نظم شباب وادي لكصور (تجكجة، لحويطات، الرشيد) اليوم الخميس وقفة احتجاجية أمام القصر الرئاسي بنواكشوط تزامنا مع وقفة أخرى على مستوى مركز الرشيد الإداري لمطالبة الحكومة بوقف التحضيرات الجارية لبناء سد احنيكات بغداده جنوب شرقي تجكجة.
ورفع المحتجون لافتات وشعارات رافضة لإقامة السد المذكور محذرين من تورط الحكومة في تنفيذ هذا المشروع الذي يتناقض مع مصالح المنطقة وتطلعات سكانها، وطالب المحتجون رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بالتدخل الفوري لوضع حد لهذا المشروع الذي وصفوه بـ "الجائر" وبأنه"يهدد معيشة سكان المنطقة ووجودهم" حسب وصفهم، كما عرض المحتجون لوحة توضح لائحة واحات النخيل المتضررة والتي تقدر بحوالي خمسين واحة.
ووزع المتظاهرون بيانا يلحون فيه على رئيس الجمهورية بالتدخل من أجل تجنب الكارثة، منبهين على جملة من المفارقات : " إن من المفارقات العجيبة في هذا الأمر أن مشروع الواحات الذي كان يهدف إلى تنمية الواحات صار قاب قوسين أو أدنى من القضاء على 250 ألف نخلة بحبس الماء عنها. أما وزارة الزراعة فهي لا تدري أن احنيكات بغداده منطقة جبلية ضيقة لا يمكن أن تقام فيها زراعة في حين أن الخط ولكريفات -وهما المنطقتان الزراعيتان الكبيرتان - ستحرمان من المياه ومعهما العديد من المناطق الزراعية المتوسطة. كما أن وزارة الزراعة باتت تكلف نفسها توفير الماء للمدن على حساب الزراعة ودون التنسيق مع وزارة المياه" حسب نص.
وجاء في البيان:
"رغم الاعتراضات القوية التي سجلتها روابط الكرامة بتجكجة ولحويطات والرشيد، والرفض المطلق الذي عبر عنه سكان وادي لكصور ومنتخبوهم، يواصل مشروع برنامج التنمية المستدامة للواحات التابع لوزارة الزراعة التحضيرات الممهدة لبناء سد "احنيكات بغداده" حوالي 10 كلم جنوب شرقي تجكجة في أعلى مصب وادي لكصور "إزيف". وحيث أنه بات جليا أن الدراسة أعدت في الظلام ودون التشاور، الذي دأب عليه المشروع في أبسط تدخلاته، تفاديا للرفض القاطع والحاسم لهذا المشروع الجنوني، يسارع المشروع الخطى لفرض أمر واقع مرفوض وفي وقت حرج.
إن من المفارقات العجيبة في هذا الأمر أن مشروع الواحات الذي كان يهدف إلى تنمية الواحات صار قاب قوسين أو أدنى من القضاء على 250 ألف نخلة بحبس الماء عنها. أما وزارة الزراعة فهي لا تدري أن احنيكات بغداده منطقة جبلية ضيقة لا يمكن أن تقام فيها زراعة في حين أن الخط ولكريفات -وهما المنطقتان الزراعيتان الكبيرتان - ستحرمان من المياه ومعهما العديد من المناطق الزراعية المتوسطة. كما أن وزارة الزراعة باتت تكلف نفسها توفير الماء للمدن على حساب الزراعة ودون التنسيق مع وزارة المياه التي تعكف على دراسة إمكانية تزويد مدن كبيرة مثل كيفةوتجكجة من بحيرة تيشيت وفي تداخل مريب في الصلاحيات. علاوة على ذلك، فإن ما صرف في الدراسات العبثية غير البريئة كان كافيا لجلب الماء لمدينة تجكجة من مناطق أخرى كتامورت انعاج على غرار جلبه لمكطع لحجار من بوحشيشة وجلبه للحوض الشرقي من اظهر، دون أن يؤدي ذلك إلى تدمير اقتصاد المنطقة.
لقد بينا في بياننا السابق، وبجلاء، الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذا السد والتي لا تقف عند موت واحات غناء تمتد على طول 120كلم وتهجير سكانها بل تأتي على الأخضر واليابس في وقت بدأ السكان يتنفسون فيه الصعداء لقيام الدولة بانجازات ملموسة. وإننا لنؤكد أن الذوق والفطرة السليمين والحس الأمني وحفظ العدل والحرص على انسجام المجتمع كلها تأبى تشييده.
فمن الناحية الشرعية يقول رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ». والضَّرَر هو : أَنْ يُدْخِلَ المرء عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بِمَا يَنْتَفِعُ هُوَ بِهِ، وَالضِّرَارُ: أَنْ يُدْخِلَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بِلَا مَنْفَعَةٍ لَهُ بِهِ، كَمَنْ مَنَعَ مَا لَا يَضُرُّهُ وَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَمْنُوعُ. يقول ابن عبد البر المالكي في الاستذكار 7/190 أن من يمر به الماء أولا يسقي ويروي حائطه ثم الذي يليه وهكذا وليس لأحدهم حبس الماء عمن بعده. وقد قال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. ومن يحاول حبس الماء هنا هو جهة رسمية موجودة على تراب الجمهورية الاسلامية الموريتانية التي ينص دستورها على أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الوحيد للقانون والتشريع في البلد.
ومن الناحية القانونية فإن غلق المصبات المائية هو اختصاص إداري بحت تراعى فيه المصلحة العامة فهل تدرك الإدارة حقا ما تقوم به؟
ومن ناحية العرف، فإن هناك اتفاقيات تاريخية محلية على عدم المساس بوادي إزيف وهو الشيء الذي جعل المنطقة تتميز بانسجام وإخاء تام نريد له أن يتعزز وينمو خدمة للوطن.
إن قلاع مقاومة الاستعمار كالرشيد والنيملان ستتهاوى إذا ما أقيم هذا السد وهو ما لا نتوقعه من حكومة آلت على نفسها بعث الروح الوطنية وتكريم المقاومة ونحن متأكدون من عزمها على أن لا يتسلل الإحباط إلى أهل تلك المناطق التي ظلمها الاستعمار والمستقوون به.