طالعت ما سطر عن من طالتهم تهم الشطح في الفهم دون إصدار حكم على مدى عصور مختلفة و من مجالات معرفية متعددة، تبرز عاملا مشتركا بينهم : التبحر في العلوم، و هذا لا يعني تبرير مذاهبهم. فقد تأسست فرقة المعتزلة على آراء واصل ابن عطاء، العالم الذي اعتزل حلقة الحسن البصري، التي من شيوخها الجاحظ صاحب الحيوان و البيان و التبيين. كما عرف عبد الله ابن المقفع مؤلف أو مترجم كليلة و دمنة بالنبوغ في اللغة، قبل أن يقتل بالزندقة. أما الحلاج الذي صلب بعد محاكمته، شكل إنتاجه منهلا عذبا للأدباء إلى يومنا هذا.
أقف هنا لأتساءل : أي فضل لبرام حتى يجتهد رأيه المعلول فيحرق مؤلف إمام دار الهجرة مالك؟ الذي تنقل هارون الرشيد رفقة ابنيه الأمين و المأمون ليلقى عليهم.
برام الذي كان له وزر محرقة الكتب لأول مرة على هذه الأرض، فريد هولوكوست الثقافة و أخدود الفقه، لم تعرف البلاد قبله خطرا يتهدد الكتاب غير النار و الماء أو البهائم.
برام لم يستلهم من عنترة الذي قال "ولقد أبيتُ على الطَّوى وأظله ُحتى أنال به كريمَ المأكلِ" لم يصبر على حاله فانتجع مراتع الخيانة و ظعن عن مواطن الشرف و لو صحت قاعدة الجاحظ "الجاهل عن الجاهل..." لكان برام عن عنترة أفهم، لكنه فضل إيقاظ الفتن مقتفيا أثر عبد الله ابن سبأ.
المهندس خالد ولد أخطور