يعتبر قطاع العدالة من أهم قطاعات السيادة وأكثرها تعقيدا فهو بمثابة الأس المنيع الذي بدونه تنهار الجدران وتشقق صخور الوحدة الوطنية لتكون المحصلة الطبيعية زوال الأمة واضمحلالها.
ينظر الكثير من الناس اليوم للقطاع العدالة باعتباره من أكثر القطاعات حظا في تحقيق الإصلاح المنشود، يفسر ذلك بأن الجهاز المشرف علي إيجاد و تجسيد خطط واستراتيجيات هذا القطاع مكون اليوم خلافا لما سبق من طاقم من خيرة المتخصصين في الشأن القانوني والقضائي بدءا بالوزير الذي استبشر به الجميع وبحق مرورا بالأمين العام الذي هو من خيرة الأساتذة الجامعيين ووصولا لمختلف الإدارات المركزية وغالبية المكلفين بمهام ومعظم المستشارين فالديوان أصبح ديوانا عدليا بامتياز.
زد علي ذلك ما من شان الإرادة السياسية فالإجماع يكاد ينعقد علي أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز من اشد الأنظمة محاربة للفساد والمفسدين ومن ثم الأكثر حرصا علي إصلاح وتطوير وعصرنة العدالة وهذا ما ثبت من خطابات رئيس الجمهورية وتوجيهاته المتكررة والاستثمارات العديدة في المجال.
إن ما جري خلال الاجتماع الأخير للمجلس الاعلي للقضاء من تعيينات في الوظائف القضائية لخير دليل علي الرؤية المتبصرة و المتأنية و المنهج الموضوعي للشخص معالي وزير العدل. ليست هذه خواطر لتلميع شخص الوزير فربما هو في غني عن ذلك بقدر ما هي خلجات مواطن بسيط يخشي من أن تتضاربه أمواج الظلم والفساد فتقذف به علي شاطئ الحرب والكساد
فلإن حدثت بعض الأخطاء في الاقتراحات المقدمة للمجلس الاعلي للقضاء وحدثت بالفعل، وهنا لا أريد تبريرها فالعمل الإنساني غير مكتمل بالطبيعة وقديما قيل الجهل ليس أن لا تعلم وإنما الجهل أن تعلم خطئا هي تجاوزات سواء وقعت في التعيينات او الترقيات فيمكن اعتبار المقترحات التي قدمت في مجالس الوزراء التي عقبت المجلس الاعلي قد تداركت الخطأ.
فالإدارات المركزية أصبح اليوم يديرها القضاة أنفسهم الأمر الذي سينعكس حتما بالإيجاب علي تكوين القضاة وعصرنة القطاع والمساهمة عن قرب في إيجاد الحلول لما قد يكون ترسب من سوء تسيير الحقب الماضية
مما لاشك فيه أن الخطوة الأولي في اتجاه الإصلاح تكمن في إعادة ترتيب البيت الداخلي وإصلاحه لتبدأ مرحلة التطبيق وتكريس التقاليد المهنية الضرورية لمواكبة العصرنة والتحديث يتعلق الأمر بنبذ العادات السيئة كالتغيبات غير المبررة وعدم احترام الدوام وحسن سير العمل ............الخ. وبهذا يتاتي ويتحقق المراد ويكون الرجل المناسب في المكان المناسب
ان المصادقة علي تعيين مفتشين زيادة تعيينات لها دلالتها ومغزاها الوصفي فتنشيط وتفعيل المفتشية العامة للقضاء والسجون التي هي الهيئة الوحيدة المخولة ممارسة التفتيش العام والدائم للمحاكم باستثناء المحكمة العليا بهدف المراقبة الدائمة لحسن سير إدارة القضاء،خطوة ايجابية نهنئ عليها القائمين ونشكرهم وأخيرا ها هو الرجل الناسب في المكان المناسب وزارة العدل نموذجا.
الشيخ محمد عبد الله
[email protected]