انواكشوط(شبكة المراقب):في التحقيق التالي نتعرف على ظاهرة السحر والشعوذة في موريتانيا ..الرواد الأسباب العلاج. مفاهيم مجهولة..وأسباب كثيرة! السحر هو عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والأبدان ، فتمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه. الشعوذة نوع من أنواع السحر؛ فكل فرد يدعي تسخير الجن أو معرفة الغيب أو عمل أشياء خارقة للعادة دون استخدام أسباب ووسائل طبيعية لذلك فهو مشعوذ ودجال. وهنالك أسباب كثيرة تجعل الناس يلجؤون للسحر والشعوذة ومن أهمها الابتعاد عن الدين الإسلامي الذي يسبب تفشى الظلم والأمراض القلبية والمفاسد الاجتماعية وهنالك القضايا الاجتماعية المتعلقة بالبحث عن الزواج وكشف الطالع والانتقام من شخص ولأغراض تجارية وبهدف التذكر وإبعاد النسيان لدى الطلبة والبحث عن قضاء الدين واتخاذ قرار مصيري في الحياة. بيئة مناسبة... ورواد كثر بموريتانيا في وسط العاصمة نواكشوط وقرب العيادة المجمعة "كلينيك" يرابط عشرات السحرة والمشعوذين والدجالين في أخبية بالية بتلك البيئة العفة مدعين أنهم يشفون المرضى ويجلبون الحظ ويدفعون الحسد والعين ومن بينهم كثير من الاجانب قدموا من جنوب الصحراء. ويرجع الباحثون أسباب انتشار السحر والشعوذة إلى الجهل والفقر وغياب الوازع الديني واستفحال المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ويحذرون من تزايد أعداد الدجالين والعرافين الذين يجدون في هذه الظروف أرضية خصبة لاستغلال حاجة الناس وتكديس الثروات، خاصة أن بعضهم أصبحت له شهرة دولية ويتردد عليه الناس من أقطار مختلفة. ومع تزايد ضغوط الحياة اليومية والصعوبات التي تواجه الإنسان ينفق المترددون على أوكار الشعوذة أموالا طائلة، اعتقاداً منهم أن الاتصال بعالم الجن سيمكنهم من تحقيق النجاح والسعادة والثراء. ومن أهم الأمراض التي يدعي السحرة والدجالون بموريتانيا علاجها هي الأمراض البدنية المستعصية والنفسية ويؤمنون بأهمية العقيق لدفع شر العين والحسد والتمائم لعلاج السحر والمس وطرد الأرواح الشريرة ورد عين الحساد وجلب الحظ والرزق الواسع، وإعطاء وصفات للشفاء من الأمراض وتحقيق السعادة والنجاح. ورغم تقدم الوصفات العلاجية الطبية فلا تزال فئة عريضة من الموريتانيين تنظر بعين الرضا والتقدير للوصفات الشعبية، التي تستخدم أصنافاً من الأعشاب والزيوت لعلاج الأمراض الشائعةيوجد البعض منهم من من يقبل باستعمال عزائم السحرة وعلاجاتهم في لحوم الدجاج والقناني والبيض وغيرها من الوسائل،كما ، يؤمن الموريتانيون ببعض العادات والمعتقدات ومنها التنجيم ولكزانة والنظرة. ويستخدم السحرة والعرافون هنا أحرازا كثيرة منها حرز "الهندية" وحرز "القفل" اللذين يستخدمان في الوصول إلى هدف معين كالحصول على وظيفة أو زوج أو إنجاب الأطفال" وتتراوح تسعيرة هذين الحرزين ما بين 16000 و30000 أوقية. وهناك أيضا حرز للقهر وهو عبارة عن قارورة من المسك يتم وضع ثلاث إبر من زيوت وعطور بداخلها وتطلبه الزوجات لربط قلوب أزواجهن، وهو الأعلى تكلفة بين الأحراز، حيث يتطلب خبرة كبيرة ومواد وأعشاب يتم جلبها من مالي والسنغال. ويظهر تأثر الموريتانيين بهذه الطقوس في أحاديثهم وتعاملاتهم اليومية وهي سلبية حيث كثيرا ما دمرت أسرا وأفسدت عقول رجال ليتحكم فيهم غيرهم من النساء والرجال ،كم استخدمت بعض حالات الدجل في الثراء السريع وفي الضرر بأناس أبرياء بدافع العين والحسد.
