلامي (جناح أمريكا) الذي عاد من منتصف طريق المعارضة و لم يصل بعد منتصف طريق الموالاة ؛ و صحيح أن ولد عبد العزيز يعود له الفضل الأكبر (عن طريق أياديه الخفية) في مشاركة الحزب المباركة في هذه الانتخابات الشفافة و النزيهة لأنه كان يحتاجها لإقناع المسؤولين السعوديين و الخليجيين (عن طريقهم) بعد زيارته الميمونة للديار المقدسة لأداء فريضة التعاون الأمني، بتمويل حملته لمنع الإسلاميين (الجناح الأمريكي) من الهيمنة على البرلمان و المجالس البلدية بعد تواطؤ الاتحاد الأوروبي مع المعارضة المعارضة و حجب التمويلات عنه ما لم يشرك أصدقاءها الأوفياء في اللعبة ..
لكن أيضا،
ـ هل ستقبل المعارضة غير المعارضة بتقاسم نصيب المعارضة من المقاعد مع الإسلاميين (جناح أمريكا) و هم ما زالوا يحسبون أنفسهم على المعارضة المعارضة؟
ـ هل سيتبرع ولد عبد العزيز (على غير عادته) ببعض عمولته من المعارضة غير المعارضة للإسلاميين (جناح أمريكا)؟
ـ لكن أيضا و أيضا،هل يعقل أن يشارك الإسلاميون (جناح أمريكا) بفضل جهود ولد عبد العزيز الخفية في الانتخابات المباركة بكل هذه الأموال من دون أن يدفعوا له عمولته ؟
أمور معقدة كلها بالفعل و متشعبة حد الإرباك، يصعب التفكير في الخروج منها، وحده ولد عبد العزيز من يتجاوزها بسهولة لأنه بكل بساطة لا يفكر..!
هذه انتخابات تذكرنا ببنطلون موريبو الذي ظل يقص من رجله هذه و تلك لضبط مقاساته حتى انتهى. إنها موريتانيا “الفكر الجديد” بحق.. إنها موريتانيا “الحراك الشبابي” و الطفولي و الطفيلي بحق:
“إذا كان الغراب دليل قوم فما على القوم إلا (الرحيل)”!!!؟؟؟
هل قال الشاعر “الرحيل”؟
نعم ما على القوم إلا “الرحيل”