شكل خروج وزير الاقتصاد سيد أحمد ولد الرايس من حكومة الوزير الأول يحى ولد حدمين مفاجئة كبيرة للرأي العام الداخلى بموريتانيا، وأثار الكثير من الأسئلة بشأن الطريقة التى تدار بها الأمور داخل البلد فى الفترة الأخيرة. فالرجل الذى اعتبر من اقرب الناس إلى الرئيس منذ توليه منصب كاتب دولة للميزانية فى عهد حكومة الوزير الأول الزين ولد زيدان، ظل يتقدم باستمرار بدعم من قائد الحرس الرئاسى السابق العقيد محمد ولد عبد العزيز، وازداد الدعم بعد ترقية الرجل لتربة جنرال، ثم توجت العلاقة بينهما بعد وصول الرئيس للسلطة فى انقلاب عسكرى 2008. تولى ولد الرايس منصب وزير التجارة، وبعدها اختيرا مديرا عاما لحملة المرشح محمد ولد عبد العزيز فى انتخابات 2009، وقائدا لوفد التفاوض ابان معركة دكار. حسم ولد عبد العزيز معركة الانتخابات فى الثامن عشر من يوليو 2009 من الشوط الأول، وكانت أولى القرارات التى اتخذها تسمية ابنته الصغيرة ب"النجاح" وسيد أحمد ولد الرايس محافظا للبنك المركزى بموريتانيا. خاض ولد الرايس إلى جانب الرئيس مأموريته الأولى على رأس المؤسسة النقدية الأهم بموريتانيا، ثم غادرها بعد أزمة مع بعض رجال الأعمال والشركاء، مستنكفا لبعض أعماله الخاصة، دون أن يفصح الرئيس عن الأسباب أو يكشف الرجل عن وجهته القادمة. ظل سؤال الإقالة مطروحا، ودافع الرئيس عن الرجل فى بعض خرجاته الإعلامية قائلا إنه قد يدخر لما هو أفضل، فى محاولة لنفى التوتر السائد بينهما، أو الشائعات التى راجت عن تصرفات قام بها المحافظ فى فترة تسييره. فجأة أطل المحافظ سيد أحمد ولد الرايس من جديد ضمن توليفة حكومية أخرى بقيادة الوزير الأول يحى ولد محمد الأمين، مكلفا بالاقتصاد والتنمية خلفا للوزير سيدى ولد التاه الذى اختير لإدارة أحد البنوك العربية بالسودان. خفتت الشائعات وصعد نجم الرجل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من سنة 2015، كأحد أركان السياسة الاقتصادية للرجل الممسك بزمام الأمور منذ 2008، وكانت بعض الترشيحات تميل إلي التمديد له على رأس وزارة الاقتصاد والتنمية باعتباره رجل الرئيس المقرب وأحد أهم كوادر المنظومة المالية خلال العشرية الأخيرة. غادر ولد الرايس إلى دولة الإمارات إلى جانب وفد حكومى من أجل المشاركة فى حفل لصالح الاقتصاد والترويج له، وكان ضمن "رفقة مأمونة"، من أعضاء الحكومة وبعض كبار الفاعلين فى الأغلبية الداعمة للرئيس. استدعى الرجل على عجل للعاصمة نواكشوط دون الكثير من التفاصيل عبر الهاتف، وكانت مجمل احتمالات الدعوة تصب فى تكليف مستجد لدى الرئيس، أو ملف ظهر للرئيس فى اللحظة الأخيرة أنه أولى من الترويج للاستثمار والدفاع عن المنظومة الاقتصادية للبلد فى حفل خليجى وصف بالكبير. لم يتوقع ولد الرايس – وهو ابن السلطة وأحد أركانها- خلال العشرية الأخيرة أن تكون الثقة المطلقة فى رفاقه، والترويح عن النفس خارج أوقات العمل السبب فى نهاية ثقة الرئيس فيه، بعد عشرة امتدت لعشر سنوات، وقرابة كانت تعززها علاقة العمل باستمراره يصف محمد غلام ولد الحاج وهو أحد نواب المعارضة البارزين النظام الحالى بأنه "نظام القرظه"، لكن أركان الأغلبية الداعمة للرئيس أكثر من يعرف ماتعنيه العبارة وماتحمله من دلاله، دفعت البعض إلى اللجوء للاستغفار أوقات النقاش بين الزملاء،والاتصال عبر الهاتف الثابت مهما كانت الحاجة ملحة إليه، والخروج من الفيسبوك وملحقاته بغية الاستمرار فى المنصب ولو لشهور. -
زهرة شنقيط