دون تعَمُّقٍ..
توصل الفكر الجنائي الحديث إلى مسلمتين مهمتين الأولى أن: العقوبة [السجنية] ليست نوعا من العلاج المتكامل كما كان ينظر إليها عموما من طرف علماء الإجرام التقليديين ، ولا تملك إلا سلطة محدودة لمحاربة الإجرام، و الثانية أن: السجن يقتل في الإنسان جميع الخصال التي تجعله أكثر تأقلما مع الحياة في المجتمع ، لقد بُني على هاتين المسلمتين قاعدة يقينية هي أن العقوبة السجنية ذات ساق عرجاء تحاول عبثا ملاحقة الجريمة.و ما من شك أن هذا الاستنتاج سببه انهيار عملية التأهيل السِّجْنِي، و لا بد له من تحليل.
تتَّجه جميع نظريات الفلسفة العقابية الوضعية إلى اعتبار السجن عقوبة مركزية سواء انطلقت من: مبدإ التكفير عن الذنب مركزة على ماضي الفرد و الذنب الذي قام به باعتباره حُرًّا، والتي يسميها إيمَانْوَيل كانت بنظرية "الجزاء" و عنها يدافع إِيمَيلْ دُورْكْهَايْم قائلا:"إن الألم الذي يعيشه المتهم هو الذي سيعالج الشر الذي تسبب فيه، لأنه نوع من التكفير عن الذنب .."، أو اعتمدت على مبدإ الإبعاد عن الجريمة بالنظر إلى مستقبل الفرد كما نجد عند سيزار بكاريا منظِّر الفسلفة الوقائية، أو تأسست على مبدإ الحد من العدوان بمنع المجرم من القيام بعدوان آخر، عن طريق علاجه وإعادة تأهيله.
إن هذه النظريات و إن تشبَّعتْ بالحرية و رأتْ أنها أثمن ما يملكه الإنسان بل هي مكسب هش يتطلب الحفاظ عليه قدرا كبيرا من الحزم ، لكنها أجمعت على جعل العقوبة السجنية أو العقوبة السالبة للحرية عقوبة مركزية Pêne Centrale ، رغم اعتبارها موتا مدنيا "la mort civile" قبل أن يثبت للمُتشبِّثين بها اليوم أنها لا تعتبر وسيلة فعالة، ولا ترياقا مناسبا لمعالجة الإجرام لعلة واضحة هي فشل التأهيل والإصلاح السِّجني، لقد أثبتت كافة التجارب التي مرت بها السجون و الأنظمة التي تم تجريبها لتسيير الفضاء السِّجْني فشلا ذريعا فــ:
- النظام الجماعي. الذي يتم من خلاله الجمع بين المحكوم عليهم في عنابر، و يتمُّ إطعامهم جماعيا، وان كان هذا النظام يقلل تكلفة وأعباء التكفل بالسجناء ويساعد على التوافق النفسي والاجتماعي للسجناء، إلا انه يساعد على خلق وتطوير الثقافة الإجرامية داخل السجن وتكوين الزعيم الروحي لدى السجناء الذي يحاول كل سجين الاقتداء به.
- النظام الانفرادي. الذي يتم من خلاله توزيع المسجونين انفراديا ليلا ونهارا لتقليل انتشار ثقافة الإجرام والتكفل الفردي وترسيخ الشعور بالندم لدى السجين، إلا أن التكلفة الباهظة له، وغياب التفاعل الاجتماعي يؤديان إلى موت الروح الاجتماعية المساعدة في عملية الإصلاح والتأهيل.
- النظام المختلط. الذي جمع بين النظامين السابقين و يمكِّن من اختلاط المحكوم عليهم مع بعضهم البعض نهارا و أثناء تناول الطعام والعمل و التكوين لكن بدون كلام وعزلهم كل على حده ليلا، إلا انه بالنظر إلى صعوبة مراقبة حالة الصمت هذه فضلا عن ما توَّلِّد هذه الحالة من الكبت الذي يسفر لا محالة عن التمرد الدائم داخل هذا النوع السجون.
- النظام التدريجي. الذي من خلاله ينتقل المسجون تدريجيا من الحياة المأساوية إلى الحياة الحرة بإتباع سياسة صارمة للإصلاح والتأهيل بواسطة الانتقال من: مرحلة العزل الفردي حتى تتحسن سلوكه، إلى مرحلة الحبس الجماعي و الاندماج في الوسط الاجتماعي السِّجني بحيث يُسمح له بالاندماج والاختلاط والعمل الجماعي نهارا مع العزل ليلا، تمهيدا إلى الإفراج المشروط بالسماح للسجين بالعمل خارج أسوار السجن في بيئة شبه مفتوحة، إلا أن هذا النظام يجمع كل مساوئ الأنظمة السابقة؛ فشل هو الاخر لتعلقه بسياسة التأهيل التي تحول دونها التكلفة، والاكتظاظ، والاختلاط، والكبت النفسي،و صعوبة الرعاية اللاحقة، ومراقبة التدابير البديلة.
