اعتاد الانسان العربي ان يكون مستهلكا منذ عدة قرون ، مستهلكا على المستويات تقريبا ، وليست الديمقراطية بدعا في ذلك ، حيث رحلت كغيرها مما تم استجلابه من خارج سياقه ،أي التجربة الغربية وان بشكل صوري فج .الا ان الديمقراطية كغيرها من المفاهيم والتصورات لها دوالها ومقوماتها الاساسية التي تشكل هويتها ، والتي لا تنوجد دون توفرها او على الاقل توفر الحدود الدنيا منها . فلا ديمقراطية دون مشهد سياسي تتجاذبه سلطة حاكمة ، ومعارضة طموحة وجادة . فاذا غابت هذه الثنائية تحت اي ذريعة كانت فلامجال للحديث عن الديمقراطية .ان الصيغ المختلفة التي تنكبت هذا الطريق وتحايلت عليه ليست سوى ديكتاتورية معممة ، ونظاما لحزب واحد مهما تكاثرت صوره وتنوعت صيغه.
وبهذه الثنائية يستقيم أمر الشأن العام وتتنافس المشاريع والرؤى ، ويدفع كل فريق باحسن ما لديه عدة وعتاد في مواجهة غريمه خدمة للوطن ، وكسبا لود الجماهير.
اما اذا غابت المعارضة او غيبت بسبب المحاصرة والاختراق وانفردت السلطة وطحالبها وحيتانها وقططها السمان ، بالأمر فسيقع ، بل وقد وقع فعلا ما يروى و لا يطوى .
لا معنى في ادبيات الديمقراطية لمعارضة حميدة ، فما خلقت المعارضة أصلا كحمل وديع او خصم مشفق ، بل قد خلقت للمنازلة وتقويم الأود. والاعوجاجات ، فإذا استشعر النظام قدرة المعارضة على كشف نقاط ضعفه ، وقدرتها على تحريك الشارع ارغمه ذلك على استفراغ الجهد وبذل المزيد من التمحيص والتمهل ، حتى لا يقع في شباك المعارضة التي تتربص به الدوائر.
ان المشهد السياسي الوطني منهك باخلاقياته وطيبته ووداعته التي حبذا لو استحالت رعونة .الاحزاب تم حلها دون تمهل ، والمشاريع قيد التأسيس تعطل دون تردد بمبررات واهية.
اعتقد ان التهدئة السياسية التي يتمايل طربا على انغامها بعض المهرجين والمرجفين وباعة الاوهام ، هي من أعظم سقطات النظام .
ان الحركة والصخب والضجيج من أمارات الحياة ، اما السكون والرتابة والجمود فمحله القبور لا الدور.
ان تفاعل الافكار ، وتدافع الرؤى ، وتضارب التصورات والمشاريع ، مجلبة للنفع وخطوة هامة في سبيل اصطياد الاجدى والانفع.
ان نظام الحزب الواحد الذي نعيشه اليوم بلسان الحال ترك الضحية بين يدي الجلاد وهكذا انفتح الباب واسعا أمام المفسدين من كل الملل والنحل من عهد ولد الطايع الى يوم الناس هذا.
نرجو من النظام ان يتعقل ويرعوى ويخرج من جلباب الرمزنة ولعبة تدوير المفسدين وان يكف عن متابعة اغتيال المشهد السياسي بلا هوادة ، ونرجو من المعارضة ان تصحو من سباتها وان تستحدث آليات ومقاربات غير تقليدية ، وان تخرج عن دائرة رد الفعل إلى الفعل وان تستنهض قواعدها وان تتزود بالصبر وطول النفس .
واخيرا احذروا سمان القطط.
سيد المختار عال يتواصل46773726 بتاريخ 5_02_2024