بسم الله الرحمن الرحيم
حديث في مؤسسة قاضي التهيئة
نصّ المشرع الموريتاني في المادة: 45 من ق ت ق على أنّه: ( يمكن أن يعين لدى محكمة الولاية قاض مكلف بتهيئة الدعوى .. ) بينما جاء في الفقرة الأولى من المادة: 61 من ق إ م ت إ جديدة من القانون رقم: 2019/ 020 أنّه: ( يقع درس القضايا لأجل تهيئتها من طرف قاضي التهيئة ) و أشارت المادة: 188 من ذات القانون على إمكانية إحالة الملف عليه في طور الاستئناف للتهيئة ولأهمية دور قاضي التهيئة ولما يثير عمله من استشكالات في الساحة القضائية في موريتانيا الآن ولأنّ أيّا من الباحثين الكبار لم يتناوله رغم الحاجة الملحة لذلك والتي أدت إلى بعضها أمور منها:
ـ عدم شمولية النصوص التي تناولت مؤسسة قاضي التهيئة بل قلّتها ذلك أنّ المشرع الموريتاني لم يمنح لقاضي التهيئة سوى المادتين: 61 و 188 فقط ومن المستغرب حقيقة أن يضيف المشرع مؤسسة قانونية مهمة وغير معروفة في البلد بصيغة تجعل وظائفها على درجة عالية من الغموض هذا في الوقت الذي أصبح فيه من الضروري تطبيقا للقواعد العامة لمختلف مبادئ دولة القانون أن تستهدف النصوص الوضوح والشمول ما أمكن ابتغاء الحيلولة دون ترك منافذ يمكن أن يدخل منها الفهم أو التفسير السيئ للقانون ويكون استهداف هذه الأمور ملحا في بلد لم تتجذر فيه بعد مفاهيم دولة القانون وقيم الجمهورية بالشكل الكافي
ـ أنّ وزارة العدل لم تقم بتنظيم أيّ ورشة تستهدف التعريف بهذه المؤسسة المهمة وبيان الطرق المثلى لتطبيق المادتين المتعلقتين بها كما لم تصدر تعميمات من أيّ جهة بذلك هذا حسب علمي طبعا
لكلّ ذلك رأيت من المناسب التطفل على الموضوع بالتعرض له عبر حديث مقتضب موزع إلى مطلبين يخصص أولهما لتعيين قاضي التهيئة ودواعي إحالة الملفات إليه ليتمّ في الثاني تناول وظائفه كلّ ذلك في ضوء المادتين السابقتين والمبادئ العامة للقانون وما لا يتعارض مع المادتين من المعمول به في فرنسا التي تعود فيها مؤسسة قاضي التهيئة لثلاثينيات القرن الماضي
المطلب الأول: كيفية تعيينه قاضي التهيئة ودواعي إحالة الملفات إليه
تعتبر مؤسسة قاضي التهيئة من المؤسسات الحديثة التي قاد إلى إنشائها من بين أمور أخرى العمل على البتّ بسرعة في القضايا التي تنشر أمام المحاكم عبر جعل القضاء طرفا فاعلا في العمل على تسريع استكمال الإجراءات في مختلف القضايا خاصة المعقدة لذا فإنّنّي سأقسم هذا المطلب إلى فقرتين أتناول في الأولى منهما كيفية تعيين قاضي التهيئة وفي الثانية منهما دواعي تعهيده
الفقرة الأولى: كيفية تعيين قاضي التهيئة
تنصّ الفقرة الثانية من المادة: 61 المشار إليها أعلاه على أنّ مهام قاضي التهيئة يمارسها رئيس المحكمة المختصة أو القاضي المعين من طرفه ويعين قاضي التهيئة عادة بأمر يصدره رئيس المحكمة في بداية كلّ سنة قضائية وفي المحاكم الكبيرة يكون التعيين بعد التشاور مع الجمعية العامة للمحكمة ويكون هذا التعيين صالحا للسنة القضائية التي حصل فيها ويمكن تعديله أثناءها كما يمكن أن يكون في المحكمة أو الغرفة عدّة قضاة تهيئة يوزع بينهم رئيس المحكمة الملفات ويمكن أن يخلف أيّ قاض قاضي التهيئة عند غيابه أو حدوث مانع له Serge Guinchard Frédérique Ferrand Cécile Chainais procédure civile droit interne et droit communautaire dalloz 29 édition p. 816 -817
الفقرة الثانية: دواعي تعهيد قاضي التهيئة
