تحولت عراقيل إدارية منعت مشاركة فريق من أطفال مدرسة «نسيبة1» الموريتانية في بطولة كأس تلفزيون «ج» القطري، إلى قضية سياسية حيث استغلها معارضون للنظام فاحتجوا أمام وزارة التهذيب وحدثت بينهم مواجهات دامية مع شرطة مكافحة الشغب، جرح فيها الكثيرون واعتقل فيها أشخاص عديدون.
وحمل المتظاهرون ومن بينهم أقرباء للأطفال الفائزين في التصفيات وزارة التهذيب الموريتانية المسؤولية عن عرقلة المشاركة، بل وحولوا الموضوع لقضية سياسية مؤكدين في شعارات رددوها خلال تظاهرة الإثنين «أن الأطفال عرقلوا بسبب لون بشرتهم».
وتحدثت مصادر صحافية مقربة من المعارضة «أن السبب في عرقلة المشاركة هو محاولات بعض مسؤولي وزارة التهذيب الموريتانية «التربح والاستفادة من المشاركة الموريتانية عن طريق الحصول على مبالغ مالية بطرق ملتوية على شكل نفقات النقل والإقامة والتدريب لكن القطريين أوكلوا الموضوع إلى شركة خاصة قبل أن يقرروا استبعاد الفريق الموريتاني».
ومع أن مسؤولي وزارة التهذيب قد نفوا هذه الاتهامات واعتبروها كلاماً سخيفاً غير معقول، فإن الجدل الذي أثارته، دفع القناة القطرية لإعادة النظر في المشاركة الموريتانية.
وأعلنت القناة القطرية في أول حلقة من البطولة «أن فريق مدرسة نسيبة1 في موريتانيا، لم يتمكن من المشاركة لعدم استكمال الإجراءات اللازمة لحضوره قبل موعد البطولة».
وعبرت قناة ج القطرية «عن شكرها لوزارة التهذيب الوطني في موريتانيا لموافقتها على المشاركة، ولتعاونها في التصفيات، وتمنت القناة مشاركة موريتانيا في النسخ المقبلة لهذه البطولة».
وكانت تصفيات مشاركة موريتانيا في بطولة قناة «ج» القطرية قد أسفرت عن فوز طلاب مدرسة نسيبة 1 بنواكشوط، غير أن إجراءات إصدار جوازات سفر لأعضاء ومدرب الفريق لم تكتمل، وهو ما أثار غضب الأطفال وأقربائهم الذين اتهموا وزارة التهذيب بعرقلتها عن عمد عن طريق من سموه «لوبي الفساد الساعي للتربح».
وبعد أن أقصيت موريتانيا من المشاركة في البطولة نشرت صور لأطفال موريتانيين سود وهم يبكون حسرة على عدم سفرهم إلى قطر للمشاركة.
وهكذا ركب معارضون للحكومة بعضهم من شباب 25 فبراير وبعضهم من حركة «إيرا» الناشطة في مجال محاربة الرق، الموجة التي حركتها صور الأطفال المتحسرين، وتأخر إجراءاتهم لتتحول المسألة إلى قضية رأي عام بل قضية سياسية كبرى.
وصور معارضون للنظام الحاكم في موريتانيا القضية على أنها قضية عنصرية وأن الأطفال عرقلوا على أساس لونهم وأطلق هؤلاء المعارضون هاتشاغ #لن أغير بشرتي.
ورأى موقع «آمميديا» الرياضي المتخصص في الرياضة «أن سبب إقصاء موريتانيا من المشاركة في بطولة قناة «ج» يعود «لثلاثة أخطاء فادحة أولها رفض وزارة التهذيب الموريتانية مشاركة المدارس الخصوصية رغم كون جميع الدول شاركت فيها مدارس خاصة، والثاني رفض الوزارة «مقترح اللجنة المنظمة بعدم توافق اعمار اللاعبين مع جسمهم فهناك فرق كبير بين طفل في التاسعة وطفل في الخامسة عشرة».
أما الخطأ الثالث، يضيف الموقع فهو «قبول المدرسة وبعض الأهالي بالتلاعب في اعمار أبنائهم من دون إدراك لخطورة الأمر فحتى ولو سافر الفريق لقطر فهناك جهاز صغير سيكشف عن أعمار اللاعبين باليوم قبل السنة وبالتالي لن تقبل مشاركتهم هذه المرة وستكون الفضيحة إذ ذاك بمباركة رسمية».
هذا وأدان المرصد الموريتاني لحقوق الانسان في بيان وزعه أمس «القمع الشديد الذي تعرض له بعض النشطاء الشباب، الذين نظموا وقفة احتجاجية أمام وزارة التهذيب للتنديد بإقصاء فريق مدرسة نسيبة (1) من المشاركة في مسابقة دولية لكرة القدم، بعد فوزه فيها وتصدره محلياً».
وأكد المرصد «أن هذا القمع العنيف نجم عنه اعتقالات عدة وجرحى، من بينهم حالات كسور وُصف بعضها بالخطير».
واستنكر المرصد الموريتاني لحقوق الانسان «القمع والاستهداف الذي تعرض له النشطاء الشباب في وقفتهم واحتجاجهم السلمي»؛ معتبرا «الاستخدام غير المبرر للقوة والقمع ضد المظاهرات السلمية نوعاً من إرهاب الدولة ضد المواطنين، وتضييقاً صارخاً على الحريات، ويجب أن يتوقف».
واستنكر المرصد «حرمان فريق نسيبة (1) من المشاركة في المسابقة المذكورة تحت أية ذريعة أو مبرر»، طالباً «فتح تحقيق جدي سريع يكشف ملابسات القضية ويستدرك الخلل ويحاسب المسؤولين».
المراقب/القدس العربي