فى البداية ألاحظ - كما لاحظ ذلك كل قارئ للتقرير - أن طابع التحامل على القضاة
سمة غالبة عليه من بدايته إلى نهايته، لذلك فالموضوعية المجردة من الغرض غائبة
عنه إذ من شرطها ذكر المتقابلات على وجهها دون إخلال بواحد على مقابله فإذا تحدث
التقرير عن الأخطاء وعددها صنفا بعد صنف فهذا مطلوب فى مثل هذه الأعمال التى تراد
لمصلحة الوطن ولاغرض وراء ذلك لمصدر التقرير وحينئذ يلزم لان يكون العمل موضوعيا
ان تعدد الأعمال - كما هى بلا تنميق - التى تقابل الأخطاء مما أحسن فيه القضاء واجاد فيها كأحسن ماتكون الإجادة
إن قارئ التقرير بتأمل يود لوعلق عليه بتناول نقاطه الكثيرة تعليقا وتمحيصا ولكن لضيق الوقت
والانشغلات الجمة فإننا نسجل هنا بعض الملاحظات على عجل فمنها:
- اننا لن نقوم برمى التقريربالزيف والبطلان وغير ذلك من النعوت بل نعتبره ذامصدقية فى
مجمل ما تناول إلا ان ذلك الاعتبار مشروط بما يلى:
- أن تكون استنتاجاته قائمة على أدلة لاعلى انطباعات كماهو الظاهر المتبادر دونما التباس فماهى الادلة
التى أوردها القائمون على التقرير لما راموا من إثبات أن القضاء وقع فيما وقع فيه وفقا لمضمون التقرير؟
الاحكام التى لم تحرر فى أجلها القانونى متى صدرت وماهى المحكمة التى أصدرتها إلى آخر سؤال فى
هذا المضمار؟ويقاس على هذا جميع القضايا التى أثارها التقرير با عتبارها حقائق لا يتطرق أليها الشك لانها من القواطع لصدورها عن اللجنة الموقرة،،
ما من شك عند أحد أن اللجنة لوالتمست حكما أو قرارا من محكمة ما لحازته فورا ولن تجد مانعا من الاستلال
به على وفق ما هى بصدد إثباته من انعدام المحاكمة العادلة مثلا او مخالفة القانون فيما يلزم في الحبس الاحتياطى
للأطفال المتنازعين مع القانون .
الواقع أن القضاء كغيره من سلطات الدولة واجهزتها يخطئ ويصيب ويحسن ويسىء وأن تقويم أعماله
من طرف هذه اللجنة نقدا وتمحيصا قد يصب فى مصلحة المتقاضى ويعودعلى الدولة بالنفع ولكن التشهير
به والتحامل عليه بالقدح فى اشخاص القضاة وكتاب الضبط بقوادح لا برهان عليها ولكنها مستورة عن
العيان يظل ذلك أمرا غريبا ومسلكا غيرلائق خصوصا أنه جاء من جهة يفترض انها مسئولة لا تطلق الكلام
على عواهنه ولا تسود تقاريرها بالعيب والهجاء فى شكل غير شكله المعتاد.
وإذن فإن القضاة يرغبون بعد أن قرأوا هذا التقرير أن تكون استنتاجات اللجنة مستندة إلى أدلة لا تدحض
وبراهين لا تفند لأن المطلوب فى أدب المنظرة ألا نقوم بتكذيب ما لم نحط به علما وفى المقابل فإن تصديقنا
لهذه المآخذ الضارة بسمعة القضاء - كما أسلفنا - لا يقبل شرعا وعقلا إلا بما يقنع من القول لتنهض به الحجة
فما الذى أثبت عند اللجنة أن قضاة معروفين قاموا بالتوسط لدى زملائهم ليصدروا أحكامهم أو قراراتهم على وفق
أهواء الوسطاء لتتحقق بذلك رغبة قريب او صديق من رجل أعمال أورجل آخر مضاف إلى ما شاءت اللجنة الإضافة
إليه ؟ ويتبع هذا السؤال ما قد يصل إلى العشرات من الأسئلة عن المحكمة التى وقع فيها هذا المسلك الخبيث وعن
أطراف النزاع من هم إلى آخره؟ لا يخفى أن الإسئلة متجهة إذهى ضرورية للبحث وبقدر ذلك وفوقه من الإلحاح
فإن جوابها متعين على اللجنة الموقرة وملزمة به فى إطار المناظرة التى تقتضى رد الخصم إلى الصواب بطريقة
يعرفها،وكذلك فى نطاق القوانين المعمول بها حين يلزم الاحتكام إليها فى مثل هذه الوقائع لخطورتها على الجميع من
قاض وكاتب ضبط ومحام ومتقاض ودولة وشعب،،،،
نحن نعلم أن القاضى مستباح العرض فى مجتمعنا حتى من غير من تقاضى ولم يفلح فى دعواه وهذه بلية القضاء
فيما مضى وستظل كذلك( ما بل بحر صوفة ) آلا أن تجسيدها فى تقرير صادر عن لجنة وطنية لا تجازف فى القول
ويرأسها شخص معروف ذو مسيرة فى المحاماة وفى النضال من أجل الحقوق يظل أمرا غريبا ما لم نطلع على مثبتات
اللجنة فى ما وقفت عليه من هذه الأمور الشنيعة إن ثبتت أو إهانة القضاء وتشويه سمتعه والنيل من رجاله إذا هى انتفت
وظهر بطلانها وانها شهادة بالزور فى ثوب قشيب من الألفاظ والعبارات الزاىفة.
القاضي عبد الله امحمد رئيس محكمة ولاية لعصابه
والله الموفق