يفهم من الفقرة الأولى من المادة: 61 من ق إ م ت إ جديدة وبعض التشريعات المقارنة مثل المادتين: 905 ـ 907 من مدونة الإجراءات الفرنسية Code de procédure civile. Dalloz. Edition. 103 P 756 أنّه لا يتمّ اللجوء إلى الإحالة لقاضي التهيئة إلاّ في القضايا المعقدة أي التي تحتاج دراسة أو القيام ببعض الإجراءات الضرورية لأن تكون جاهزة ممّا يعني أنّه لا تحال إليه القضايا الجاهزة لأن يحكم فيها ذلك أن إحالتها إليه لا تخدم مبدأ البتّ في فترة معقولة بل يمكن أن تطيل أمد البت في القضية لغير داع ممّا يمكن معه استغراب نصّ المشرع الموريتاني في البند رقم: 1 من الفقرة الثالثة من المادة: 61 من ق إ م ت إ جديدة على ما يمكن أن يفهم منه أنّ من الواجب مرور جميع القضايا به خاصة إذا ما فهم ذلك بأنّه منطبق على الدرجة الثانية وهذا ما حدث فعلا في بعض محاكم الاستئناف سنة: 2020 حيث كان رؤساؤها يحيلون جميع القضايا إلى المستشار المكلف بالتهيئة بغضّ النظر عن حالتها
المطلب الثاني: وظائف قاضي التهيئة
لأنّ التهيئة هي جعل القضية في وضع تكون فيه جاهزة للفصل فيها من طرف قاضي الموضوع منح المشرع الموريتاني قاضي التهيئة من الوظائف ما يسمح باتخاذ جميع الإجراءات التي تستهدف دراسة القضية وجعلها جاهزة للحكم في أصلها حتى ولو كان ذلك بمبادرة منه Droit et pratique de la procédure civile ouvrage collectif sous la direction de Serge Guinchard Dalloz édition 2017- 2018. p. 1045 بل يشي إطلاق اختصاصاته بأنّ المشرع سعى عبر إنشاء مؤسسة قاضي التهيئة إلى أمور أخرى منها تخفيف الضغط عن رؤساء المحاكم خاصة الكبيرة مثل رؤساء غرف محاكم الاستئناف ويتضح ذلك من خلال استعراض وظائفه التي من أهمّها:
* القيام بمحاولة مصالحة الأطراف: نصت النقطة الثامنة من الفقرة الثالثة من المادة: 61 جديدة من ق إ م ت إ على أنّ من مهام قاضي التهيئة مصالحة الأطراف وتوجيههم نحو العمل بمقولة التفاهم خير من الترافع هذا بالإضافة إلى أنّه يشمله عموم المواد: 16 و 74 من ق إ م ت إ وعندما يدعو قاضي التهيئة الأطراف ومحاميهم لجلسة محاولة صلح وينجح في مصالحتهم فإن الصلح تكون له قوة تنفيذية كما أنّ لقاضي التهيئة تأشير الصلح الذي أجراه الأطراف فيما بينهم وتأشيره له يمنحه القوة التنفيذية التي تتوفر عليها الأصلاح القضائية
* العمل على السير الحسن للإجراءات: يتضح من البنود الواردة في بداية صدر الفقرة الثالثة من المادة: 61 آنفة الذكر أنّ من أهمّ وظائف قاضي التهيئة في هذا المجال:
1- استقبال الشكايات والإشراف على تسجيلها في سجلات المحكمة حسب البند رقم: 1 من الفقرة الثالثة من المادة 61 آنفة الذكر
2- تحديد جلسة أولية للأطراف ودعوتهم لها وفق الإجراءات المنصوصة وتكون في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من انتهاء المدد المحددة في المادة: 58 من ق إ م ت إ أي ما يناهز شهرا من يوم تقديم العريضة لكتابة ضبط المحكمة أو بعد أسبوع من تاريخ إحالة الملف إليه إذا تعلق الأمر بالمستشار المكلف بالتهيئة في محكمة الاستئناف وذلك حسب المفهوم من البند رقم: 3 من المادة: 61 من ق إ م ت إ
3- العمل بكل الطرق القانونية على وصول العرائض والاستدعاءات والحجج للأطراف المعنية وتبادل المذكرات والملاحظات بين أطراف القضية في إطار يتميز بالسرعة والمشروعية وذلك تطبيقا لعموم البند رقم: 2 من الفقرة الثالثة من المادة: 61 من ق إ م ت إ وفي هذا الإطار يمكن أن يصدر إلى الأطراف ومحاميهم الأوامر الهادفة إلى ذلك
