استمعت البارحة للردود السيد وزير العدل علي أسئلة النواب بخصوص التعديلات المقترحة علي مشروع القانون المتعلق بالفساد، وتلك الجانبية المتعلقة برأيه حول انجازات النظام كمواطن عادي كما قرأت بالأمس بعض الإرهاصات هنا وهناك من أسئلة وتعليقات ومواقف متباينة فكانت لدي الملاحظات التالية:
أولا: إن الأستاذ إبراهيم ولد داداه، رجل علي درجة عالية من الوفاء لقناعاته واحترامها، شخص له القدرة علي تسيير ذاته والتجرد منها عند الحاجة، إنسان بمستوي رفيع من المهنية والأخلاق، يؤمن بالديمقراطية وبقواعدها يحمل مشروعا عملاقا آمن به وآثره علي المال والأعمال فهو من أقدم المحامين وأكثرهم نجاحا. لا أقول هذا بغرض تلميع الصورة فالرجل لا يؤمن بمثل هذه الأمور إطلاقا، بقدر ما أعجبتني مهنيته والقدرة العالية عنده علي هضم الذات. إن أي شخص يؤمن بالديمقراطية له الحق في التعبير عن مواقفه بغض النظر عن مركزه السياسي أو الإداري أو الاجتماعي كما أن من واجبه الاستماع لغيره أيا كان. هذا ما تقتضيه بعض تجليات الممارسات الديمقراطية في العالم المتحضر، تلك التجليات التي تقتضي بل وتفرض ترسيخ مفهوم المواطنة و دور المواطن، فهذا الأخير في البلدان الراقية أفضل مركز من الوزير وأكثر احتراما وحقه كاملا ومضمونا قبل وبعد التعيينات السياسية فتلك هي المحصلة النهائية والهدف الأخير لكل نظام يؤمن بالديمقراطية.
ثانيا: ان ما قاله وزير العدل أخرج من سياقه ووضع في غير محله, فهو كما يبدو لي من ادري الناس بكيفية وضع الدساتير والمحافظة عليها واحترامها. إن استشهاد النائب محمد غلام باستقالة وزيرة العدل الفرنسية في غير محله لأنه وببساطة تناسي وبالمقابل الزيارة التي قام بها كل من , Jean-Frédéric Poisson, Véronique Besse et Xavier Breton النواب في الجمعية الوطنية الفرنسية الحالية عن حزب الرئيس السابق ساركوزي لسوريا ولقائهم بالرئيس بشار الأسد في وقت كان فيه إجماع الطبقة السياسية الفرنسية والتوجه العام للحكومة مقاطعة الرئيس بشار. بعد عودتهم صرحوا بان التصرف شخصي وليس ملزما لا للحكومة ولا للبرلمان.
الرجل لم يرتكب جرما ولم يطالب بتعديل الدستور ومن غير المقبول ولا المنصف تفسير ما قاله خارج السياق فلكل رأيه ولكل الحق في التعبير عن قناعاته إن احترمها، فرأي التكتل عدم المشاركة في لقاء الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية ورأي تواصل الخروج علي الإجماع والمشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية لحاجة في نفس يعقوب ورأي أغلبية كبيرة من الشعب الموريتاني أن يمدد للرئيس محمد ولد عبد العزيز مأمورية ثالثة و أخري رابعة و خامسة ...........الخ.
ثالثاا: إن مطالبة الرجل بالاستقالة الآن ليست واردة وظلم شديد، فهو لم يرتكب خطئا جسيما في تسييره للقطاع الموكل إليه، اجتهد فيما عمل وفقا لما بدي له صحيحا، حتي من يفترض قربهم منه اجتماعيا تدنت مراكزهم، في وظائفهم القضائية لعدم ثقته فيهم ربما وذاك من حقه فلم تشفع لهم مراكزهم ولا مغرفته بهم.
الشيخ محمد عبد الله