لا شك أنكم لاحظتم ما تتعرض له جالياتكم في العديد من الدول الافريقية مما يقتضي التفكير بشكل جدي في اتخاذ الاجراءات اللازمة للتصدي لمخلفات تلك الهجمات الهمجية التي يتعرض لها الموريتانيون دون غيرهم ودون أدنى وجه حق.
اذا كانت احداث السنغال تعد هي الأكثر دموية وألما لتلك الجالية فان ما حدث في وسط افريقيا - أنغولا- وأخيرا الغابون يعتبر كارثيا حيث ذهبت مليارات الفرنك الأفريقي مهب الريح في لحظة وتعرض تجار عديدون للابتزاز لنقلهم الى مقر القنصلية وحوصرت اسر في دورها وذلك دون ان تتحرك السلطات لنجدتهم بعد وعود كاذبة وتطمينات سابقة من ضباط وشخصيات وازنة ، مما يعني لا شك اضافة العديد من الضحايا الى سجل تلك الجاليات المسالمة التي لا شان لها بأية صراعات تحدث في تلك الدول ولا ذنب لها سوى انها تعشق التجارة وتتمتع بذكاء يؤهلها للمنافسة بل السيطرة حيثما حلت.
لقد أخذتم على عاتقكم الدفاع عن جالياتكم وانشاتم جسما وزاريا وبرلمانيا لذلك ورغم ذلك لا زالت تلك الجاليات تتعرض لتلك الاعمال الاجرامية دون توقف ، الامر الذي يستدعي منكم مراجعة تلك الخطوات او اختيار أشخاص قادرين على الاطلاع بالمهمة ، ان لديكم علاقات جيدة مع العديد من الدول الافريقية ولديها جاليات ببلدنا تتمتع بالامن وتمارس نشاطاتها دون مضايقة يجب استغلالها بشكل امثل وانتزاع الضمانات الضرورية لحماية جالياتنا وتعويضها وفي نفس الوقت يجب ان تكون هناك خلية على اعلى مستوى تتواصل مع تلك الجاليات باستمرار قادرة على تقييم الأوضاع في كل بلد واتخاذ التدابير الوقائية بالتنسيق مع تلك الجاليات في الوقت المناسب .
لقد حان الوقت لوضع خطة قادرة على حماية جالياتنا وتوعيتها بالمخاطر المحيطة بها وتشجيعها على العودة بشكل تدريجي للاستثمار في وطنها كما تفعل العديد من الدول المجاورة لنا حيث تقدم لهم إعفاءات ضريبية وقروض بنكية ولابنائهم فرص التشغيل والدراسة في ظروف مرضية .
لم يعد مقبولا ان تظل الدولة غائبة او مغيبة عن لعب دورها في حماية رعاياها وتقديم النصح لهم وفي بعض الأحيان إلزامهم بما تقتضيه المصلحة العامة.
اذا كانت الدولة لم تستطع التدخل في الوقت المناسب لحماية جالياتنا في افريقيا بسبب سرعة الأحداث فيها فان بامكانها التدخل لإنقاذ جاليتنا بالمملكة العربية السعودية التى وجدت نفسها في مأزق لا تحسد عليه ، اذ لا يخلو بيت موريتاني هناك من وجود شباب من الجنسين توقف مشوارهم الدراسي عند الثانوية بسبب القوانين المطبقة هناك بالنسبة للوافدين ، مما يعني ضياع جيل باكمله وتركه يواجه مصيره بنفسه بعد ان عجزت اسرهم عن التكفل بهم بسبب الغلاء المعيشي ومحدودية الدخل والتقدم في العمر .
امام هذه الوضعية الكارثية تجد الدولة نفسها ملزمة بالتدخل لدمج تلك الأسر في مجتمعها قبل ان تقع الكارثة وتجد نفسها امام أفواج من المهجرين في لحظة ودون سابق انذار، فالوضع الاقتصادي والقوانين المطبقة على الوافدين ستؤدي لا محالة الى اتخاذ السلطات لقرارات صعبة ولكن ضرورية للتخفيف من اعباء المقيمين على الدولة ، لذا لا بد من التحرك بسرعة والاتصال بتلك الجالية وإحصائها بشكل دقيق وتوعيتها والتكفل بأبنائها الذين نحن في بلدنا في أمس الحاجة لهم كطاقة شبابية اذ يمكن دمجمهم وتأهيلهم بسرعة في معاهد التكوين المهني ومنح اسرهم قطع ارضية وقروض ميسرة لكي يتمكنوا من العودة الطوعية لوطنهم فهم مدركون انه لا يوجد بديل عنه ولا بقاء لمعظمهم في المملكة بعد ان تقدم بهم العمر وأصبح هاجسهم ضمان مستقبل مستقر لأطفالهم.