4 ـ الاستماع إلى الأطراف بحضور محاميهم أو بعد دعوتهم لحضور جلسة الاستماع ويشار إلى أنّ المشرع الوطني لم يسهب في الحديث عن أثر تخلف الأطراف أو بعضهم عن القيام بالإجراءات لكن يمكن تصور أثر ذلك على النحو التالي:
*عندما يتخلف أحد الأطراف فإنّه يكون لقاضي التهيئة مواصلة الإجراءات مع الطرف الذي حضر
* عندما يتخلفون جميعا يحيل الملف بعد انتهاء أمد التهيئة المحددة بشهر انطلاقا من أول جلسة يعقدها في القضية وذلك تطبيقا لآخر الفقرة الخامسة من المادة: 61 من ق إ م ت إ جديدة
*عندما يتخلف محامي الطرف يمكن لقاضي التهيئة أن يستدعي الطرف ذاته لإبلاغه بتخلف محاميه وضرورة مواصلة الإجراءات وكذلك الحال عندما يتخلف جميع محامي الأطراف فيجب على قاضي التهيئة استدعاء أطراف القضية أنفسهم من أجل إشعارهم بتخلف محاميهم وعندما لا يجدي ذلك كلّه يحيل الملف إلى المحكمة في نهاية الأجل مبينا في تقريره كلّ ذلك
4- حصر نقاط الاختلاف ونقاط الاتفاق بين أطرف القضية
5- يمكن أن يأمر بإدخال أيّ شخص يرى أنّ إدخاله سيساهم في حلّ القضية
* جمع الأدلة: بالإضافة إلى أن له أن يطلب من الأطراف تقديم أدلة ويضرب لهم أجلا لتقديمها فإنّ له في هذا المجال:
1- طلب إحضار أيّ مستند لدى الغير ورد ذكره في مذكرات الأطراف أو أحدهم أو في تصريحاتهم وذلك بمبادرة منه أو استجابة لطلب أحد الأطراف حسب المفهوم من البند الثالث من الفقرة الثالثة من المادة: 61 المشار إليها أعلاه ويكون ذلك عن طريق أمر ينفذ مباشرة ويمكن له أن يرجع عنه إذا قدم الطرف ما يثبت أنّه لا يحوز الدليل المطلوب أو لم يعد يحوزه
2ـ يمكن أن يقاس على المستند هنا إمكانية عمل قاضي التهيئة على استدعاء شخص ورد ذكر اسمه في المذكرات والعرائض وذلك في ذات الظروف إن كان من الممكن أن يستمع له كشاهد ويحتمل أن تساهم شهادته في توضيح بعض جوانب القضية
3ـ يمكن أن يطلب من أيّ طرف تقديم ردّ على نقطة أو نقاط معينة وردت في عريضة أو مذكرة طرف آخر أو ملاحظاته ولم ير بشأنها ردا من طرفه
4 ـ تطبيقا لعموم الفقرة الأولى من المادة: 61 من ق إ م ت إ وآخر البند رقم: 6 منها يمكنه القيام بمعاينة محل التداعي وانتداب خبراء لتزويده بمعلومات خارجة عن اختصاصه متى دعت ضرورة تهيئة القضية لذلك سواء كان ذلك بطلب من الأطراف أو أحدهم أو بمبادرة منه أعني قاضي التهيئة
* البت في الدفوع وغيرها من المسائل الإجرائية: تطبيقا للبند رقم: 7 من المادة: 61 آنفة الذكر لقاضي التهيئة البتّ في الدفوع المتعلقة بالاختصاص والارتباط وسابقية النشر وغيرها من المسائل الإجرائيةLes questions de procédure بما في ذلك البطلان الناجم عن انتهاك قواعد الشكل ... ويشار إلى أنّ قراراته لا تحوز قوة الشيء المقضي به ما لم تكن تنهي القضية حسب المستفاد من ذات البند في ضوء القواعد العامة وكذلك المعمول به في فرنسا Code de procédure civile. Op. Cit.p. 752 وقراراته قابلة للاستئناف إذا كانت تنهي النزاع و في مرحلة الاستئناف يكون للمستشار المكلف بالتهيئة بعد إحالة القضية إليه البتّ في أمور منها:
ـ قابلية القضية للاستئناف
ـ الدفوع المتعلقة بعدم الاختصاص
ـ وقف التنفيذ بالنسبة للأحكام الموصوفة بأنّها نهائية على سبيل الخطإ وكذلك المشمولة بالنفاذ المعجل حسب المستفاد من المادة السابقة أي المادة: 61 خاصة في ضوء المادتين: 914 و 915 من مدونة الإجراءات الفرنسية Code de procédure civile. Op. Cit.p. 757 ....
