في الوقت الذي تعاني فيه الأندية الموريتانية حالة من الإفلاس لم يسبق لها مثيل, جعل بعضها مثل زمزم وتجكجه يباع مجانا, وفي الوقت الذي تعجز فيه إتحادية كرة القدم عن إطلاق بطولة الدرجة الثانية في انواكشوط حيث يوجد فيها أكثر من أربعة وعشرين فريقا يمثلون القاعدة الحقيقية لكرة القدم الموريتانية ,وفي الوقت الذي يتراجع تصنيف المنتخب الوطني من مركز متأخر إلي مركزا أكثر تأخر منه, وتتوالي الهزائم الثقيلة بخماسية من منتخب محليي المغرب ولو كان الأول لكانت ربما النتيجة أثقل, وفي الوقت الذي حقق فيه منتخب جيبوتي الضعيف أول فوز في تاريخه علي منتخبنا, تصرف إتحادية كرة القدم عشرات الملايين علي سهرة في ليلة واحدة وتعتبر بأنها حققت إنجازا كبيرا للكرة الموريتانية, وتتسابق القنوات والإذاعات التابعة لها في بث وتقديم الحفل, وكأن الكرة الموريتانية تأهلت لنهائيات كأس العالم أو لنهائيات أمم إفريقيا مثل جيراننا مالي والسنغال, أو أن حفلة ألف ليلة وليلة ستقنع الفيفا برفع تصنيف منتخبنا المتهاوي, أو ستجعل الكاف يقرر تأهيل منتخبنا لنهائيات أمم إفريقيا في غينيا الاستوائية, التي حاولت أجهزة الإعلام التابعة لرئيس الإتحادية تصويرها علي أنها جحيم أفريقيا الذي لايطاق وبأنهم حققوا إنجازا كبيرا برجوعهم سالمين منها, فإذا هي تحتضن أكبر حدث رياضي إفريقي لا يمكن لأي دولة أن تحتضنه ما لم تكن لها إمكانيات وقدرات غينيا الاستوائية, ومرة أخري يثبت أحمد ولد يحي بأن مكانه الطبيعي والحقيقي هو وزارة الإعلام أو مدير شبكة إعلامية أو مدير حملة دعاية وليس قيادة كرة القدم الموريتانية, التي أصبحت اتحاديته تحمل الرقم القياسي في عدد الهزائم الملحقة بمنتخباتنا الوطنية في سنة واحدة رغم الإمكانيات المالية التي تجاوزت ملياري أوقية, إن علي ولد يحي أن يعرف بأن الإنتصارات والأهداف هي التي ستقدم كرتنا الوطنية وليس السهر والغناء والرقص والوجبات الشهية, وصرف الملايين لتقديم ذالك علي الهواء مباشرة للمشاهدين, كما أن عليه بأن يعرف بأن التقليد الأعمي لثقافات وتقاليد شعوب أخري, لن ينجح في المجتمع الموريتاني المسلم المحافظ المعتز بدينه وثقافته وتقاليده, كما أن عليه أن يعرف وهو بحاجة ماسة لذالك لأن الجوقة الإعلامية الضخمة التي يقودها تظهر له الأمور وكأنه أصبح شخصا أسطوريا خارقا, ولعمري كيف به في اليوم الذي تقرر السلطات الرسمية سحب الثقة منه كيف سينقلب السحر علي الساحر, ويصبح بنظر تلك الجوقة المسئول عن هزائم الكرة الموريتانية حتي قبل ميلاده ربما, إن إقامة نسخة من حفل الفيفا في انواكشوط لايجب فيه التعديل أو التحريف, فالفيفا يكرم أحسن لاعب وأحسن مدرب والفريق المثالي لكن لا يوجد تكريم لأحسن صحفي أو أحسن برنامج تلفزيوني ,لأن ذالك عدا كونه تدخل واضح وتأثير سلبي للفيفا في حرية واستقلالية الصحافة, يجعل الجائزة رشوة واضحة مكتملة الشروط القانونية, لأن الصحافة مهنتها تقييم وإنتقاد الإتحادية وهذه الأخيرة بالتأكيد ليست مؤهلة لتقديم جوائز حسن السيرة والسلوك لمن يفعل ذالك, لأنها بالتأكيد لن تكرم من ينتقد عملها ويرفض تدجينها, وبالتالي تصبح شهادة تكريم منها بمثابة وصمة عار لكل صحفي نزيه مستقل مهني يرفض التبعية لأي جهة غير صحفية مهما كان جبروتها وطغيانها وقوتها, كما أن علي ولد يحي أن يعرف بأن هذا الحفل لو كانت فيه فائدة لكرة القدم لفعلته السنغال التي تأهل منتخبها لنهائيات كاس العالم ومالي والمغرب وتونس, أما إذا كان طموح ولد يحي هو منافسة الفيفا بعد أن تمكن من تجاوز أقرانه علي المستوي العالمي فتلك حكاية أخري ربما تستحقا كلاما مختلفا,إن محاولة ولد يحي محو الهزائم المتتالية للكرة الموريتانية من خلال ذر الرماد في العيون بسهرات ليلية وتدشين مقر فاخر يدشن للمرة الثالثة, وزيارات شكلية والإفتخار بإنجازات وهمية ينفذها الفيفا لجميع أعضائه, وسعيه الحثيث للقيام بحملة مبكرة لخلافة نفسه بنفسه في ولاية جديدة, حتي ولو تطلب الأمر الصلح مع أكبر معارضيه جانو مسؤول المنتخبات السابق, لن يغير من الواقع المرير الذي تعيشه كرة القدم الموريتانية في أهم مفاصلها إلا وهي المنتخبات الموريتانية, وإن السير علي نفس الطريق لن يزيد الأمر إلا سوء وتفاقما, وإن الدولة لن تصرف المليارات لمواصلة الهزائم وتعويضها بالسهرات الليلة, لأنها أنشئت وزارة للثقافة أوكلت لها ذالك ولم تصدر مرسوما بعكس ذالك, وإن نيل ثقة أسرة الكرة الموريتانية لايكون أبدا بفرض شروط للترشح لقيادة الإتحادية لاتتوفر سوي في ولد يحي, لأن من حقق إنجازات ما الذي يجعله يخاف من ترشح الآخرين, ويجعله يصادر أصوات الناخبين, فطريق الدكتاتورية قصير ونهايتها مروعة, والنتائج الملموسة علي أرض الواقع لاتحتاج لمن يتكلم عنها فهي تتحدث عن نفسها, وكما يقول المثل الحساني اللي ما شاف السما لاتنعتهالو .
د.محمد ولد الحسن
كاتب صحفي رياضي