تابعت اليوم عبر إعلام التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) مقطعا دعائيا ضد التيار الإسلامي في البلد، محذرا من التصويت للإسلاميين أو تواصل تحديدا، بحجة أحداث أخرى ،في مجال جغرافي مختلف ،وسياسي متباين عن وضعنا الخاص ومنطقنا السياسي والاجتماعي ،الخاص أيضا.
حيث يسعى مسجلوا هذا الفيديو القصير إلى محاولة إقناع الناخب بأن غلبة التيار الإسلامي أو تواصل تحديدا يعني دخول موريتانيا باختصار (في مربع العنف الديني)!
هذه اللعبة السياسية الراهنة، ذات الطابع الانتخابي طبعا، التنافسي الحاد، خصوصا في الشوط الثاني، قد لا تعنيني شخصيا، بالدرجة الأولى، بقدر ما يهمني بعدها العام الوطني الجامع.
فمهما واصل النظام القائم هيمنته على المسرح السياسي الوطني والشأن العمومي الوطني، سواء بالطرق السليمة أوغير السليمة، فإن ذلك بصراحة لا يمدني بكثير من أوكسجين الارتياح والتفاؤل غير المشروط، وكذلك إخوتي في تواصل، وفي الإطار الانتخابي الضيق، قد لا أكون نصيرهم المباشر بشكل يقيني، نظرا لتجربة سابقة، ما زلت موقنا أنها تستحق الحذر ،فقط في الجانب السياسي والتشاركي ،وليس في جانب الخلفية والعقلية. فالتواصليون على وجه العموم ،طيبون بصراحة ومسالمون، أما في مجال سعة الصدر للآخر، جهويا ومصلحيا، فما زلت أتصور وبقناعة راسخة أن المجموعة الداخلية الصلبة في جهاز تواصل ،رغم طبيعة الهيمنة الشكلية الظاهرية الحالية (ولد سييدي – رئيس حزب تواصل، والحسن ولد محمد رئيس المعارضة الديمقراطية، المحسوبة زعامتها على تواصل) وهؤلاء طبعا ليسوا من الجيل المؤسس ،سواء على مستوى المركز أو الأطراف، خلافا لحالتي، حيث كنت عنصرا مؤسسا للتنظيم الإسلامي السري في مدينة أطار، ومحركا متفاعلا مع تيار الصحوة الإسلامية في أطار والشمال خصوصا، والبلد عموما.
لكني مصر على القول أمانة، إن المجموعة الداخلية من (من بعض ازوايات الكبلة)، المهيمن الحقيقي على الحركة الإسلامية عموما في موريتانيا وتواصل بوجه خاص ،لا تملك القدرة الكاملة على إقامة عمل سياسي جامع ،رغم أنها، وفق الواقع التواصلي الحزبي ونتيجة الاقتراع الأخير على مستوى مؤتمر تواصل، بدأت تفقد شكليا وليس حقيقيا، بعض دواليب الهيمنة التنظيمية والحزبية على المشروع الحزبي الإسلامي الواعد ، تواصل، ربما بإذن الله، ليتحول يوما ما، إلى مشروع سياسي وحزبي ووطني جامع، وذي عقلية وأداة تشاركية وتحالفية مع الجميع، حتى مع الجهة الرسمية المهيمنة ،إن اقتضى الأمر ذلك، وفقا لخلفية المصلحة الشرعية الإسلامية الواسعة البراغماتية، على وجه وقاعدة (لا ضرر ولا ضرار).
أما وإن الإسلاميين ليسوا أفضل من يوسف عليه السلام، أما وإن النظام الديمقراطي الشكلي الحاضر في موريتانيا، حسب دعوى المتغلبين، العسكري الأحادي النظرة غالبا في عمقه وجوهره، ليس أفسد من النظام الفرعوني ،الذي تحالف معه يوسف عليه السلام.
فالسياسة ومصالح الأوطان ،تقتضي في حساب الأنبياء والمرسلين والمصلحين عبر التاريخ، تولي وزارة مالية في عهد فرعوني مهزوز اقتصاديا، وقد تقتضي المصلحة العامة ظاهريا وشكليا، حديبية مرهقة على رأي البعض، يليها فتح مفاجئ ،في حساب البعض، يقين منبلج، تبعا لفراسة ورؤيا ورؤية آخرين، أكثر حنكة وصبرا وسعة وارتباطا بالله.
أما ترويج العقيد المتقاعد والعمدة المنصرف الشيخ ولد بايه أو بعض أنصاره، بأن إخوتي التواصليين أصحاب مشروع عنف وتفجير وشرور وقلاقل حاضرة أومحتملة، لا قدر الله، فهذا لا أساس له ،حسب المعطيات المفحمة المتوافرة حتى الآن .وإنني بوصفي عارفا بهؤلاء وجيلهم المؤسس المؤثر، قائد هذا التوجه الإسلامي العام، والحزبي التواصلي الخاص. أشهد لله أنهم ،مهما ذكر من سلبياتهم، على الاحتمال الأرجح الطبيعي، أبعد ما يكونون من خلفية العنف أو الاقتناع به أو الإقدام عليه، وصلتهم بالمحاولة الانقلابية أيام صالح، كانت ،حسب معلوماتي الخاصة ،في حيز ضيق، في ذلك الصف الإيديلوجي، وهي مهما تكن على رأيي الخاص ،مثلب في تجربتنا معشر الإسلاميين في هذا البلد، فلا ينبغي أن يكون للمشروع الإسلامي الحضاري السلمي، أي صلة مباشرة أو غير مباشرة ،بأي مشروع عنفي، داخل المجتمعات الإسلامية بوجه خاص، حتى لا أنفي وجوب الجهاد، إن اقتضى الأمر ذلك، ضد الكفار طبعا، وتبعا لاجماع العلماء وتحت لواء الدولة، وليس تحت لواء جماعة محدودة، تتجاذبها المصالح والنوازع والاجتهادات الضيقة، غير الاجماعية.
السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، السادة الجنرالات والقادة الأمنيين الواقفين وراءه، الحراس الحقيقيين للمشروع الرسمي القائم، لا خير في الاقصاء والتجني والتحامل، فالتواصليون مهما كانت عيوبهم ونواقصهم، ليسوا أصحاب مشروع عنف ،البتة، ومن مصلحة هذا البلد تكريس التعايش الأمني والاجتماعي والمعيشي والسياسي والانتخابي، بين جميع الموريتانيين ومختلف مشاربهم .فالرهان الأول على الاستقرار والتعايش والاحترام المتبادل، والاختلاف طبيعي وحتمي، قال الله تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)، وكما يقال في المثل "الاختلاف لا يفسد للود قضية".
الشيخ ولد بايه صرح في انتخابات 2013 في حملته للبلدية بازويرات ،بأنه كسب المليارات بـ "عرق ناظره"، كما قال حرفيا.
أجل قال، إنه كسب مليارات الأوقية، إبان عمله رئيسا لمندوبية الصيد في نواذيبو، وقال بالحسانية، بأسلوب تقليدي، لايعبر عن العمق والحذر "امتليت أنا وامتلات موريتان"، كنت وقتها مترشحا للنيابيات على مستوى مقاطعة أطار فى مهرجان في شوم، بضواحي ازويرات .انتقدت علنا وبصوت جوهري، تلك التصريحات الإجرامية السخيفة.
العقيد المتقاعد يتحايل على المال العام ،بقوانين بائدة ،لا تطمئن إليها النفس ولا القلب ولا الضمير الوطني الحي، ثم لا يستحي أن يصرح بما حصل عليه بصورة مريبة طبعا، وذلك مصداقا للحديث النبوي الشريف "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".
أخي العزيز المتبرئ من الشرف ، والدك كان مكاتبا لقبيلة الشرفاء اسماسيد في أوجفت، مكاتبا طبعا لأسرتكم جميعا في سجل أسرتنا الشريفية، فلماذا تبرأت من النسب النبوي ،أو على الأصح، الصلة بسجل أسرتنا الشريفة، وأعلنت للبعض ،عندما اتصل بك في بعض مشاكل شركات الصيد وقتها، بعد الانقلاب على معاوية.
نعم قلت لهم لم أعد ، فردا من قبيلة اسماسيد.
لماذا لا تتبرأ منا قبل الانقلاب؟ أنت شخصي نفعي "مزبى"، أما الإسلاميون، سواء هزموك في الشوط الثاني أو لم يهزموك، وأعني جماعتنا في موريتانيا، فليسوا البتة ،أصحاب مشروع عنف ولا تحامل ولا تجن ،مهما كانت بعض نواقص عقلية بعضهم ،مما يقتضى ضرورة هجر التقوقع، كما نبهت إلى ذلك مرارا وتكرارا.
وهذه الحملة التي تقودها من ازويرات ويحرضها عليها المتملق ولد يوسف من روصو، لا خير فيها لك ولا لولد عبد العزيز ولا لغيركم من قادة هذا النظام المثير ،للجدل المشروع، والجامع بيننا هو موريتانيا ورهان الاستقرار والتعايش الراقي أو المقبول على الأقل، و ينبغي أن يكون شغل الجميع، سواء كانوا من ضفة الموالاة أو المعارضة أو ما بينهما أو ما حولهما، من المعتزلين للمشهد أو المحايدين أو الهاربين من الفتنة، لا قدر الله.
حمى الله موريتانيا من سائر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وباختصار الفائز الحقيقي في هذه الانتخابات ،بإذن الله ، هم الموريتانيون جميعا ،ودون استثناء ،ولحمتهم الوطنية ،رغم كل المآخذ والنواقص على الجميع.
فالديمقراطية الموريتانية ،إن صح الإطلاق ،تستحق التقدير والمزيد من العمل والتفاؤل والتعايش الايجابي ،وليس الاقصاء والرمي بسهام التجريم ميمنة وميسرة، دون حساب أو حذر.
وقد قيل في المثل "إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمين الناس بالححارة".
انظروا مثلا إلى واقع الوطن العربي السياسي والأمني والاجتماعي في دول عديدة، دماء واشلاء ونزاعات سيزيفية عقيمة، بينما نحن هنا في موريتانيا، مهما كان مستوى التلاعب بالمال العمومي والشأن العام أو الانتقاد والتطرف اللفظي في بعض أجنحة المعارضة، فالتنوع السياسي موجود ومحمي ومكرس حتى الآن، و مازالت حرية التعبير واسعة ومثيرة للإعجاب.
وموجة الديمقراطية والتعايش والوعي قادمة ولن تغلبها، بإذن الله ،تيارات فرعية أخرى، مهما تعددت وتكاثرت وحاولت النفاذ إلى ساحة بعض وسائل الإعلام والمشهد السياسي الوطني، الذي يجد فيها الجميع تمثيله، حتى ولد بايه، من صف أكبر المعتدين على المال العمومي في موريتانيا ، ويقف خلفه بعض المحرضين على جر الآخرين للعنف، رغم تشبثهم بالسلمية والتعايش ونتائج اللعبة السياسية ونتائج صناديق الاقتراع ،مهما كان مستوى التزوير البدائي الفاضح!
اللهم سلم سلم . ما من صواب فمن الله وما من خطإ فمني، واستغفر الله العظيم وأتوب إليه.
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.