هناك رسائل ما بعد انتخابات 13 مايو 2023، وما بعد أعمال الشغب التي أعقبت حادثة قتل عمر جوب. وعلى النظام أن يقرأ هذه الرسائل قراءة جيدة.
الرسالة الأولى / لقد انتهت الهدنة السياسية بعد الانتخابات الأخيرة، وإذا كان النظام قد أتيح له في السنوات الماضية أن يستفيد من أطول هدنة سياسية، فإن السنوات القادمة ستكون سنوات مواجهة وصدام حقيقي مع المعارضة؛
الرسالة الثانية / إذا كانت المعارضة التقليدية لها أساليبها الهادئة في مواجهة النظام ( التكتل، التحالف، قوى التقدم) نظرا لتجاوزها لمرحلة المراهقة ودخولها في مرحلة الشيخوخة، فإن هذه المعارضة لم تعد اليوم موجودة، وحلت محلها معارضة جديدة في مرحلة المراهقة السياسية، ويبدو أن هذه المعارضة الجديدة على استعداد للقيام بأي شيء، ولاستغلال أي شيء حتى ولو كان يهدد استقرار البلد، ولعل الأحداث الأخيرة التي أعقبت مقتل عمر جوب خير دليل على ذلك. تجددت المعارضة مع الانتخابات الأخيرة ولم تتجدد الأغلبية، وهذه المعارضة الجديدة تعيش مرحلة المراهقة السياسية، وبالتالي فلا يمكن مواجهتها بأغلبية تقليدية تعيش مرحلة الشيخوخة على الأقل في أساليب عملها؛
الرسالة الثالثة / أثبتت الأحداث الأخيرة أن الكثرة العددية لن تنفع النظام سياسيا ولا إعلاميا، قد تنفعه في تمرير القوانين ولكنها لن تنفعه كواجهة سياسية فعالة، فالمائة نائب وزيادة لم يكن لها أي دور في الأيام الماضية في مواجهة عدد قليل من نواب المعارضة تمكن بالفعل من التجييش والشحن الإعلامي لحادثة مقتل عمر جوب، فكان ما كان من أعمال شغب ونهب؛
الرسالة الرابعة/ وهذه تكملة للرسالة السابقة إذا قرر النظام الاعتماد على فوزه الساحق في الانتخابات الأخيرة، وعلى نوابه وعمده الذين جاءت بهم هذه الانتخابات، فسيعني ذلك أن النظام سيواجه في الفترة القادمة مشاكل كبيرة على المستويين السياسي والإعلامي، وذلك نظرا لضعف الأداء المنتظر من واجهته السياسية والإعلامية الحالية؛
الرسالة الخامسة / كان من المقبول خلال المأمورية الأولى أن يتفهم المواطن حجم التحديات ( جائحة كورونا؛ حرب أوكرانيا؛ ملف العشرية)، وكان من المقبول كذلك أن يتفهم المواطن الصعوبات وأن يتقبل الوعود، ولكن مع انتهاء المأمورية الأولى ( تقريبا) فإن المواطن لن يكون متفهما لأي تحديات، ولن يقبل بالحد الأدنى من الإنجازات...لابد في الفترة القادمة من إنجازات كبرى يصاحبها تسويق إعلامي وسياسي فعال؛
الرسالة السادسة / لابد للإصلاح من مصلحين، ولا بد للإنجاز من أشخاص قادرين على الإنجاز ، والأصعب هو اختيار المصلحين القادرين على الإنجاز. لابد للمرحلة القادمة من حكومة قوية قادرة على تحقيق إنجازات كبرى، ولابد أيضا من ذراع سياسي وإعلامي فعال وقادر على أن يسوق تلك الإنجازات، وأن يدافع عن النظام كلما كانت هناك حاجة لذلك، ومن المؤكد أن الحاجة لذلك ستتكرر كثيرا في المرحلة القادمة.
محمد الأمين الفاضل