صفق المحامي سيدي ولد فال لنفسه كثيرا داخل قاعة المحكمة المختصة في جرائم الفساد، واختلق سيناريو افتراضي رمى خلاله الورود على المتهمين وهم في قفص الاتهام مقدما التهاني الحارة، خلال حواره مع نفسه، قائلاً بأن الدولة بكل اجهزتها تحاول إثبات إدانتهم لكنها عجزت، لأن موكله ببساطة متروك يصنع ما يشاء، ومنع العدالة من مناوءة هذا الفساد حتى لا يتحوّل إلى حالة من الترف القاتل الذي يهدد كيان المجتمع.
هكذا عاش هذا المحامي لساعات منتشياً في فصول مرافعته أحادي التفكير محوّلاً الترف من كونه حالة مالية واقتصادية ليكون حالة قانونية وسياسية، حتى نعيش معه في قرية آن هلاكها بسبب مترفيها.
لقد غاص بين الدساتير طعنا في عدم اختصاص المحكمة ومكررا تمسك الرئيس السابق بالمادة 93 وتفسيراتها التي فشل محاموه قبل ولد فال في أن يجعلوا منها مجنا لجرائمه العديدة.
وبرر فأر المكتبات كما سماه احد زملائه كل الجرائم المنسوبة لهذا الرهط بأنها غير واردة البتة، وعن شماله مكتبة من الدعاوى والمطالبات بإنفاذ القانون في هؤلاء تكاد تحجب وجه المدعي العام القاضي أحمد ولد المصطفى.
و اعتبر بكل سطحية أن ثروة ولد عبد العزيز القارونية جاءت لكونه “مواطناً مورتيانياً” وبعضها حصل عليه بعد خروجه من السلطة، أي أنه في أشهر قليلة حصد مليارات من الأوقية بطرقة إصبعين.
لقد برر مثلا عمليات المزاد الصورية لبيع المدارس بالقول أن العملية ليست من صلاحيات الرئيس، وأنه لا أهمية لمدرسة عمومية قد يمر عليها بعض كبار السن ليقولوا درسنا ذات يوم هنا!، لكنه تناسى أن تلك المؤسسات تم تحويلها لملكية خاصة من خلال مزادات صورية يشارك فيها سماسرة ولد عبد العزيز من أمثال محمد الامين ولد بوبات.
وقال بأن الاعمال التي نفذتها شركة اسنيم في محمية عزيز بضواحي بالنشاب جرت دون علمه في حين أن عزيز نفسه اعترف بعلمه بها.
وركزت مرافعة المحامي سيدي ولد فال من لفيف الدفاع عن المتهمين في ملف فساد العشرية على القانون المقارن سعيا لإثبات دستورية عدم مسائلة رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 93 من الدستور الموريتاني، أجرى مقارنات بدساتير دولة عربية وفرنسا، متناسيا محاكمة جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وحتى وضع الأصفاد في معصمي ترامب حيث استدعاه المدعي العام الأمريكي موجهاً إليه عشرات التهم.
لقد سعى هذا المحامي لصناعة أشخاص فوق المساءلة القانونية وخارج دائرة التقاضي، حولهم قبة حديدية، وسور لا يمكن تعديه، وحصانة لا يمكن دحضها، معتبرا بأن هذا المترف ليس مجرّد إنسان عادي.
معززا من كون المتهم يرى نفسه خارج دائرة المسائلة، فهو إنسان مدرك لحقيقة موقفه، وعازم على مواجهة المجتمع، ومتّسم بالإجرام لكونه واعياً بقوله وفعله، وعلى بيّنة مما يلجأ إليه لتشويه حياة الناس، وتعريض اجتماعهم للخطر، هذا فضلاً عمّا يمكن أن يتسبّب به هؤلاء من أخطار على مستوى عقائد الناس وأخلاقهم.، كما ورد في كتاب المترفون وصناعة الفساد.