لاشك أن القاعدة القانونية التي مفادها أنه " لا عذر لأحد في جهل القانون" على وضوحها تقطع الطريق في وجه المبررات التي تساغ أحيانا بخصوص عدم العلم و المعرفة بالقانون و الحقوق و الواجبات المترتبة عنها من قبل من يفترض علمهم بها..و أنه كنتيجة لهذا المبدإ تقول قاعدة قانونية أخرى، دائما بشكل عام و مجرد يخاطب الجميع، على أنه "لا أحد فوق القانون" وهو ما يعني أن احترام القانون و ما يكفل من حقوق و أوامر محدودة ..تخاطب الجميع (أفرادا أو أشخاصا أو فئات و شرائح) بغض النظر عن مؤهلاتهم و مستواهم المعرفية و ظروفهم الإجتماعية ..حتي ولو كان المستفيد أو المستفيدين الحقيقيين من الحقوق و الواجبات تستدعي مستوياتهم الفكرية في الفهم والإدراك إلى التوجيه و التأطير..وهو ما يفترض أن تتميز بوجوده بشكل دائم عن باقي النظم السياسية.. دولة المواطنة و دولة القانون ..دولة المؤسسات...!
واليوم أمام تحدي الإهتمام المتزايد لدى الفاعلين من مستويات مختلفة إلى تكريس احترام مختلف الحقوق المقررة وبشكل خاص"تطبيق آليات حقوق الانسان" داخل الوطن.. ونظراً لما يترتب عن ذلك من تحديات عديدة.. ومع مراعاة التحسينات التي أدخلت علي ترسانتنا القانونية في مجال قانون الجمعيات بصدور القانون الجديد رقم 20-032 المتعلق بالجمعيات والهيئات والشبكات..لتذليل بعض الصعوبات كانت تصادف المنظومة الوطنية حتى تتوفر الضمانات القانونية الأكيدة في هذا الصدد لتسهيل إنشاء الجمعيات و تسهيل إجراءاتها وضبطها وفق ما تكرسه قواعد دستور البلاد والتوجه العام لإرساء قواعد الدولة الليبرالية(حرية التجارة و الصناعة و التنافس الحر المشروع و حماية البيئة و حماية المستهلك...) ودولة المؤسسات ..في حدود إحترام الثوابت الإسلامية و الخصوصية الحضارية و التنوع الثقافي للجمهور ية ..،
وإعتبارا لما سبق يعتبر اليوم دعم و إشراك و توجيه المنظمات الغير حكومية الحقوقية الوطنية أمرا ضروريا في بناء دولة القانون ..من خلال ترقية و تثقيف و تربية المواطنيين علي حقوقهم المختلفة و خاصة منها تلك التي تستهدف الفئات الهشة أو الأكثر هشاشة...لكي تتحقق عملية التوعية الوطنية المطلوبة..خاصة إذا ما أدركنا أن عملية التطبيق و الإشراف علي تنفيذ الآليات المقررة للحقوق يقوم بها بحكم الإختصاص من لا دخل لهم صراحة بالعواطف وإنما التطبيق السليم للقانون بكل نزاهة وشرف ..،
ثم إن تقرير الحقوق بمختلف أشكالها لا يفي وحده بالمطلوب وكذا ذهاب البلد إلى مختلف الآليات في مجال حقوق الإنسان وغيرها ..ما لم تصاحبه دراية واعية من قبل المستفيدين و أصحاب الحقوق بما يترتب عنها من إلتزامات دون قصورٍ في الإدراك و في الفهم !
القاضي/سيدي محمد شينه رئيس المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الاسترقاق