قال محمد ولد اخليل، الوزير السابق ونائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض، إن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال لقاء الشعب الأول اتهمه بتوزيع أراضي الفلوجه على أقاربه عندما كان والياً لنواكشوط، واعتبر أن هذه الاتهامات سببها أن الرئيس "كانت لديه مطالب معينة آنذاك لم تمكن تلبيتها".
وأضاف ولد اخليل في مقابلة مع إذاعة صحراء ميديا، أن اتهام الرئيس له بتوزيع الأراضي على أقاربه "لسببين أولهما أنه كانت لديه مطالب معينة آنذاك لم تمكن تلبيتها، وثانيهما هو أنني انتميت إلى حزب معارض لا يمكنه أن ينال منه لأن قادته لم يسيروا وبالتالي كنت أنا المسؤول الوحيد الذي ينبغي أن أتحمل كل الهجمات"، وفق تعبيره.
وانتقد ولد اخليل بشدة بيع الحزام الأخضر في صفقة مطار نواكشوط مع شركة النجاح، وقال إنها "كارثة وأكبر فساد وأسوأ توزيع عرفته نواكشوط وعرفته الأنظمة منذ خمسين سنة"، مشيراً إلى أن "الحزام أنشئ بموجب مرسوم سنة 1970 وهو منطقة محمية من الناحية القانونية، وهذا المرسوم لم يلغ لحد الساعة".
وقال إن "المطار القديم يستقبل 120 ألف مسافر سنوياً والمطار الذي يزعمون إنشاءه سيستقبل مليونين.. من أين لنا هذه المليونين"، معتبراً أن "الغرض الأساسي من الصفقة هو الاستحواذ على أرض الحزام الأخضر الذي يشهد اليوم احتلالاً غير شرعي"، على حد تعبيره.
وفيما يلي نص المقابلة كاملاً :
صحراء ميديا: السيد الرئيس، انتهى مؤتمركم البعض في وقت يرى أن خلافات وقعت حول انتخاب المكتب والقيادات الجديدة، ما هو ردكم ؟
محمد ولد اخليل: اتحاد قوى التقدم حزب شهد توسعاً خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى التحاق جماعات من الأطر والشخصيات المختلفة، إضافة إلى أنه حزب تنتمي إليه مشارب فكرية وسياسية متفرقة ويتسم بالديمقراطية، و كان هذا المؤتمر هو أول اجتماع تجتمع فيه هذه الشخصيات قديمها وحديثها؛ فمن الطبيعي أن تحدث خلافات ونقاشات.
صحراء ميديا: يقال إن سبب الخلافات التي شهدها المؤتمر هو إصراركم أنتم شخصيا وجناحكم من الكوادر الوافدة مؤخراً، بحكم موقعكم الإداري السابق الذي لم يكن يسمح لكم بالانخراط في الحزب وأنكم رميتم بثقلكم حتى تحصلوا أنتم وزملاؤكم على مناصب قيادية في الحزب.. هل هذا صحيح ؟
محمد ولد اخليل: لا لا.. نحن لم نأت إلى هذا الحزب بحثا عن مناصب، كان باستطاعتنا أن نشكل حزباً فالحزب يتطلب طلباً ومجموعة قليلة، ولو كنت أميل إلى رئاسة حزب لكنت حصلت عليها في حزب خاص، لكنني لم أختر هذا الحزب لمكانة معينة فيه، وربما هنالك أحزاب عديدة لو تحالفت معها لحصلت على منصب أحسن.
لقد انتميت لهذا الحزب لأنني عندما كنت إدارياً كنت أتابع نشاطه وشخصياته وبالتالي كان اختياري له ليس اعتباطياً ولا بحثا عن المناصب، ولم أرم بثقلي ولا المجموعة التي أنتمي إليها والتي لا أشترك معها تقريباً إلا الجدة فكلنا منتمون جدد للحزب.
وبالتالي هذه ترهات وهي تنبع أساساً من بعض الأفكار وبعض السلوك الذي كان يروج في السياسة، حيث أن كل سياسي يريد مصالحه، وهو ما يصدق فيه قول الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ** وصدق ما ينتابه من توهم..
نحن جئنا إلى هذا الحزب كحزب وطني فيه شخصيات معروفة وطنيا ونشترك معها في الجانب المبدئي والصمود عليه وبالتالي هذه هي الميزة الوحيدة التي اخترنا على أساسها هذا الحزب.
