بعد الحملة الشرسة التي استدعى فيها فقهاء السلطة مخبوءات العهود السحيقة، تتقدم الخطة المعدة سلفا خطوة باتجاه هاويتها المحتومة. تُقرِّرُ إغلاق جميعة المستقبل للدعوة والثقافة والتعيم لتضع يدها على مخازن الأسلحة التي كان سيتحرك بها أتباع التيار الإسلامي إلى معاقل حرس ولد عبد العزيز، وأكداس الأموال التي ستكترى بها المرتزقة لتقويض السلم الأهلي والاستيلاء على السلطة!! امسحوا ذقونكم يا علماء الجنرال. تُستخرج الشهادات المقبورة مما تنفثه أفاعي أجهزة الأمن وفتاواها التي يعدها نشطاء أمنيون مطرودون من المدارس الابتدائية بشهادة سوء السيرة والسلوك. ستجدون "أكداسا" من الأفكار آمن بها رجال مؤمنون، عانقوها فتعانقت مع قبسات من الوحي غرسَها ربانيون علماءُ في تلك الأفئدة فأثمرت جهودا مباركة قامت عليها المستقبل وأخواتها، لا تُخَزَّنُ في المقرات، ولا تُغلق عليها الأبواب بالشموع الحمراء. ستجدون مواضئ أنيقة أنتم بحاجة إليها للاغتسال كل يوم خمس مرات عَلَّ ذلك يُطهر شيئا من درن الفتاوى التي تسطرون تحت الطلب. ستجدون مصاحف غير ممزقة، وأفرشة صلاة لم تطأها أقدام العسكر، ولا دنستها حُيَّضُ البغايا، ولا سالت عليها من الصهباء قطرة. اقرؤوا في تلك المصاحف ما فاتكم أن تقرؤوا في مصحف الزعيم، من أن الأيام يداولها الله بين الناس، وأن عمل المفسدين لن يكون مرافع إصلاح. اقرؤوا في المصاحف غير الممزقة، وهذا مهم لكم جدا، أن من أخلد إلى أرض الطمع لهث كالكلب، وارتفع الوحي إلى مرتقى الإباء. ستجدون إيمانا وصدقا تحتاجونهما لتصفيقكم الغبي، ستجدون شيئا من الحماس للفكرة يحتاجه فقهكم البارد، ستجدون شيئا من التعفف تحتاجه ثقافةُ الإنفاق التي يتحرك في ضوئها آمِرُكم الزعيم. توجهوا إلى هناك أيْ إخوتَنا العلماء الأجلاء لتتلقوا دروسكم الأولى في الوفاء لما تقولون نفاقا أو قناعة، توجهوا إلى هناك أسيادَنا الفقهاءَ.. ستجدون شيئا من الوقوف مع المبدأ يحتاجه خطابكم ليَتَّسِقَ قليلَ اتساق!. لقد بدأ عزيز خطى أسياده حثيثا، لقد تذكر الدروس بقوة ذاكرته التي تحفظ أرقام المعاملات وإيجارات الدور والمساحاتِ وعناوينَ السماسرة، لقد تذكر كل خطى الزعيم إلا أنه نسي عواقبها، أو أنساه ألق المقدمات قتامة الخواتيم. لقد نسي سريعا عواقب فعْلات القائد المفدى؛ وسْوَسَتْهُ شياطينُهُ، أطْعَمَتْهُ الشجرةَ ذاتَها، ويُدُيُّها تُقْصُرُ أن تَخْصِفَ عليه ورَقا يواري السوءاتِ الباديةَ من تَخَرُّق الحُلَل، وعمائم السوء التي يتعاورُها عزيز وزبانيتُهُ المسمَّوْنَ علماء وعلامات ومفكرين. لقد انكشفت السوأة سريعا بفعل غباوة الأيدي التي خاطت القميص، وهيهات