كان بالإمكان أعدل مما كان -الاستاذ/محمدالامين عبدالله

23

في الخامس والعشرين من شهر مايو من عام ألفين وخمسة عشر ، وبعد تعيين الأستاذ/ أبراهيم ولد داداه وزيرا للعدل خلفا لسيدي ولد الزين كتبت مقالا عن بعض المواقف التي مرّ بها الوزير سيدي ولد الزين ، وعن علاقته بمكونات القطاع طيلة فترة وجوده على رأس وزارة العدل. لقد تضمن المقال ثناءً واضحا على الوزير السابق سيدي ولد الزين - وإن كنت ممن لا يجيدون فن التملق والتزلف والثناء -، ويتضح ذلك من خلال تاريخ المقال الذي كُتب بعد مغادرة سيدي ولد الزين لوزارة العدل . المقال حمل في الوقت نفسه تفاؤلا وترحيبا برجل من أهل القطاع يعرف خباياه ومدى التجاذبات التي كانت وراء تأخر الإصلاح الذي التزمت به السلطات العليا قبل سنوات ، وكان السبب الحقيقي وراء تحقيقه عائد إلى تجاذبات معقدة تأخذ أشكالا محتلفة يصعب فهمها على أصحاب الحقل كما يصعب عليهم أخذ موقف حيادي منها فما بالك بغيرهم ! لكن سيدي ولد الزين استطاع من خلال شخصيته العميقة أن يأخذ نفس المسافة من الجميع من خلال وقوفه على واقع الحال المنسجم مع النصوص القانونية في موريتانيا والدول التي تشترك معها في منظومة قانونية واحدة عندما رأى أن كاتب الضبط هو المحرك الأساسي والعمود الفقري لأي عمل قضائي وعليه تقع مسؤولية جسيمة في ضبط أعمال المحاكم كلها وهو من يعكس مستوى إصلاح القضاء ووحده من يستقبل رواد المحاكم وقد لا يتعدونه ..وعليه تعتمد الوزارة وهو من يتولى تسيير إداراتها الحساسة ، وأبقى على ذلك رغم المعارضة الشديدة له، وقد استطاع الرجل بحكمته وصراحته الإيجابية ونيته الحسنة أن يقدم الإيجابي للجميع ويكف عن كل ما من شأنه أن يصبي في مصلحة طرف دون الآخر ، يلجأ أحيانا إلى إثارة بعض النقاط في الوقت المناسب ، في المكان المناسب ثم يبدأ في الإنصات ليستمع إلى الجميع فيتوصل إلى النتيجة التي عليه الإنطلاق منها ، وقد عرف الرجل نقاط الخطر التي عليه تجنبها في فترة وجيزة من خلال اعتماده على المعلومات التي التي يستمدها من الواقع وليس مما يتلقاه شفهيا من بعض الميدانيين . وزيادة على ذلك فقد عمل على مساعدة كل مكونة من مكونات القطاع من أجل الإنتظام في إطار قانوي يسمح لها بالمطالبة بحقوقها بصفة جمعوية ، و كان لكتاب الضبط نصيب من فترة وجوده وزيرا لهم فشاركوا عن طريق نقابتهم في جميع الورشات المعنية بالقطاع كما شاركوا في تعديل النصوص القانونية : النصوص المتعلقة بتنظيم السلطة القضائية وغيرها رغم المعارضة الشديدة التي أبداها البعض لذلك ، كما تم انتداب كتاب الضبط في مهام الوزازة الكبرى و تم إشراكهم في كل شؤون القطاع. لقد حمل ذلك المقال رسالة تضمنت ثناءَ كتاب الضبط على الوزير سيدي ولد الزين وترحيبهم بالأستاذ/ ابراهيم ولد داداه ، أملا في أن يواصل مشوار الرفع من مستواهم سبيلا إلى النهوض بقطاع من الطبيعي أنه يعرف كيف يتم النهوض به، ويبدو أن الآمال التي حملها ذلك المقال تعرضت في مكان ما لجهود مضادة كتلك التي ظهرت جلية وعلى لسان الوزير سيدي ولد الزين فى فندق أطفيله واختار أن يضعها على الطاولة وأمام الجميع وهو ما أغضب أصحاب فكرة جعل كاتب الضبط أداة بيد القاضي يستغلها في ما يشاء فتكلم الأستاذ/ أحمد سالم ولد بوحبيني نقيب الهيئة الوطنية للمحامين يومها وانقلب السحر على الساحر ، ونجا الوزير .... كان هدفي الحقيقي من كتابة ذلك المقال وفي ذلك الوقت بالذات هو أن يطلع الوزير الجديد على بعض الأمور التي تعرقل تقدم القطاع مستهدفة كتاب الضبط الذين أصبحوا فعلا يشكلون حرجا للبعض وذلك من خلال سيرهم الذاتية وحضورهم ميدانيا.. إن أغلب الإجتماعات التي يطلبها البعض وتأخذ وقت أي وزير ترتكز في الأساس على قضايا شخصية لا تصب في مصلحة القطاع قطعا ، ولاشك أن ذلك سيدفع بعجلة الإصلاح إلى التوقف. ولقد كان لانشغال كتاب الضبط في عملهم وتركيزهم عليه دور كبير في تغييبهم عن مراكز القرار ، كما أن إجماعهم على أن الوزير ليس بحاجة إلى من يُذكّره بدور كاتب الضبط قضائيا وإداريا.... والآن وقد انتهى كل شئ وتم إقصاء كتاب الضبط فجأة وبطريقة صادمة سيتذكرها كتاب الضبط دائما كتبت هذا المقال لإطلاع الوزير على هذه الحقائق علّه يتذكر من دفعوه إلى تهميش كتاب الضبط وتعطيل إحدى أهم عجلات الإصلاح فيأخذ حذره منهم كما فعل سلفه الذي كان ينظر إلى كتاب الضبط باعتبارهم العمود الفقري لمرفق القضاء لا باعتبارهم كتاب للقضاة.

اثنين, 01/02/2016 - 23:08