لقد كان الأولى بسارق النار أن لا يكون ظهيرا لسارق الشعب

haneviكان من المفروض أن يكون الحفل الشعري، الذي تم تنظيمه لضيوف القمة العربي أكثر تميزاً مما كان.. فنحن بلاد لا تنبت الشعير و لكنها تنب الشعر.. فحين تضيق منازلنا تتسع القلوب، و حين تفيض الأمطار من سقف المطار تفيض صدورنا أكثر بالبشر و الحبور.

غير أن مما يعكر المزاح و تخنس له النفس الأبية أن لا يكون الشعر الذي لهج به الشعراء في مستوى سمعة البلد الشعرية.. لا من حيث الشاعرية: خصوبة خيال و جزالة ألفاظ. حتى أن بعض “كبار الشعراء” كسّر بمعول تملقه الوافر تفعيلة “الوافر”.

كان الأمر أشبه ببلاط عبد الملك ابن مروان، حيث يدبّج الشعراء مدائحهم فيه، ليخلع عليهم من كسوته و ينثر عليهم من دراهمه.. فقد كان قصائد الشعراء إطراءً كاذباً للرؤساء و الملوك العرب، يتم ترتيبهم فيها، حسب ما تفوح به أرادنهم من رائحة النفط و الغاز، ليكون ذكر الصومال و الجيبوتي “ختاماً مسكاً” (حيث رائحة النفط أزكى من عَرْف المسك).

كان على الشعراء أن يتجنبوا الإشادة بقادة رجعيين  يحكمون بلدانهم بالحديد و النار، و يجهزون على كل حلم عربي بالحرية و المساواة، و يفتكون بكل بادرة عربية للتطلع للمستقبل.. كان عليهم أن يتحدثوا عن طموح الشعوب في الخبز و الكرامة، و أن يوجهوا القادة لكسب ود شعوبهم و ليس لغرس الخوف في نفوسهم.

ربما لا يليق المقام لقصائد ثورية، يجردونها من قرائحهم كالصمصامة الذكر فيدكون بها عروش الطغاة.. و لكنه أيضا لا يليق بالشعر أن يكون أمَدَاً تتبارى فيه قرائحهم القريحة  بلعق أقدام القادة ذوي البسطة في “الحكم” و الجسم.

لقد كان الأولى بسارق النار أن لا يكون ظهيرا لسارق الشعب في استجدائه جيوب ذوي البطون المنفوخة.. فقد كنا قبل حكم العساكر نجوع فنتعفف، و نحتاج فلا نتكفف.

لقد سقطت آخر مزعة لحم في وجه الوطن، حين تبارى الشعراء في الاستجداء.

و تمرغت سمعتنا “الشعرية” في الوحل، من ركاكة قصائدهم و رداءة مقاصدهم.

الخلاصة أن نظام الجنرال الأرعن أتى على آخر ما في الجعبة من كرامة، و أن محارم فساده بالغت في تنشيف وجه الوطن من ماء الحياء.

الكاتب:حنفي ولد الدهاه

أحد, 31/07/2016 - 12:56

إعلانات