توفيت صباح يوم الأربعاء 31 أكتوبر 2018 مريم منت محمد ولد سيد ولد حامدينو، الشريفة الشمسدية، عن عمر بلغ لله الحمد، 90 سنة، تغمدها الله برحمته وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، وأدخلها في سياق قوله تعالى " وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا "، وقوله جل شأنه: " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ". "
عُرفت الراحلة بالحضور الاجتماعي والسياسي القوي، خصوصا في مرحلة تأسيس الدولة الموريتانية، حيث كانت أول رئيسة لاتحاد النساء الموريتانيات، بعد أن انتُخبت لقيادته يوم 12 دجمبر 1961 ميلادية، إثر جولة قادتها لمعظم المدن الموريتانية، صُحبة حرم الرئيس المؤسس، مريم داداه.
وكانت أول سيدة موريتانية تُلقي خطابا باللغة العربية، ضمن أعمال مؤتمر الوحدة، الذي انعقد في انواكشوط أيام 27/28/29/30/31 دجمبر 1961، وقد تمخض عنه ظهور حزب الشعب الموريتاني، الذي اندمجت فيه الأحزاب السياسية الموجودة حينها.
وقد قادتها تجربتها في هذا السياق لزيارة دول عديدة، من بينها تونس والسينغال، وقد أسست روضة لتربية الأجيال الصاعدة، وكان مقرها حينها،بمقاطعة "لكصر".
ورغم الظروف المعيشية والاقتصادية القاسية، فترة الستينات، تاريخ ظهور الدولة الموريتانية، ومن بعد ذلك، ظلت دار أهل محمد المخطار ولد لعبيد ولد شلَّ رحمه الله، لأمهم المذكورة الراحلة، مريم منت حامدينو، مأوى للكثيرين، للغذاء والسكن وحل المشاكل، وقد حكي ذلك غير واحد، من الشاهدين ،المُعايشين لتلك الفترة.
جعل الله ذلك المعروف الثر المتنوع، في ميزان حسنات مريم منت محمد ولد سيد ولد حامدينو، رحمها الله.
البارحة عندما زرت قريبي وابن عمي للتعزية، نجلها الأكبر النجيب ولد محمد المخطار ولد لعبيد، حفظه الله ورعاه في طاعته.
حدثني قائلاً: "اتصل علي هاتفيا محمد ولد مركُو، رجل الأعمال المعروف، مُعتذرا عن الحضور، بسبب بعض المشاكل الصحية".
قال ولد مركو في شهادته: "كنتُ هنا في انواكشوط، في تلك المرحلة المبكرة، وكانت ظروف الجميع وقتها، ضعيفة ومتقاربة، بينما منزل الراحلة رحمها الله، مريم بنت حامدينو مأوى للجميع" انتهى الاستشهاد.
فعلا استطاعت الراحلة، رحمها الله، مريم بنت محمد ولد حامدينو، أن تترك بصمتها الاجتماعية والتربوية، وبوجه خاص في عقود مرحلة التأسيس الأولى، في الستينات والسبعينات والثمانينات، وغير ذلك.
وذكرها على نطاق واسع شهود مرحلتها، بالالتزام والإنفاق وقوة الشخصية والوسطية والاتزان.
رحم الله السلف وبارك في الخلف.
إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
عبدالفتاح اعبيدن