وعلى خلاف ذلك فليس له البتّ في العيوب التي يمكن أن تكون شابت الإجراءات التي سبقت أو واكبت حكم محكمة الدرجة الأولى فهذا النوع من العيوب يكون البتّ فيه من اختصاص محكمة الاستئناف حسب حكم صادر عن محكمة الاستئناف بباريسCode de procédure civile. Op. Cit.p. 764 ويشار إلى أنّ الأصل في القرارات الصادرة عن المستشار المكلف بالتهيئة في فرنسا هو أنّها غير قابلة للطعن بالنقض حتى ولو كان العيب الذي يشوبها هو عيب تجاوز السلطة Ibid. p. 766 بينما تمكن إحالتها إلى التشكلة إذا كانت تنهي القضية حسب نصّ المادة: 916 من مدونة الإجراءات المدنية الفرنسية Code de procédure civile. Op. Cit.p. 756 ويمكن أن يكون سبب تقرير هذه المقتضى هو أمور منها الحيلولة دون إغراق المحكمة العليا بالملفات أمّا المشرع الموريتاني فلم يتناول الموضوع وتركه للقواعد العامة المنصوصة في المواد: 167 و 171 و 204 من ق إ م ت إ الأمر الذي يوجب ضرورة تبني الرأي القائل بقبول الطعن في قرار المستشار المكلف بالتهيئة التي تنهي النزاع وعدم قبول الطعن في غيرها إلا مع الأصل سواء كان ذلك في الدرجة الأولى أو الثانية وهذا المذهب توجب العمل به أمور من بينها أنّ الطعون من أهمّ حقوق الدفاع وبالتالي لا يمكن المساس بها إلا بنصّ والنصّ منعدم الآن وتفسير النصوص يجب أن يكون صوب ما يعزّز صيانة حقوق الدفاع هذا مع أنّ قبول الطعن بالنقض في قرارات المستشار المكلف بالتهيئة يمكن أن تزيد من عدد الملفات المنشورة أمام غرف المحكمة العليا نتيجة لاحتمال كثرة الطعون فيها غير أنّها في هذه الحالة يمكن أن تكون لها مزايا أخرى منها:
* العمل على البتّ في فترة معقولة: لأنّ المحكمة العليا إذا رفضت الطعن بالنقض في قرار المستشار المكلف بالتهيئة يحتمل أن تنتهي بقرارها القضية
* تخفيف الضغط على مختلف التشكيلات المدنية لمحاكم الاستئناف لأنّ بعض القضايا ستنتهي دون المرور بها
* القضاء الاستعجالي والأوامر على العرائض: يشار إلى أنّ بعض التشريعات منحت قاضي التهيئة اختصاص قاضي الأمور المستعجلة Juge de référés غير الحجز التحفظي .... كما هو الحال في المادة: 771 من مدونة الإجراءات المدنية الفرنسية Code de procédure civile. Op. Cit. p. 648 واختصاصه في هذه الأمور يبدأ بمجرد تعهيده بالقضية بينما لم تمنحه اختصاص Juge de requêtes لأنّه لا يبتّ إلاّ حضوريا Serge Guinchard Frédérique Ferrand Cécile Chainais Op. Cit. p. 828 أمّا المشرع الموريتاني فلم يتعرض لتقييد اختصاص قاضي التهيئة بشأنها ممّا يعني أنّه منحه الاختصاص في اتخاذ جميع الإجراءات التحفظية التي تصدر عبر مساطر القضاء الاستعجالي والأوامر على العرائض وجعل الطعون فيها خاضعة للقواعد العامة المتعلقة بالموضوع خاصة المواد: 167 ـ 238 ـ 244ـ 245 من ق إ م ت إ وحسنا فعل ذلك أنّ القاضي المتعهد بالملف يمكن أن يكون أكثر قدرة على اتخاذ هذا النوع من الإجراءات فيه من غيره من القضاة هذا بالإضافة إلى أنّ اعتماد هذا المذهب من شأنه أن يخفّف الضغط على رؤساء المحاكم خاصة الكبيرة ويجعلهم يتفرغون لأمور أخرى في ملفات مثل تلك التي لم تحل إلى قاضي التهيئة أو رجعت من عنده ....
