بين الفينة والأخرى يطل علينا أحدهم بقصاصة أو محاولة إنشاء؛ يسميها مقالا، ولنفرض جدلا أنها مقال لكن ذلك الافتراض سيتلاشى مع أول السطور؛ لأن التجني على اللغة وظلمها سيسبق ظلم الحقائق وقلبها والاستخفاف بالمشاعر؛
لا غرو في ظلم اللغة إذا ظلمت الحقائق.. فمنح ألف واو الجماعة للمفرد وإبدال الياء ألفا والإشباع بغيره، وإتباع ذلك بإبدال الحقائق المجسدة بغيرها مفترضة خدمة لميول نفسي ومزاج فردي؛ فيه ما فيه من احتقار الجماعة والمجتمع!.
إن التتبع البسيط لما يرد في السطور يكشف حجم ومدى التحامل على أشخاص بعينهم وجهات بذاتها، وليس ذلك حبا في العدالة و لا بغضا في الظلم، ولا هو بلزوم الإنصاف أو التحلي بسمات الأشراف من صدق واعتراف، ومهما سيق لذلك من صور وعبارات عرضت على لوحة طفولة بريئة أو في باحة شرف أنوثة مستغفلة أو امتطيت بها طيبوبة الشيبة في الإسلام؛ فإن الإقلاب في ذلك جلي؛ لم تسعفه الحقائق ولم يؤازره الصدق، بل تبرأت منه النفس الزكية، ومجه الثغر الصحيح، وعافه العقل السليم؛ لأن التدليس فيه بدا سيد الموقف، والتحامل والتلفيق والخداع؛ أتت عليه قرائن، وصاحب ذلك عدم امتلاك الجرأة الحقيقية ومصادقة الذات في مواجهة الحقائق على طبيعتها.
لايمكن بأي حال من الأحوال؛ فصل عمل الحكومة عن التوجه العام والانصياع لقرارات السلطة العليا، ومن أراد أن يصف الحكومة بأبشع الأوصاف، فهو أولا وأخيرا واصفا السلطة العليا بذلك، لأنها هي سيدة القرار، وكل الأفعال الصادرة عن الحكومة هي ترجمة لتوجيهاتها وتعليماتها التي عرفت عندنا جميعا بصرامتها وإلزامية تنفيذها، ومعروف أن المخالف لذلك جان على نفسه قبل غيره.
إن التأزيم المقدم من طرف هؤلاء ليس على حقيقته وليس توجههم فيه على طبيعته؛ بل تحركه الأهواء والأطماع التي يرضى صاحبها بتلبيتها وإن كانت الأزمة عند ذروتها، ويغضب وتثور ثائرته عند قطعها عنه وإن لعدم أحقيته بها؛ بل مع تأكد اغتصابه لها وإن من محتاج يتيم!!.
من أراد أن ينتقد نظاما فليمتلك من الجرأة ما يجعله ينتقد رأسه وجسده، قمته وقاعدته، فاعله ومفعوله؛ أو ليصمت، فذلك أدعى لاحترامه لنفسه واحترامه لغيره ومن أراد التدليس فلن تنطلي حيله وأكاذيبه وخداعه، ومن كان مقتنعا بإصلاح وتقدم فعليه أن يعلنها بوضوح وإنصاف واعتراف، وليس له أن يترك خيط الشر-إن وجد- يعميه عن حبل الخير؛ إن كان ظاهرا جليا.
على كتابنا ومواقعنا الإخبارية أن يحترموا عقولنا وليترفعوا قليلا بما يقدموه لنا عن مستوى الحضيض المشحون بالتزييف والتملق وقلب الحقائق.
عثمان جدو