ورغم أن المجمع الدولي وضع إطارا مثاليا لمعاملة المجتمع السجني من خلال اعتماد بعض القواعد النموذجية - كـ: القواعد الدنيا لمعاملة السجناء التي تمخض عنها المؤتمر الأول للجريمة سنة 1955 واقرها المجلس الاقتصادي سنة 1957، وقواعد طوكيو الخاصة بالتدابير الاحترازية لسنة 1990، و قواعد بيجين الخاصة بإدارة شؤون فضاء الأحداث لسنة 1985 ، وقواعد بانكوك الخاصة بمعاملة السجينات والتدابير الغير احتجازية لسنة 2010، ومبادئ الرياض التوجيهية حول رقابة جنوح الأحداث لسنة 1990، وقواعد هافانا لحماية الأحداث المتنازعين مع القانون لسنة 1990، بالإضافة إلى الإعلانات الإقليمية كإعلان أورشا حول الممارسات الجيدة في مجال السجون، وإعلان كامبالا حول ظروف الاعتقال في إفريقيا، وإعلان أوغادوغو حول تسريع الإصلاحات في المجال الجنائي و السجون في إفريقيا – إلا أن السجون تشكل اليوم فضاء مؤرقا للمجتمع ينم عن تفاقم أزمة السجون الحالية.
لقد عكست غالبية التشريعات الوطنية روح تلك المواثيق الدولية الآنفة، وأحكمت تطبيقها وكرست لها قوانين خاصة تسير الفضاء السجني ومنها بلدنا الذي صادق على كافة المواثيق الحقوقية الدولية، المشكلة للإطار الحقوقي للسجون اعتمادا على الترتيبات الدستورية والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها موريتانيا و التي أراد المشرع أن تعكسها القوانين التنظيمية ، و منها المرسوم رقم:098\78 المعدل للمرسوم رقم:152\70 المتضمن التنظيم الإداري ورقابة المؤسسات السجنية، والمرسوم رقم:153\70 المحدد للنظام الداخلي لها ،والمقرر رقم:1524 بتاريخ:09\09\2003 المتعلق بالنظام الداخلي الخاص بمراكز إصلاح الأطفال المنحرفين، ورغم أن تمثلها لتلك المقتضيات الحقوقية النموذجية ما زال بعيدا عما نصبُو إليه اليوم؛ لأسباب من بينها: ضعف الإطار التشريعي والمؤسسي الذي يخضع له السجن وطنيا، و التشبُّث بآلية الإشراف الإداري المحكم على السجون رغم الغياب التَّام للجان الإدارية[لجنة الرقابة، واللجنة الوطنية لإصلاح السجون] المنصوص عليها في المواد:16و18 من المرسومين الآنفين تطبيقا للمادة:651 جديدة من المسطرة الجنائية ، وعدم تفعيل الإشراف القضائي من خلال مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة المنصوص عليه في المواد:637/639 من قانون المسطرة الجنائية، هو ما يجعلنا لا نعتمد التطبيق الوطني لتسيير 1873 سجينا موزعين على 17 سجنا وطنيا حسب إحصائية بتاريخ:03\07\2015 تضمنها تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لسنة 2015 ، كنموذج أمثل للتدليل على هذا الفشل نظرا لواقع الاكتظاظ وانعدام التأهيل والإصلاح داخل هذه السجون وهو واقع طالما عكسته تقارير تلك اللجنة منذ نشأتها، بيد أن تنوع التطبيقات الدولية المعاصرة والتعبير المستمر عن واقع السجون المزري يسعفنا و يسمح باستخلاص مسلمة تقودنا إلى فشل العقوبة السجنية، و إلا يكن ذلك فوجاهة القول بأنها تعيش في الوقت الحالي أزمة مُدويَّة.
