ملخص لابرز ماتضمنته المداخلة التي تقدمت بها الي للمؤتمر التاسع لرؤساء المحاكم العليا العربية المنعقد ببيروت في الفترة مابين 17 الي 19 دجمبر 2018 بعنوان الجريمة الالكترونية الواقع والمستقبل دراسة في القانون الموريتاني رقم 2016/07 المتعلق بالجريمه السيبرانية
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ادي ماشهده العالم من تطور تكنلوجي في العصر الحديث الي احداث تحول عميق في شتي مناحى الحياة بلغ اوجه حينما تم التزاوج والاندماج بين مجالي الحوسبة والاتصال الذي تسبب في استحداث انماط جديدة من الجرائم لستهدفت القيم المتصلة بحقوق المجتمع وافراده والاقتصاد الرقمي وهددت المصالح العليا للدول وتسببت في زعزعة امنها واستقرارها ..........عن طريق الاعتداء علي برامج الحاسوب واختراق الشبكات المعلوماتية ونظم المعالجة الآلية للبيانات والمواقع ............. فارتفعت الخسائر الناتجة عن الجرائم ، وبلغ حجم مايلحق سنويا بقطاعات الاعمال العالمية من اضرار نتيجة الهجمات الالكترونية حسب الشركة العالمية المختصة بحماية امن المعلومات اربعمائة مليار دولار ، واتسعت دائرة الاجرام ولم تعد آثار الجريمة الواحدة تقتصر علي بلد بعينه وانما تمتد الي العديد من البلدان بسبب نوع وطبيعة الوسائل المستخدمة في ارتكابها ومايتمتع به مرتكبها من قدرات فائقة علي الدخول والتنقل عبر شبكة الانترنت الي انظمة معلومات العديد من البلدان دون ان يكلفه ذلك عناء التنقل من مكانه ، ولعل ذلك ما ادي الي الاختلاف بين فقهاء القانون في تعريف هذه الجرائم وعدم الاتفاق علي المصطلح الذي يتعين اطلاقه عليها فتعددت تسمياتها من جرائم الكترونية ، جرائم سيبرانية ، جرائم رقمية ، جرائم معلومات ، جرائم افتراضية ، جرائم انترنت ..........
بيد ان ماشكلته الجرائم الالكترونية من مخاطر وماتسببت فيه من تهديد وخسائر قد دفع دول العالم الي التحرك من اجل وضع لآليات المناسبة لمحاريتها والحد من آثارها المدمرة ، فتداعت الي سن القوانين وايرام الاتفاقيات ولم يكن المشرع الموريتاني استثناء من ذلك فقد استشعر تلك المخاطر بفعل ماشهدته البلاد من توسع في استخدام نظم المعلوماتية في مختلف اجهزة الدولة وغيرها وماتم تسجيله من انتشار مهول لوسائل الاتصال بين افراد المجتمع وافراط غير مسبوق في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك ، تويتر ، واتساب ، فيبير ............وماترتب علي ذلك من تحديات واشكالات قانونية ناتجة عن طبيعة ونوع الجرائم المترتبة علي الوافد الجديد بحيث لم يعد بمقدور القانون الجنائي بشقيه الموضوعي والاجرائي مواجهة تلك الجرائم بفاعليته المعهودة في مجال الجرائم التقليدية ، الشيئ الذي دفع المشرع الموريتاني الي سن القانون رقم 2016/07 المتعلق بالجريمة السيبرانية والذي وضع من خلاله مجموعة من القواعد الموضوعية المتعلقة بالاساس بتعريف ماتضمنه هذا القانون من مفاهيم وتحديد موضوعه ومجاله وانواع الجرائم السيبرانية وعقوباتها والمسؤولية الجنائية للاشخاص الاعتبارية عنما قد ترتكبه غي اطار ماحدده هذ القانون من جرائم ولم يستثني من تلك المسؤولية سوي الدولة والمجموعات المحلية والمؤسسات العمومية ، والي جانب ماحدده هذا القانون من قواعد موضوعية فقد عمد الي وضع بعض القواعد الاجرائية الخاصة ، سواء من حيث آليات البحث والتحقيق اوضوابط الاختصاص والحكم ، في مسعا منه لتعزيز ماتضمنه قانون الاجراءات الجنائية من قواعد باعتباره التشريع الاجرائي العام الذي تخضع له تلك الجرائم ابتداء من عملية البحث والتحري مرورا بالتحقيق وانتهاء بالحكم
وعلي ضوء تلك المقاربة فان المشرع الموريتاني وان كان قد استجاب لمايمليه واقع التطور والتحول الذي شهدته البلاد وغيرها من بلدان العالم الا ان مواجهة ماتفرضه تلك الظواهر من تحديات والحد من مخاطرها لايمكن ان يتم فقط من خلا اصدار نص قانوني لتجريم ومعاقبة ماينتج عنها من افعال وانمايتعين مرافقة ذلك بوضع استراتجية متكاملة لخلق الظروف الملائمة لتطبيق القانون علي الوجه الذي شرع من اجله ، علي ان يتم الاخذ بعين الاعتبار لمايلي:
1) العمل علي وضع آليات حديثة للبحث والتحقيق في الجرائم الالكترونية وجمع وحفظ ادلتها ومثبتاتها وذلك من خلال اتخاذ تدابير تشريعية لوضع قواعد اجرائية تتناسب وطبيعة هذه الجرائم مع احترام مايكفله الدستور من ضمانات ومايفرضه مبدء المشروعية من قواعد ومايتطلبه الحق في احترام خصوصية الاشخاص.................
2) انشاء ضبطيات قضائية وقطب اوفريق خاص بالبحث والتحقيق ومحاكم متخصصة بالحكم في مجال الجرائم الالكترونية علي قرار ماقام به المشرع الموريتاني في بعض الجرائم الخاصة كجرائم الارهاب وجرائم الفساد
3) تكوين الطواقم المكلفة بالبحث والتحقيق والحكم في الجرائم الالكترونية من قضاة وكتاب ضبط وضباط شرطة قضائية ....................بشكل مستمر ودائم
4) وضع مجموعة من الآليات والوسائل الكفيلة بمراقبة الامن في مجال تقنية المعلومات وذلك من خلال انشاء هيئة لهذا الغرض لايقتصر نشاطها علي المستوي الوطني فحسب وانما يتعداه الي تعزيز التعاون والتبادل والتنسيق بين البلد وغيره من البلدان الاخري والهيئات العالمية المختصة في ااطار محاربة الجريمة الالكترونية وحل ماقد يترتب عليها من اشكالات كتلك المتعلقة بالاختصاص وتسليم المجرمين وتنفيذ الانابات القضائية .........................
5) انشاء معهد اومركز لتتبع الجريمة علي المستوي الوطني بصورة عامة والالكترونية منها علي وجه الخصوص ورصد حركيتها واسباب انتشارها والوسائل الكفيلة بالحد من تفاقمها..................
القاضي: عبدالله اندكجلي