صحراء ميديا: السيد الرئيس.. عقدتم مؤتمر حزبكم في مخاض عسير تشهده الساحة السياسية، ما هي أهم النقاط التي ناقشتم، هل ناقشتم وضع المنسقية والحفاظ عليها كما ورد في خطاب الرئيس محمد ولد مولود، وهل أنتم مستعدون للدخول في حوار مع النظام بمفردكم بعيدا عن المنسقية ؟
محمد ولد اخليل: نحن ناقشنا كل القضايا حتى القضايا الإقليمية، على سبيل المثال أصدرنا قرارا فيما يخص القضية المالية والوحدة الوطنية ومجموعة أخرى من القرارات، وذلك لأننا نعيش الهم الموريتاني ونتحمل المسؤولية عن حل كل المشاكل وتذليلها.
لقد ناقشنا كل القضايا المطروحة في الساحة السياسية، تعرضنا طبعا إلى الأزمة السياسية في موريتانيا، والتي سببها النظام الحالي وخصوصا الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز الذي يعتبر جزء من المشكلة وليس جزء من الحل، وعليه فإننا في المنسقية والحزب لم نتخل ولم نتزحزح عن الشعار الذي حملناه وهو شعار الرحيل، وذلك لأننا استنفدنا كل الأمور وحاولنا مع هذا الرئيس -في البداية- أن نجد اتفاقا، فقد وقعنا معه اتفاق دكار الذي كان يقضي بحوار بيننا وبينه لكنه تنصل منه، وعمل على تفكيك المعارضة بحيث أجرى حوارا مع حزبين منها وأهمل الباقي.
إذا هو لا يريد حواراً هو شخصية تعودت على الانقلابات وبالتالي ليس ديمقراطيا ولا يعي خطورة الانقسامات الداخلية، هو لا يعي أن موريتانيا دولة هشة ضعيفة ودولة مركبة كما يعرفها القانون أي أنها مركبة من عناصر متعددة، وعليه فهذه الدولة الهشة الضعيفة لا يصلح لها إلا الحوار فهي لا يمكن أن تصمد كثيرا أمام صراعات من النوع الذي نراه في ليبيا أو الصومال، لذلك نحن كنا نبحث عن الحوار، لكنه رفض الحوار الذي يقضي به اتفاق دكار ثم رفض الحوار الذي دعونا إليه، وقام هو بترحيلنا أولاً عندما اكتفى بجزء منا وترك الآخر، لذلك هو بدء بالشعار الذي رفعناه، فنحن لم نرفعه إلا بعد أن تأكد لنا أن الرجل لا يبحث عن حوار ولا يقيم وزنا أصلا للنقاش ولا للحوار.
صحراء ميديا: كان البعض يتوقع أن يسفر المؤتمر عن دخول قيادات شابة، ولكنه حتى اللحظة سيطر الجيل القديم وجيل الصقور على زمام المبادرة، ما هو السبب ؟
محمد ولد اخليل: بالنسبة للمجلس التنفيذي، الذي يعتبر الهيئة الأساسية من هيئات هذا الحزب، يضم وجوهاً كثيرة من الشباب لكنها غير معروفة إعلامياً، لقد عملنا على مشاركة النساء ومشاركة واسعة للشباب.
صحيح أن هذا الشباب لم يصل إلى مرتبة الرئيس ونوابه، وإن كان في هذه القيادة شخص أو اثنين يمكن من الناحية العمرية أن يعدوا من فئة الشباب، أما من الناحية السلوكية فالشباب حسب تعريف علماء الاجتماع له، فمنهم من يرى أنه يستمر حتى الخمسين أو أنه حالة نفسية.!
صحراء ميديا: انطلاقا من خبرتكم الإدارية والتعامل مع المشاكل الداخلية وخاصة توزيع الأراضي، هل ترون أن ما قام به النظام حتى اللحظة من توزيع للقطع الأرضية يخضع للقانون، أم أن هنالك مزايدات ؟
محمد ولد اخليل: بالنسبة لي لا أعرف الكثير عن التسيير العقاري، أنا حولت إلى نواكشوط وكانت جل الأراضي قد تم توزيعها، ما أشرفت على توزيعه هو قطاع واحد من عرفات وقد قامت وزارة التجهيز وقتها بتهيئة القطاع الرملي من أجل نقل سكان تسع ساحات إليها، هذه الساحات هي التي يوجد بها اليوم منشئات عامة منها مستشفى الصداقة، وبالتالي هي كلها لا تتجاوز 1400 قطعة، وهي ما يعرف بقطاع 14 ويسمى شعبيا بالفلوجة.