الأغنياء.. في بداية الطابور! ويعتقد كثيرون من ضعفة العقول أن الدجالين والشعوذة يمتلكون قدرة على جلب الحظ ودفع الشر ،والغريب في الأمر أن غالبية زوار الدجالين والمشعوذين هن من النساء ومن الميسورات خصوصا حيث تنتشر هذه الظاهرة في طبقة الأغنياء انتشار النار في الهشيم نظرا للمشاكل الكثيرة وارتفاع منسوب العين والحسد والانتقام في بيئتهم وكذا كثرة الطلاق وسيطرة القيم المادية وضعف الأهمية للوازع الديني في المجتمع بصورة عامة.كما أنه من الأغرب أن بعض المثقفين من ذوي المنصب والجاه يزورون هؤلاء السحرة والدجالين. وقد استغل المشعوذون تأثر الناس بهذه العادات للترويج للوهم والدجل وادعاء علم الغيب ومعرفة المستقبل والقدرة على إيجاد حلول ناجعة لكافة المشكلات الحياتية والعلاج من الأمراض المستعصية، ونتيجة لذلك ارتفع الإقبال على جلسات قراءة الحظ وبيوت المشعوذين والسحرة وتشكل الأحياء الشعبية والمناطق النائية على أطراف المدن مكاناً رحباً لممارسة الشعوذة وبيع لوازمها من أعشاب وزيوت وأحجار، وتقبل النساء خاصة الميسورات، على بيوت المشعوذين الذين يلجؤون لسماسرة لجلب الزبائن إليهم والترويج لخدماتهم وتأكيد تميزهم عن زملائهم في المهنة. وإذا كان عامة الناس يذهبون إلى منازل العرافين فإن المشاهير يحرصون على جلبهم إلى منازلهم حفاظاً على سمعتهم التي قد تتضرر كثيراً بسبب علاقتهم بالعرافين، كما تحرص بعض العائلات على استضافة الدجالين والعرافين الذين يدعون علم الغيب وعمل السحر والقدرة على علاج الأمراض. عادات... وخرافات يرى بعض المتابعين أن الموريتانيين لا يحبذون في غالبيتهم استخدام السحر والشعوذة ويخافون منهما ،غير أن الأسباب الآنفة الذكر لاستخدامهما وتوفر البيئة المناسبة بكثرة في البلاد جعلت هذه الظاهرة توجد في موريتانيا رغم أنها مجتمع إسلامي محافظ. ويقول العارفون بدهاليز "عالم الظلام" هذا أن الموريتانيين يستعملون السحر أساسا في أربع وضعيات على النحو التالي (المسخ): بمعنى أنه يتحول من كائن إلى كائن آخر وهو عبارة أخرى. (ربيط الراص): أي ربط الرأس بمعنى منع الشخص من شيء ما عبر السحر مثل منعه من الزواج أو الأكل أو الشرب وغيرها. (لكزانه) التنجيم: يمارس التنجيم لقراءة الطالع عبر عدة طرق وهو محرم في الشريعة الإسلامية ولذلك فعندما ينتهي منه ممارسوه يقولون " ما صدقناها ولا كذبناها " بمعنى أننا لم نصدق ولم نكذب بناء على القول المعروف " كذبوا المنجمون ولو صدقوا ". من طرق التنجيم الممارسة في موريتانيا وهي تتم عن طريق ضرب الرمل أو ضرب الودع. رأي علم النفس: ضعف في العقل وتخلف في المجتمع يؤكد أساتذة علم النفس أن توجه الإنسان بشكل عام رجل كان أو امرأة للمشعوذين يدل على شكل من أشكال النكوص والتراجع في التفكير، لافتين أن الأصل في التفكير أن يؤمن الإنسان بالفهم