الوظيفة القضائية إحدى الوظائف الأساسية للدولة؛ والدولة مسؤولة عنها وعن تجسيدها ورعايتها، وعرف العالم الآن دولا متطورة وناهضة بدون جيش؛ ولم يُعرَف تجمع بشري في قديم الأزل ولا في الحاضر بدون قضاء، ورغم سير المطي بالليبرالية والمذهب الحر في كل اتجاه؛ حتى في خوصصة الأمن، وتخلي الدولة عن التحقيقات الجنائية وعن بعض جوانب الدفاع لصالح الخواص فإن القضاء بقي كما كان وظيفة لا ينوب الدولةَ فيها أحد ولا تتنازل الدولة عنها لأي كان، لا لأفراد ولا لشركات.
ومن المؤسف جدا إبعاد جهاز القضاء وهمومه ورموزه من الخطاب الرسمي الوطني، ونسيانه وعدم استحضاره في المناسبات الوطنية الجامعة.
لقد قرأت لائحة التوشيحات اليوم بمناسبة الذكرى الستين لعيد الاستقلال الوطني فكان مؤسفا عدم حضور أي شيء يرمز إلى وظيفة القضاء في هذه التوشيحات.
هل نحن دولة بدون قضاء؟ أم نحن دولة تنصّب قضاة لكنهم خيبوا آمالها، فلم يكن لهم أي دور، ولم يكن أي واحد منهم يستحق ذكرا على المستوى الوطني، لا في الحاضر ولا في التاريخ؟
أعرف أن لكل قطاع توشيحاته الخاصة، وأعرف أن توشيح القضاة الجالسين وهم يمارسون أعمالهم يعد أمرا مستهجنا؛ ولكن تساؤلي هل تريد هذه التوشيحات أن تقول: إن كل قضاة موريتانيا المتقاعدين أحياء وأمواتا والمعارين إلى دول صديقة والمنتدبين لوظائف تنفيذية وحكومية ليس من هؤلاء من يستحق أي وسام أو تكريم على المستوى الوطني، مهما كان مستوى ذلك التكريم؟!.