يوسفية العدل والإحسان : منع واضطهاد وتمكين بعد حين .

كلماتي مقتضبة صغيرة قاصرة لكني أرجو ان تكون عميقة ورزينة وسهلة لكل حبيب لبيب يقرأ  آيات الله ويتدبر معنايها ويقف ليتأمل صنع الله في خلقه وينوب عني فيما أخطأت ويتجاوز ، فهي محاولة لوضع ما تتعرض له القوى الاسلامية واليسارية والإنسانية بصفة عامة وجماعة العدل والإحسان خاصة وكل مشروع جاد مسؤول سلمي من اضطهاد وابتلاء في سياق ما تعرض له سادتنا الانبياء عليهم السلام قبلنا وتعرضا لنفحاتهم واقتباسا لسَيْرهم  وسِيَرهم واستفادة من التاريخ الذي أمرنا بقراءته وتفحصه لاستشراف الحاضر والمستقبل .

1-      بشرى المشروع  و كيد الشيطان بين الإخوة :

ابتدأت قصة سيدنا يوسف عليه السلام ببشرى التزم النبي الكريم عليه السلام بعدم روايتها لتوصية أبيه وخوفا عليه من إخوته ،وجاء الكيد ونجح الشيطان في الوقيعة بين الإخوة وأوهموا الأب أن يوسف أكله الذئب كحيوان معروف بوحشيته وغدره وسفكه للدماء وحبه للعنف وجاؤوا على قميصه بدم كذب

فالتزم "الوالد" وكتم أمره وصبر .

وليتوسع القارئ الكريم في مفهوم الأخوة الوطني والإسلامي قد يصل "الكيد" فيه والنفخ الى حد القطيعة وانتشار المغالطات والأكاذيب المسبغة بلباس الإسلاميين أو المناضلين عموما .

2-      غيابات التعتيم والإقصاء وتهم أخلاقية :

غيبت يد القدر سيدنا يوسف في "ظلمات" الجب وهو  مصدر  الماء  والحياة في الآن ذاته بل وكان ولازال منبعا لعدة ثروات لازالت تنعت بنفس الاِسم "آبار النفط والغاز" .

كذلك حال كل الأنبياء عليهم السلام تكذيب وتلفيق تهم ومحاربة وتجويع ومقاطعة وتهميش وعزل عن المجتمع وطرد وإقصاء ونفي .

ظل هذا المبعوث الصالح "حيا" ثم جاءت "السيارة" وهي رمز للتحرك والسرعة والنقل والسفر والركوب لا لتنتهي المحنة بل لتبتدئ قصة أخرى من نماذج التمحيص وامتحانات الجلد ،وبيع الرجل بثمن بخس .

ولج سيدنا يوسف عليه السلام "المجتمع" وتعرف الى "الدولة" ودواليب "الحكم" عندما اشتغل موظفا بدهاليز البلاط العزيزي ولفقت له تهمة اخلاقية هو بريئ منها أودعته السجن الذي تحول من معتقل الى مكان للمحبة والصحبة ومعاني الفتوة "ودخل معه السجن فتيان".

3-      رباط الفتوة وتأويل الرؤيا :

"انا نراك من المحسنين".

 الصحبة رؤية واقتباس ونور وإحسان يرى لعباد الله هكذا كان رباط سيدنا يوسف عليه السلام في معتكفة "معتقله "وكان صاحباه يرشفان من معينها  وطلبا إليه تأويل الرؤى التي سيقت لهم وهم في كنف هذا الحضن المبارك .

وتطورت الأحداث بالمفهوم الأدبي الحديث للقصص ورأى الحاكم رؤيا كونية قد تتحكم في مصير مصر آنذاك لتكون الطريق ليعود النبي الرحيم الى حضرة ألاستشارة مسموع الرأي و صاحب حكمة ورؤيا عميقة وكعالم مستقبليات بالمفهوم الحديث للكلمة ودراسة وعلم ومشورة تنفذ ويعمل بها وتصير استراتيجية سنوات ...

4-      تمكين وصفح وترسيخ معاني الصحبة في الجماعة :

"قالو يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا انا كنا خاطئين ،قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"

يوقن الانسان بخطئه فيخجل ويصمت فلا يجد لباب الله مفرا فيطرق باب "الوالد" للاستغفار والاعتذار لحيائه  من الله لسوء فعله فيطلب التشفع  وفي هذا من المعاني الكثير لايسع المجال للتفصيل تكفي الاشارة فقط .

هكذا هي طريق سُرُج الهدى والصلاح والخير على مدى الأزمنة صعوبات وعقبات وتدافع ومحن وسجن ليأتي النصر في الأخير .

لا يظنن السائر في الطريق ان الأمر مفروش بالورود سهل المنال بل هو نَفَس طويل واختبار وابتلاء مستمر وتمحيص ليتسع القلب للمسيء وتصفح يد الخير وتخيط ثوب الإخوة من جديد وتلتمس العذر وتوسع حظيرة التائبين الراجعين الى "الهم الوطني المشترك لتساهم تلك الأيادي في البناء لبلد يجب أن يحضن جميع أبنائه .

بقلم : حفيظ زرزان 

 

سبت, 30/08/2014 - 12:00