العلمي والمنهج العلمي في حل المشكلات، ولا يركض وراء التحليل الغير منطقي بالاستعانة بالسحرة والمشعوذين، مبينين أن من يفعل ذلك ويلجأ إلى السحرة والمشعوذين إيماناً منه بأنهم يمتلكون قوة خارقة تمكنهم من تحقيق ما عجز الطب والعلم عن تحقيقها لديه نقص في الوازع الديني، ولا يقر بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أتي كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد". ويوضحون أن الأسباب التي تجعل المرأة هي صاحبة الخطوة الأولى في الاستنجاد بالسحرة والمشعوذين، لا تعدو كونها عاطفية تقتنع بنجاعة ذلك الأسلوب أكثر من الرجل، لافتاً أنها حينما تقف عاجزة حيال مشكلة ما، سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو صحية تلجأ إلى السحرة والمشعوذين لعلها تجد عندهم ضالتها لحل مشكلاتها وأضاف "المرأة من الناحية العاطفية والفكرية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية مهيئة أكثر من الرجل في هذا المجال" مؤكداً سحر والتدجيل علامة من علامات نكوص وتراجع تفكير المرأة عن المنهج العلمي والمنطقي. وقالوا إن طرق العلاج تبدأ بأن يدرك الإنسان المسلم أن عليه أن يكون واقفا عند حدود الله فلا يتعداها، وأن يتبع منهج القرآن والسنة الحميدة في التعامل مع الأحداث. وأكدوا أن عملية التربية لها دور هام جداً في علاج الظاهرة، وذلك من خلال إيصال بعض الأفكار والمعلومات الدالة على الوعي والإدراك وإعادة تفكير الفتاة وهي صغيرة، سواء في البيت أو المدرسة إلى جادة الصواب، وأضافوا أن حملات التنوير لها دور آخر في علاج الظاهرة عبر ممارستها بين النساء؛ لتصحح من أفكارهن ومسار حركتها باتجاه المنهج العلمي والمنطقي لتفسير الأحداث التي تواجهها. وشددوا على أن بعض وسائل الإعلام لعبت دوراً سلبياً في موضوع انتشار ظاهرة لجوء الناس رجالاً أو نساءً إلى المشعوذين والسحرة، فساعدت على تغلغلها في المجتمعات العربية خاصة ومنها موريتانيا عبر الأعمال الفنية والدرامية التي تعرض للظاهرة.كما أنها تعكس درجة التخلف في المجتمع العربي. رأي الشريعة: السحر والشعوذة محرمان ويرى علماء الشريعة أن رأي الدين واضح في هذه المسائل، بل واضح جداً ولا يحتاج -بحسب قوله- إلى اجتهاد ودليله نص الحديث الشريف قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "من أتي كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" كون السحرة والمشعوذين يعمدون إلى استخدام الغيبيات ويدعون علمها وهم كاذبون لأن الله وحده سبحانه وتعالى المختص بعلمها ولا أحد سواه من الإنس أو الجان ويوضحون أن حكم الساحر والمشعوذ عند الفقهاء يمكن أن يصل إلى حد القتل إن أصر المشعوذ على فعله ولم يرجع ولم يتب، مؤكدين أن من يقوم بتنفيذ حكم القتل هو الإمام أو من ينوب عنه من الجهات المختصة، وأنه لا يجوز قتله إلا بعد أن يستتاب ويرجع، فإن لم يرجع فإن عقوبته القتل، وبيَّن أن ما يؤدي إلى الحكم بالقتل على المشعوذ أن يتعدى أذاه إلى الغير، ويصل إلى درجة الإضرار والقتل، مشدداً على أن عملية القتل تكون بإشراف الجهات المختصة والإمام على حد تعبيره.