لا تكاد تسلك شارعا من شورارع نواكشوط دون أن تطالعك صورة تدمي القلب، لأمرأة تحمل طفلا صغيرا، لا يزال مدرجا في مهده، لتتوسل به في تسولها.
ظاهرة التسول بالأطفال الصغار لم تعد تلفت انتباه أحد، رغم فداحتها، ورغم تعريضها لصحة الأطفال للخطر، بسبب الحرارة و البرد و أحيانا زخات المطر التي يعرضونهم لها.
أحمد دي متسول يرابط أمام مبنى وزارة الخارجية الجديد يقول “إن الدافع لأن يحمل النساء أطفالهن الصغار، أثناء التسول، هو استدار عطف المحسنين، حتي يتمكنوا من أن يحصول منهم علي صدقات “.
ويضيف أحمد ديَ “لقد شاهدت حالات من استغلال الأطفال الصغار في التسول تقشعر لها الأبدان.. اتذكر خلال فصل الخريف الماضي ـيقول أحمد ديه ـ أن أحدى السيدات المتسولات كانت تحمل طفلا في الأشهر الأولي من عمره، وزخات المطر تتساقط عليه، وقد حملته في خرقة بالية، وحين أردت أن أنبهها لخطورة الأمر نهرتني بشدة، و اتهمتني بالحشرية، والدخول فيما لا يعنيني.. و لكن الطفل أصيب بحمى وبعدها بأيام نعته لي.. فقد توفي المسكين”.
أثناء أعدادنا لهذا التحقيق، لفتت انتباهنا أن الظاهرة من الكثرة بحيث لا تكاد تخطئ عينك صورها المنتشرة عند مفترقات الطرق.. فغير بعيد من مجمع موري سانتر التجاري كانت هنالك متسولة تدفع في عز الظهيرة بمقعد متحرك تنام فيه بنت مقعدة.. حين تحدثنا إليها أفاضت في الحديث عن معاناة البنت و عن ظروف مرضها الفتاك، و لكننها تحججت لعدم تركتها في المنزل بأنه لا أحد هنالك ليساعدها في العناية بها.
طفل آخر، كان يتسول غير بعيد من الملعب الأولومبي وهو يحمل طفلا صغيرا، يقول إنه أخوه.. كان ينوء بحمله، مما يجعل الصبي المحمول معرضا للسقوط من يديه.
و أمام التلفزة الوطنية كانت هنالك متسولة أخرى، تحمل طفلا صغيرا، تحت حرارة الشمس الملتهبة، وقد جعلت من شجرة علي الرصيف مستقرا لها.. غير أنه لم يكن لها مستقر وهي التي لا ترى سيارة إلا قامت بمطاردتها وهي تحمل ذلك الطفل البائس.
ولكن المتسول سيدي يفجر أثناء حديثه معنا مفاجئة من العيار الثقيل، فيؤكد لنا أن بعض المتسولات يؤجرن أطفالا صغارا للتسول بهن مقابل نسبة يدفعنها لأمهاتهن، بعد انتهاء الدوام التسولي. سيدي يقول “أنا متأكد مما قلت لكم.. ولعلكم تجدون في ذلك تفسيرا لعدم اكتراث بعض المتسولات بصحة هؤلاء الأطفال و راحتهن، حتي أنه نادرا ما يعطونهم الطعام و الشراب”.
فهل ستتخذ السلطات إجراءات لمعالجة هذه الممارسات ومعاقبة أصحابها؟