قاضي يتساءل عن ماحققه النواب في سبيل اصلاح واستقلال القضاء

جهود البرلمانيين المتعلقة بالقضاء

( ... من المعروف أنّ البرلمانات تلعب أدوارا أساسية في المجتمعات الحديثة خاصة تلك التي اعتمدت نظاما سياسيا مشابها لنظامنا وامتدادا لذلك للبرلمان في موريتانيا كثير من الصلاحيات من بينها:

1ـ أنّ له اقتراح القوانين تطبيقا للمادة: 61 من الدستور ولفظ القوانين هنا يشمل جميع النصوص القانونية بما في ذلك تعديل الدستور ومختلف القوانين النظامية والعادية واستخدم بعض نواب البرلمان في موريتانيا هذه الصلاحيات عندما أرادوا فتح المأموريات الرئاسية حيث قام بعضهم بجمع التوقيعات الهادفة إلى ذلك كما أنّهم تقدموا قبل أشهر قليلة باقتراح تعديل القانون النظامي رقم: 2008/ 021 المنظم لمحكمة العدل السامية

2ـ من المعروف أنّ للبرلمان أن يطلب من الحكومة تقديم إيضاحات حول تسييرها للشأن العام وهي ملزمة بتقديم ما يطلب منها من إيضاحات تطبيقا للمادة: 72 من الدستور كما أنّ له أن يسقط الحكومة تطبيقا للمادة: 75 من الدستور ويكون إسقاطها مبرّرا متى كان تسييرها للشأن العام يمس بالمصلحة العامة للبلد

3ـ للبرلمان أن يتهم رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى متى قام هذا الأخير بانتهاك القواعد الدستورية الأساسية بشكل يمس بالمصالح العليا للمجتمع Dmitri Georges Lavroff op. cit. p. 414

ولأنّ استقلال القضاء هو الأداة الأساسية لحماية الحريات الفردية ... وبالتالي صيانة السكينة والسلم والاستقرار داخل المجتمع فيمكن للبرلمان اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى عند المساس باستقلال القضاء بشكل خطير ومحاكمته بسبب ذلك

4 ـ بالإضافة إلى ما سبق فإنّ البرلمان في موريتانيا أصبح في الفترة الأخيرة يشكل لجان تحقيق في بعض المواضيع التي يعتبرها ذات أهمية وطنية وتصدر هذه اللجان توصيات بشأن ضرورة اتخاذ إجراءات في المجال التي كانت تحقّق فيه ....

ورغم أهميّة استقلال القضاء وكونه ضرورة ملحة للحيلولة دون نسف استقرار البلد الذي تشي الحملات التي تشهدها الساحة منذ فترة بأنّه يسير بخطى واثقة إلى هزة كبيرة لا يمكن التنبؤ بآثارها ما لم تتم مواجهة تلك الحملات وما يذهب البعض إلى أنّه دوافعها بأمور ملموسة من أهمّها تعزيز استقلال القضاء ورغم كلّ ذلك وخطورة الوضع فإنّ البرلمان في موريتانيا حسب علمي المتواضع لم يستخدم أيّا من صلاحياته السابقة من أجل تعزيز استقلال القضاء أو الدفاع عنه ويتضح ذلك من خلال:

* أنّ أيّ فريق برلماني لم يقدم مقترحا لتعديل النظام الأساسي للقضاء الذي عرضنا أعلاه أنّه لا يوفر للقاضي متطلبات الاستقلال انطلاقا من المعايير الدولية لاستقلال القضاء هذا مع الإشارة إلى أنّ بعض النواب تقدموا بمقترحات قوانين تتعلق بمجالات أقلّ شأنا بالنسبة لي على الأقل من استقلال القضاء وذلك مثل مقترح تعديل القانون النظامي رقم: 2008/ 021 المنظم لمحكمة العدل السامية ويشار إلى أنّ هذا القانون كان في معظمه على درجة معينة من الجودة بالنسبة لي على الأقل وخارج تشكلة المحكمة لا يشكل تعديله مسألة ملحة وتمكن مراجعته في عدد الجريدة الرسمية رقم: 1169 الصادر بتاريخ: 15 يونيو 2008 للتأكد من ذلك ويشار إلى أنّ محكمة العدل السامية لم تشكل في بعض البلدان أبدا رغم مشابهة دساتيرها لدستورنا

* لم أسمع أنّ البرلمان أسقط حكومة بسب تطاول بعض أفرادها على السلطة القضائية أو انتهاكهم لمبدإ فصل السلطات رغم أنّ هذه الأمور حدثت

* لم تشكل من طرف البرلمان أيّ لجنة للتحقيق في الأمور التي أدّت بالدفع بالقضاء نحو ما هو فيه من مشاكل جمة هذا مع أنّه شكل لجنة للتحقيق في أمور أظنها أقلّ أهميّة من استقلال القضاء ....

* لم يشكل حتى الآن أيّ نواب من الجمعية الوطنية فريقا للدفاع عن استقلال القضاء هذا مع الإشارة إلى أنّهم شكلوا فرقا للدفاع عن مواضيع ليست أكثر أهمية من استقلال القضاء

هذا مع الإشارة إلى أنّ بعض النواب ينتقد القضاء ويتهمه بعدم الاستقلال ومع اعترافي بحقّ النواب في إبداء الرأي في مختلف المواضيع فإنّ المتلقي يمكن أن يأخذ عليهم عدم انخراطهم بشكل فعّال في الدفاع عن استقلال القضاء الذي هو الأداة الوحيدة لحماية حرياتهم هم وناخبيهم .... )

فقرة من مقال سابق جابه الموجب إبان ظروك

من صفحة القاضي/محمدينج محمدمحمود -رئيس محكمة مقاطعة الميناء

سبت, 06/03/2021 - 21:57