قصة أكبر محاولة اختطاف شهدتها موريتانيا(تفاصيل مثيرة)

chabarno

علي بعد أمتار من السوق الكبير بتوجنين كان أول لقاء جمع بينهما، وفي المستشفي بعد اللقاء بثلاثة أيام تم حبك أولي خيوط العملية الأصعب في تاريخ البلد، والأكثر مرارة علي الحكومة والشعب والأجانب.

 

شهر ديسمبر 2007 يتصل الناشط السلفي الراحل معروف ولد الهيبة برفيق دربه محمد ولد شبرنو (أبو مسلم) مخبرا بعودته من الشمال المالي حيث معسكرات القاعدة، وخصوصا الرجل القوي ساعتها في التنظيم مختار بلمختار المعروف ببلعور.

 

  تأخذ المكالمة نهايتها، ويتفق الرفيقان علي تحديد موعد قريب، إنه الغروب من نفس اليوم قرب السوق المركزي وتحديدا في أحد المنازل المتواضعة بالحي الشعبي المعروف محليا بكزرة توجنين شمال السوق،حيث خاض الجيش أولي تجارب الحصار الفاشلة لاعتقال البائع المتجول الشهير.

 

يتحدث معروف ولد الهيبة باسهاب عن أجواء المعسكرات، والإعداد "للجهاد"، وعن العلاقة المتنامية بين رئيس الكتيبة والشباب الموريتاني،رغم المرارة التي يحتفظ بها الموريتانيون له بعد أن أشرف علي أقسي مذبحة تعرض لها أبرياء مرابطون علي الثغور في "لمغيطي" سنة 2005.

 

يقول ولد الهيبة إن المختار بملختار كلفه بخط سياح غربيين من موريتانيا.

 

لقد كانت لعبة سهلة تدر علي التنظيمات الجهادية أموالا ضخمة من العملة الأوربية.

 

يعد الوافد الجديد إلي الساحة الموريتانية بتوفير مستلزمات العملية، إنها تتطلب سلاحا رشاشا (أكلاشنكوف)، وسيارة صغيرة، وبعض النقود للتحرك والاتصال والتموين.

 

ساعة الصفر

 

بعد ثلاثة أيام بالضبط يتلقي محمد ولد شبرنو اتصالا هاتفيا آخر من "معروف" يسأل عن أحواله ومكانه.

 

يرد الأول بأنه في المستشفي مع طليقته ونجله، وعلي الفور يلتحق به اثنان هما معروف ولد الهيبه وسيدي ولد سيدنا في سيارة "مرسدس" زرقاء داكنة، وقد عزما علي القيام بعملية اختطاف جديدة في مغامرة أشبه ما تكون بالأفلام الغربية،دون سابق تخطيط أو بحث لآليات التعامل مع الواقع الذي قد تفرضه متغيرات المشهد الأمني بموريتانيا علي الأرض.

 

حسم الثلاثي أمره، وقرروا تجريب السلاح الذي جلبه زعيم المجموعة في ساحة للرماية شمال توجنين، لقد تأكدا بالفعل أن أكلاشنكوفهم الجديد يعمل بشكل جيد، وأن مستلزمات الرحلة الأخيرة لهما في عالم القاعدة ومغامرتها قد أكتملت بالفعل.

 

غادر الثلاثي العاصمة متوجها إلي مدينة "أبي تلميت" حيث باتا أولي ليالي القنص في أحد مطاعم المدينة، كان التفتيش علي الطريق عاديا، وكانت معلومات الأجهزة الأمنية عن الرحلة وأهدافها "صفر" ، لقد كانت الهشاشة الأمنية موغلة في التحكم في أهم القطاعات وأكثرها حيوية لأمن البلاد وضيوفه رغم تولي الشخص الثاني في هرم السلطة سابقا وحاليا قيادته.

 

السادسة صباحا يوم الرابع والعشرين من دجمبر 2007 يغادر فريق الموت باتجاه لبراكنه مسقط رأس زعيم البلاد الجديد سيدي ولد الشيخ عبد الله، وأهداف الرحلة لما تتغير، "سياح غربيون" يمكن نقلهم إلي مالي والتفاوض عليهم من أجل توفير سيولة للحركة الجهادية التي تعتمد خطف الأجانب كجزء من الموازنة العامة!.