وواضح أنّ هذه المقتضيات تجعل من قاضي التهيئة طرفا حقيقيا وإيجابيا في المسطرة بل إنّها بها يكون قاض التهيئة هو قاض التحقيق في المجال المدني وبه يتضح سير الإجراءات المدنية على خطى الإجراءات الجزائية على حدّ تعبير الفقيه Emmanuel Blanc أمانول بلان Serge Guinchard op. cit. p. 1042 وتدخل القاضي في المسطرة بهذه الفاعلية من صميم المبادئ العامة للشريعة الإسلامية التي يشي ظاهر أقوال بعض فقهائها بأنّ على القاضي إيصال حجج كلّ طرف للطرف الآخر وسؤاله عن ردّه عليها وهل لديه شهود على ادعاءاته بل يصل الأمر عند بعضهم إلى جواز تلقين القاضي للأطراف الحجج التي عجزوا عن عرضها أمام المحكمة كما هو واضح من ظاهر بيت ابن عاصم الذي جاء فيه:
وخصم إن يعجز عن إلقاء الحجج لموجب لقّـنها ولا حــرج
ويجب التنبيه هنا إلى أنّ القرار رقم: 57 / 2014 الصادر بتاريخ: 11/ 05 / 2014 عن الغرفة المدنية والاجتماعية الثانية بالمحكمة العليا يشي بأنّ هذه التوجه لا يزال ساريا في موريتانيا ويشار إلى أنّ المادة: 61 المشار إليها أعلاه منعت قاضي التهيئة من تمديد الأجل بنصها في الفقرة قبل الأخيرة منها على أنّه: ( إذا تخلف أحد الأطراف عن حضور الجلسة التي حدّدها قاضي التهيئة أو رفض حضورها أو انتهت المدة المنصوص عليها في هذه المادة يحيل الدعوى إلى قاضي الموضوع مرفقا بها المحضر المشار إليه في الفقرة الخامسة من هذه المادة ) و الفقرة الخامسة المحال إليها جاء فيها أنّه يجب على قاضي التهيئة أن يحيل الدعوى إلى قاضي الموضوع خلال شهر من تاريخ أول جلسة يعقدها بعد إعداد محضر يسرد فيه جميع الإجراءات التي قام بها في القضية
وفي الأخير يتضح أنّ مؤسسة قاضي التهيئة مؤسسة على درجة عالية من الأهمية ذلك أنّها يمكن أن تساهم في تكريس مبدإ البتّ في فترة معقولة هذا بالإضافة إلى أنّها ستساعد على التقليل من الأخطاء القضائية كما يتضح ممّا سبق عرضه أنّ النصوص المتعلقة بها تحتاج لتعديل سريع به يتم إيضاحها ويقضي على الهنات التي تتضمن والتي من أبرزها جعل قرارات المستشار المكلف بالتهيئة التي تنتهي بها القضية قابلة للطعن بالنقض ذلك أنّ من المحتمل أن يكون من المناسب اعتماد ما في فرنسا من اقتصار الطعن فيها بالإحالة على تشكلة غرفة محكمة الاستئناف المختصة
القاضي محمد ينج محمد محمود مستشار باستئنافة ألاك