ينفع ترقيع أو تُغني إعادةُ تفصيل قميص جديد. سيكون كل قميص حلَّةً تتآكلُ تحتَها الأجساد، تُنتج قروحا جديدة، وتنزِفُ من تحتها الجلود. إنك تغلق المستقبل أمامك يا ولد عبد العزيز، وهو على ما يبدو لم ينفتحْ كثيرا لأنك ظِلْت تعيش في ماض قذَفَ مُعَلِّمَكَ الأوحد، وألقى به في منفى من الأرض لا زائرَ فيه. مشكلتُك أنك لن تجدَ مُتَّسَعا هناك، لأن الأرض ضاقت بحجم المسافة الفاصلة بين ذلك الزمن ويومنا الراهن. لن تجد لك مأوى إلى جانبِ السيد لأن الزمن تغير. ومناصروك في الحملة التي تشنها على تراث البلد، ومقومات تماسكه لا تجد عند أسيادك الجدد صدى يعطيك الحق في مقعد لجوء. أبَعْدَ أن أفِلَ نجمُ القمع في كل بقاع الأرض، وصدَحَ الأذانُ من كلِّ المنافي تسول لك نفسك خنقَ صوتَ بلال؟ إن مرَضَ الغباءِ هو داؤك، ويبدو أنَّ تأصُّلَهُ في محيطِكَ الاستشاري أعمق. أبعْدَ أن جفَّتْ منابعُ تجفيفِ المنابعِ، أو كادت، وتهدمت كل قلاع البغي أو هوَتْ، تَجْهَدُ لتشييد قصور القمع في صحراءَ تُعَلِّمُ أبناءَها أن الحرية ليست مطلبا يُستجدى في حوانيت الأمل القانط؟ أما رأيتَ، سيادتُك، رقصاتِ ناشطاتِ العالمِ الشمطاوات وهنَّ يسخرْنَ من بغي الجلادين في مطار القاهرة؟ أم أنك تشاهد فقط وزيرك ولد محم وهو ينتج أرتال الإفك؟ سأُذَكِّركَ بشيء من تاريخ فشله القريب يوم بح صوته لإسكات صوت المحامين حين تحمل كِبْرَها على عهد السيد. المعذرة تلك واحدة من سقطات المعلم الأوحد، نسيتُ أنكَ لمْ تَقلِب الصفحة لقراءتها!. لو كان بإمكان بحة وزيرك نائب رئيس حزبك الجديد أن تغير وجهةَ رياح التاريخ لما كنتَ وصلتَ إلى هنا. لقد جَهِدَ مِنْ قبلُ أن يوقفَ وجهة التاريخ دفاعا عمن تجلس مكانه اليوم، وما صحْوَتُهُ الحاليةُ للدفاعِ عن ديمقراطيتك وانفتاح برنامجك، وقوة إيمانك بالحرية إلا إحدى السكراتِ التاريخية العميقة جدا. يا ولد عبد العزيز يحتاج إسناد مهمة الدفاع عنك إلى "المحامي الماهر" إلى إعادة تأمل. فتأمل ما يقوله وزيرك الجديد، وعهْدُ منْ يعرِفُكَ بكَ تزجُرُ الطير، وتتطير. لقد طفِقَتْ الخيْباتُ، تترى منذ أن رفعَ وزيرُك الرئيس عقيرته، وتطايرت التناقضاتُ بعددِ كلماتِهِ وأفكارِهِ. ختاما، يا ولد عبد العزيز سيسقيكَ وزيرُكَ الجديد كأسا مُرةً تجرَّعَها المعلم الأول على يده ورفاقه، وسيدَلِّيكَ علماء المعلم الأول بحبْلِ الغرور ذاتِه. ليست لديهم كؤوس لكنَّ لهم حبالَ كلام تُوصِلُ إلى قاعِ البئرِ ولا تَقْوَى على نزْعِ الدِّلاءِ، فكيف بضِخامِ الجُثث!. لا تَتَدَلَّ بحبالِهم ولا تَشربْ من كأسِ الوزير. وقد أنذرتُكَ. فتأملْ. محمدعبدالله لحبيب