 

عند قرية "زمزم" الواقعة شرق المدينة يقررون أخذ الفطور، وفيها يقابلون الضحايا وهم يستغلون سيارتين من نوع "جيب" يكشفان بسهولة هوية الراكب، وغرابته علي الواقع المحلي الذي يتحرك فيه.

 

انشرح صدر الثلاثي الطامح لخطف أجانب بغض النظر عن الجنسية أو المهنة أو العمر أو الوجهة، إنهم أوربيون فقط... وتتحرك السيارة باتجاه "ألاك" عاصمة الولاية، إنها من دون شك الوجهة القادمة للغربيين، وأفضل طريقة لمطاردة الضحية هي انتظاره، يقول أحد المشاركين في العملية لرفاقه، وقد حسموا أمر اختطاف المجموعة.

 

توفر مطاعم "ألاك" مأكولات شعبية شهية، وبها فرصة للراغب في أخذ قسط من الراحة علي الشارع، وتناول جديد الأخبار والسياسة، ومراقبة كل الوافدين من العاصمة أو المتجهين إليها، وهذا بالضبط هو مايرنوا إليه ثلاثي القاعدة المتحفز لخطف بعض ضيوف البلد في عملية شكلت إخفاقا كبيرا للأجهزة الأمنية، ونكسة للمسار الديمقراطي بموريتانيا.

 

بعد ساعة مرت القافلة الأوربية متوجهة شرقا، وأنهي الثلاثي تناول الشاي، وحاسب صاحب المطعم علي خدماته، وبدأت متابعة الهدف في آخر ربعة ساعة قبل وقوع الكارثة...

 

تتوقف سيارات الأوربيين عند الكلم 15 شمال مدينة "ألاك"، حيث يرتفع النصب التذكاري حاليا، ويقرر السياح أخذ قسط من الراحة قبل مواصلة المسير، مستظلين بأشجار المنطقة الجميلة مع نهاية فصل الشتاء.

 

فجأة تتوقف سيارة صغيرة، يترجل ثلاثة أشخاص،بينهم مسلح واحد، ويطلب من الأجانب الصعود في سيارته الصغيرة،صدم الأوربيون، وحاولوا التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

أسن المجموعة يتحرك باتجاه السيارة (الجيب)،يتلقي أولي الرصاصات من يد الشاب محمد ولد شبرنو، كانت مصوبة بدقة علي ساقيه،بينما يحاول الآخر التحرك باتجاه المسلح المتمركز غير بعيد من المجموعة،فتكون أولي رصاصات القتل موجهة إليه عن قرب من رشاش اختبره الجناة قبل مغادرة العاصمة نواكشوط.

 

كانت أوامر القائد واضحة، وهي قتل الجميع دون استثناء، لقد بدت عملية الاختطاف في الفشل، فأجهز ولد شبرنو علي الجميع من رشاشه بعد أن حاول الثالث منهم – كما يقول- التحرك باتجاهه لانتزاع الرشاش منه.

 

سلب أعضاء المجموعة من الأوربيين كل مالديهم من نقود، وبعض الوثائق والصور، وتحركوا قافلين إلي مدينة "ألاك" حيث عمة أحد المشاركين في العملية بعد أن أنهوا مسار رحلة كانت أصحابها يريدون لها أن تكون شاملة لبعض الدول الإفريقية، مستغلين طيبوبة الشعب الموريتاني، وسلميته للتحرك دون حراسة أو إبلاغ الأجهزة الأمنية بالمسار الذي سلكوه.

 

في مدينة "آلاك" تخلي الثلاثي عن السلاح الذي نفذوا به العملية، والثياب التي كانوا يلبسون، وتوجهوا مباشرة إلي قرية "لحليوه" الواقعة جنوب المدينة بحثا عن طريق سالكة نحو الشمال المالي بعد أن هزوا سمعة البلد، وعرضوا نظامه للاضطراب، وقتلوا ضيوفه في تصرف لم يعهده الموريتانيون منذ فترة.

 

 

يتواصل ....

اثنين, 06/04/2015 - 15:31