إن السبب يعود بالأساس إلى طبيعة هذه العقوبة التي تختلف عن العقوبة البدنية ، وعقوبة الغرامة المالية لكونها ذات طابع نفسي واضح ظل يثير تساؤلا مترددا حول الغاية منها [ تقييد حرية الإنسان بإبعاده عن المجتمع، و إعادة تأهيله و إصلاحه ] و بعد أن تجاوز الفكر الجنائي الوضعي الهدف الأول أصبح يتشبَّث بل يتباهى بالثاني مكرسا له السجن كوسيلة لتحقيقه، ولئن كانت تلك الغاية وجيهة جدا إلا أن وسيلتها فشلت في بلوغها لعدم نجاعة هذه العقوبة. ما جعل العالم اليوم يتجه إلى إلغاء العقوبة السالبة للحرية القصيرة تمهيدا إلى إلغائها نهائيا باستبدالها ببدائل تستجيب للنداءات الأممية المتصاعدة التي صدحتْ بها التوصيات الصادرة عن المؤتمرين السادس والسابع للأمم المتحدة للوقاية من الجريمة المنعقدين في كاراكاس وميلانو 1980\1985 المتضمنة ضرورة الانتقال من نظام لا توجد فيه إلا العقوبة السالبة للحرية إلى نظام توجد فيه بدائل أخرى لهذه العقوبة، ومنذ ذلك التاريخ و الأفهام تتسابق إلى اختراع جملة من البدائل تغني عن هذه العقوبة و أكثر هذه البدائل شيوعا و إعمالا اليوم: وقف التنفيذ البسيط Le sursis simple ، وقف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبارLe sursis avec la mise à l’épreuve ، العقوبة المالية، العمل للمصلحة العامة TIG ، البقاء بالبيت، الوضع تحت المراقبة الالكترونية Le placement sous surveillance électronique ، الوضع تحت الاختبار La mise à L’ épreuve، تأجيل النطق بالعقوبة La dispense de peine et de l’ajournement ، تأجيل النطق بالعقوبة مع الوضع تحت الاختبار Ajournement avec mise à l’épreuve..إلخ، وكلها بدائل تحول دون السجن كما هو بادٍ.
لقد كانت الشريعة الإسلامية\ المنظومة العقابية الإسلامية رائدة و سبَّاقة إلى هذه الخلاصة، والاستخلاص الذي توصل إليه الفكر الجنائي الوضعي أخيرا.
ذلك أن هذه المنظومة تنطلق من تصور مُحكم للعقوبة، فالعقوبة في الشريعة لا يصح أن تزيد عن حاجة الجماعة كما لا يصح أن تقل عن هذه الحاجة و هو ضابط يحكم العقوبة التعزيرية بالأخص لخلوِّها من نصٍّ شرعي ثابت كما هو الحال في الحدود والقصاص والديات وتأسيسها على مصلحة الأمة، ولذا فان العقوبة السجنية ليست عقوبة مركزية في هذه المنظومة العقابية، وان دخلتها من زاوية التعازير الموكولة للأمة وفق ما تقتضيه مصلحتها.
فالسجن في عرف فقهاء الشريعة لا يخرج عن دلالة اصطلاحية تعني: "تعْوِيق الشَّخْصِ ومنعه من التَّصَرُّفِ بنفسه، والْخروج إلى أَشغاله ومُهمَّاتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالاجتماعيّة"، وهذه الدِّلالة تبين مدلوله الذي هو تعويق الإنسان عن التصرف في نفسه بواسطة حبس أو إقامة يسميها ابن تيمية التَّرْسِيمْ (الإقامة الجبرية)، أو ملازمة كتتبع الغريم للغارم حتى يؤدي ما عليه من دين بحكم من قاض، لكن ليس من لوازمهما آنذاك الْجَعْل فِي بُنْيَانٍ خَاص مُعَدٍّ لذلك.
ورغم الخلاف الذي دار حول هذه الأنواع من "التعويقات" وجودا وانعداما في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فان الإجماع منعقد بين الفقهاء والمؤرخين على أن السِّجْن بكسر السين الذي يعني لغة مَكَان الحَبْسِ، لم يوجد في عصره الطاهر؛ لذا قال ابن حزم في المُحَلَّى "وأما السِّجن فلا يختلف اثنان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له قطُّ سِجْنٌ"، وقد اختلفوا في تطبيق عقوبة السَّجْن بفتح السين الذي يعني لغة الحَبْس زمن النبي صلى الله عليه وسلم خلافا يطول البحث فيه من حيث الرواية و الدِّلالة، وإن اتفق القائلون بثبوت التطبيق على أن هذا الحبس ليس هو السجن في مكان ضيق، وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء كان في بيت أو مسجد، أو كان بتوكيل نفس الخصم أو وكيله عليه؛ ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم أسيرا قال :"ما فعل أسيرك يا أخا بني تميم؟" كما روى أبو داود وابن ماجه في السنن، وفيما بعْدُ وابتداء من [ زمن عمر بن الخطاب، وقيل معاوية بن أبى سفيان كما ذكره المَقْرِيزِى في الخِطَطِ]، أَفْرَدَ الْحُكَّامُ الْمُسْلِمُونَ أَبْنِيَةً خَاصَّةً لِلْحَبْسِ سموها سُجونا، وَعَدُّوا ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَة، وقد بقي ابن فرحون في التَّبْصِرة مصرًّا على أن هذا الحبس ليس هو السجن في مكان ضيق وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه حيث شاء، بل أورد نقلة رائقة عن الإمام محمد بن فرج الملقب بابن الطَّلاَّع المالكي الأندلسي حول اختلاف العلماء في الآثار المروية حول نمط هذا الحبْس.
