فجعت الامة فجر التاسع من ديسمبر بخبر وفاة القاضى الشريف المختار ولد باله الشريف، بعد صراع غير طويل مع المرض، ووري الثرى صبيحة اليوم الموالى بمقبرة البعلاتية بمدينة أبى تلميت .الراحل من مواليد مدينة أطار عام 1948 تلقى تكوينا محظريا كأقرانه بمدينة أبى تلميت وبها نال شهادة ختم الدروس الابتدائية، رحل بعد ذلك الى مدينة روصو فى الجنوب حيث نال شهادة البكلوريا فى الادب الفرنسي، ثم سافر إلى الجزائر ، اكمل تعليمه الجامعي هناك، عاد بعد ذلك الى الوطن ليتدرج فى سلك القضاء،إلى أن عين مدعيا عاما فى عهد الرئيس الاسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع تقاعد عام 2008، توفي وهو رئيس لودادية القضاة الموريتانيين.
اليوم تتهادى الامة على وقع المصاب الجلل ، ليس لنا إلا أن نقول إن العين لتدمع و وإن القلب ليخشع ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك ياشريف لمحزونون، مضى الشريف إلى ربه غيرمضيع ، أغلى مودَّع وأعزمفقود،يومه يبدأ بالصلاة وبها ينتهى، سلوا عن ذاك الباب الشمالي للجامع السعودي، وسلوا صفوفه وسواريه، بل ومحرابه أيضا.
من منا لايعرفه بصوته الخفيض، ووجه طلق بش تزينه لحية بيضاء ،تضفى مهابة ووقارا على صاحبها ، ظاهر يصدق باطنا، تغشاك ابتسامته الدائمة كأنها اشراقة شمس فى غيمة، من منا لم يسمع بقصص زهده وورعه وهو يبتلى البلاء العظيم، يوم عين مدعيا عاما للمحكمة ، المنصب ربيب الغناء وقتذاك، لكنه كان يستحضر دوما ماقال سلفه الصالح فى السلطة" نعمت المرضعة وبئست الفاطمة"، كان فطامه منها كتاب الله والتفرغ لشأنه ،مكبا على نفسه لا يغتاب ولا ينم، كان سمحا لاتسمع منه نابية، واصلا للرحم ، صادقا، صدوقا قائما بالعدل، لو أن لنا باسم ثان له لكان الصدق، لسان صادق ويد نظيفة.
يقول عنه "يجمع القضاة، ومسائل إجماعهم قليلة، والمتقاضون وإجماعهم يكاد يكون مستحيلا، على استقامة أشريف المختار في القضاء منذ أن أبتلي به"
"ويضيف أيضا على لسان الراحل [فيما يخصني لا أريد أن آكل أوقية واحدة غير راتبي، وبالنسبة للآخرين فلن يأكلوها بتوقيع ولد باله] وهذا التعفف منه عن ما لا بأس به حذرا مما به بأس صريح الورع."
أما مجايليه فتخنهم العبرة وهم يروون قصصه ، وكيف كان ينظر إلى الدنيا ومتاعها،بل أحيانا يجد عليه بعضهم زهده فى أيام أضحى الزهد فيها معرة وضعفا، لكن سليل الدوحة الطاهرة لم تنسه لعاعة عابرة ماقال جده صلى الله عليه وسلم فى الغلول وما أنذر به القاضى الجائر من وعيد
لن تبكيك ياشريف العيون فحسب ، تيمت مواطن الصدق ومواضع السجود، سيبكك مصحفك ووردك . سيفقدك أثرك وأنت تتهادى فى الظلم إلى المساجد ، لكأنى أسمع حفيف نعليك وأنت تترنم بالذكر الحكيم، ألست أنت الذي تحفظه عن ظهر قلب، كان مشروعه بعد التقاعد حفظ كتاب الله، ربح البيع يافقيدنا.فلا ندري أنعزى نحن؟ ام بواكيك السابقات . لكن عزائنا جميعا أنك تقدم إلى رب غفور رحيم ، وأنك خلفت ذرية صالحة نسأل الله أن يبارك فيها ويجعلها قرة عينك .
يشاء الله أن يتوفاه فى اليوم العالمي لمكافحة الرشوة، ربما فى ذلك عبرة ورسائل لمن بقوا بعده.
اهنئى به يا بعلاتية هنائك بمن سبقوه إليك من الاخيار الاطهار، رحل الشريف المختار رحيل العظماء متخففا إلا من الامجاد، رحل وليس فى حياته اعظم منه إلارحيله، رحل المسلم المسالم عن دنيا الناس هذه، وحسب .
هذا شريفنا ومختارنا فليرنا قوم مختارهم وشريفهم،نحسبك كذلك ولانزكى على الله من أحد . اللهم ارحمه واغفرله واعف عنه وارحمنا إذا صرنا مثله