هذه فرصة لأقول فيها إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز اتهمني في لقاء الشعب الأول، حين قال إن بعض الولاة في المعارضة قام بتوزيع أرض الفلوجة وأعطاها لأهله، فهو فعلا لم يتهمني بشيء آخر لأنني أصلا لست من الإداريين المعروفين بذلك السلوك وهو يعرفني جيداً، وربما اتهمني لسببين السبب الأول: أنه كانت لديه مطالب معينة آنذاك لم تمكن تلبيتها في ذلك الوقت، السبب الثاني: هو أنني انتميت إلى حزب معارض لا يمكنه النيل منه لأن قادته لم يسيروا وبالتالي كنت أنا المسؤول الذي ينبغي أن يتحمل كل الهجمات.
صحراء ميديا: ماذا عن تقسيم القطع الأرضية مؤخراً ؟
محمد ولد اخليل: أريد أن أقول إن هذه أول فرصة لأنني أصلاً أتهرب عن الإعلام ولا أحبه كثيراً، وبالتالي قبلت هذا الحوار معكم أنتم فقط..
أما بالنسبة لتوزيع القطع الأرضية فما أعرفه اليوم هو أن ما تعرض له الحزام الأخضر كارثة وأكبر فساد وأسوأ توزيع عرفته نواكشوط وعرفته الأنظمة منذ خمسين سنة، فهذا الحزام لعلمكم أنشئ بموجب مرسوم سنة 1970 وهو منطقة محمية من الناحية القانونية لها مدلولها وهذا المرسوم لم يلغ لحد الساعة، وقد قام ولد عبد العزيز بتوزيعه من خلال صفقة بناء مطار معين.
أنا أعتبر هذا التوزيع غير قانوني لأن هذه منطقة منطقة سكنية؛ فالعقارات في نواكشوط مقسمة إلى منطقتين، منطقة السكن المتنامي التي تحتوي أساساً على الأحياء شبه الشعبية، والمنطقة السكنية بتفرغ زينه وهي معدة للسكن.
ولد عبد العزيز قام ببيع ما هو محظور من الناحية القانونية، لقد قلت إن الحزام تم إنشاؤه بموجب مرسوم وبتمويل من ملك بلجيكا، إذا هو له صفة دولية شيئا ما، لقد عرفت أن الرجل سيستحوذ على هذا الحزام عندما أنشأ حزاماً في منطقة أخرى، عندها قلت للبعض هو يستهدف هذا الحزام.
من ناحية أخرى المطار الجديد نواكشوط لا تحتاجه، فالمطار القديم يستقبل 120 ألف مسافر سنوياً والمطار الذي يزعمون إنشاءه سيستقبل مليونين.. من أين لنا هذه المليونين؟، وبالتالي هذه ليست أولوية لكن الغرض الأساسي هو الاستحواذ على هذه أرض الحزام الأخضر التي تشهد اليوم احتلاً غير شرعي، وما قيم به من توزيع له لصالح شركة النجاح من الناحية القانونية هي أكبر عملية فساد.
صحراء ميديا: أنت كإداري كنت تشغل منصب والي نواكشوط، وقد تعرضت المنسقية لما سميتموه أنتم استفزازات أو منع غير قانوني، نريد توضيحا للرأي العام ؟
محمد ولد اخليل: القانون ينص على أن أي تظاهر يطلب من أصحابه طرح إشعار بنشاطهم وليس طلبا بترخيص النشاط، لقد كان دائما يطلب منا أن نوجه طلب للترخيص وهي مخالفة، ولكننا مخافة حدوث مشاكل كنا نستجيب لهذا الطلب.
في بعض الأحيان تعرضنا إلى مضايقات كثيرة بل إننا واجهنا مسيلات الدموع وعنف لا مبرر له، لقد كنا دائما نستأذن ولكننا لم يسبق أن واجهنا قمعا بهذه العنجهية وبهذه الغطرسة التي عشناها في السنة الماضية، فالنظام اليوم يريد من الديمقراطية ما يخدمه فقط، أي نشاط يخدمه ويمكن أن يوظفه باعتباره ديمقراطيا يرحب به، لكن أي نشاط يحرجه كاعتصام أو شيء من هذا القبيل أو التظاهر أمام مرافق معينة عامة كسلوك ديمقراطي مطلوب ومقبول في الدول الديمقراطية، هذا النوع لا يقبله.
أنا شخصيا لا أعتقد أن هذا النظام يمكن أن يكون ديمقراطياً، فهذا الشخص قام بوأد الديمقراطية وبانقلاب على رئيس أجمع الموريتانيون والخارج على نزاهة انتخاباته، وبردة فعل قام بالانقلاب أو بالتمرد عليه، هذا الرجل -أنا شخصيا- لا يمكن أن أتوقع منه ديمقراطية أو أي سلوك مقبول..
صحراء ميديا: شكراً لكم..