و من بعد ذلك بسط الفقهاء البحث حول دواعي الحبس ومنهم القَرَافِي في الفرق 236 من فروقه حين بيَّن ما يُشرع من الحبس وما لا يشرع وعدَّ من بين دواعيه الثمانية حبس الجاني لغيبة المجني عليه حفظا لمحل القصاص، و حبس الجاني تعزيرا وردعا عن معاصي الله، وقد زاد المتأخرون عليها حبس الاختبار لمن ينسب إليه فعل السرقة والفساد وهو الحبس الاحتياطي اليوم، ومعلوم أن هذه الأوجه كلها من باب التعزير، والتعزيز فقها يسقط بمجرد التوبة لقول القَرَافِيِّ نفسه: "أن التعزير يسقط بالتوبة وما علمت في ذلك خلافا".
ولئن أختلف الفقهاء في مشروعية الدواعي الآنفة إلا أنهم لم يختلفوا أبدا في أن سجن المُدَدِ كانت قصيرة أو طويلة (الحكم بسنوات محددة) المنتشر اليوم في العالم، والمبثوث في القوانين الجنائية المعاصرة ، لا يجد أصلا شرعيا ولا مستساغا ولا يستند إلى دليل إلا من باب التوسع غير المبرَّر في التعازير ومعلوم أن التعزيز متنوع فقها، و موكول للإمام لقول خليل:" وعزَّر الإمام بمعصية الله أو لحق ادمي، حبسا، ولوما، وبالإقامة، ونزع العمامة، وضرب بالسوط، أو غيره ..." وفي هذا دلالة على اختيار المناسب الصالح للزمان والمكان ولو بدون مثال سابق في السنة أو عمل الصحابة رضي الله عنهم، وهذا صحيح من حيث التقعيد، وتوصل إليه الفقهاء اجتهادا وتخريجا، من جميل تخريج علماء هذا القطر ما دبجه العلامة مَحَنْضْ بَابَهْ ولد اعبيد الدَّيْمَاني وهو احد ابرز علماء القرن[13هـ] في فتواه حول العقوبة بالمال كبديل عن السجن [1].
إن هذا يبين عن غزارة البدائل التعزيرية التي تحول دون اعتماد و شرعنة هذه العقوبة السجنية المحدَّدة المدَّة، بل يغني عن جعلها عقوبة مركزية في منظومتنا الجنائية الوطنية ذات الخلفية الإسلامية الواضحة، وهو ما نحن في غنى عنه اليوم إذا ما نظرنا إلى الفشل المدوي لهذه العقوبة الذي تقرُّ به الدول ذات التاريخ العريق في إيجاد وتطبيق سياسة الإصلاح والتأهيل داخل السجون، وتطبيق المعايير الدولية بكل صرامة ولم يُغْنها عن اعتماد بدائل عنها لاستشراء العوْد الجنائي وانتشار الإجرام، وهو ما يظهر لنا سموَّ النظام العقابي الإسلامي وتكامل منظومته الجنائية مما يبين وجاهة العدول عن اعتماد هذه العقوبة بشكل مركزي داخل المنظومة العقابية الوطنية إلى اعتماد البدائل العقابية لها، ضرورة التركيز على إعادة التأهيل والإصلاح داخل المؤسسة السجنية الوطنية، حتى لا يتحول السجن إلى موت مدني مقنَّن.
إن التركيز على إعمال القواعد النموذجية المتعلقة بفصل وتصنيف السجناء، والتكوين، والعمل داخل هذه المؤسسة هي أمور يمكن أن تخفف من وطأة الفاجعة حتى لا يفوت الأوان.
[1] - يقول العلامة محنض بابه ولد عبيد الديماني:" الحمد لله والصلاة والسلام على محمد واله وأصحابه. وبعد فان العقوبة بالسجن والضرب ازجر واردع لأهل الظلم من العقوبة بالمال فان لم يكن إلا هي فإنما تؤخذ من الظالم وحده بلا إعانة قريب له ولا بعيد لان إعانته تغريه على ظلم من شاء أن يظلمه" نقل من خط المفتي المصدر ميكروفيلم جامعة افرايبور/ المانيا انظر الدكتور يحي البراء .المجموعة الكبرى. المجلد 12 ص:6073