تبيانا للحق / عبد الفتاح ولد اعبيدن

منذ سنوات وما أكتبه يثير لغطا واحتجاج القريب والبعيد، وخصوصا بعد الانقلاب على معاوية، رغم مصادرة عدد من جريدة الزميل محمد سالم ولد الداه في أواخر التسعينات بسبب مقال لي حول بعض مطالب الإصلاح، وكانت تلك الجريدة وقتها بإسم "الوحدوي" وهي الحالية عند نفس الزميل

ولكن ألكترونية، وصودر عدد آخر في نفس الفترة، من جريدة "الصحافة" بسبب مقال "النفط والعهد الجديد"، إبان شائعة النفط في سنة 1999، وعلى ما أذكر هي نفس السنة التي صودر فيها عدد من الوحدوي، بل ربما نفس الأيام.
وأما الجريدة الأخرى –أي الصحافة- فمديرها الناشر هو الزميل محمد محمود ولد بكار.
وقد كتبت في المقال المنشور في الوحدوي ولم يصادر، وصودر بعد ذلك بأيام في "الصحافة" لولد بكار.
أقول كتبت في عهد معاوية: "حفظه الله مما يشاع حول صحته الطيبة لله الحمد"، في ذلك المقال: "النفط والعهد الجديد": "أبناء هذا البلد في هذه الأيام يعيشون تحت رحمة مافيا مزدوجة، فعلى مستوى القطاع الخاص تسيطر أسر كبيرة من مختلف أطراف الوطن على نسبة كبيرة من الأرزاق والمنافع، وفي القطاع العام، مسؤولون كبار وزراء، عساكر، مشاييخ قبائل".
وقد وضع الراحل رحمه الله المصطفى ولد الندى، الإطار المعروف وقتها في وزارة الثقافة، هذا المقال في الوثائق الوطنية، للدولة الموريتانية، بإرشيف وزارة الثقافة، دون علمي طبعا، أو بسبب من جاهي المحدود جدا وقتها، وإنما أخبرني صدفة بالموضوع عندما لقيته في أحد البيوت قيلولة عابرة.
واليوم تعود الجلبة الإعلامية إلى سياق عهدها، في زمن لا يمكن أن يفبرك علي فيه أي مستوى من النفوذ، تفاديا لما يتوهمه الناس أو بعضهم من أنني كنت من مستغلي النفوذ في العهد السابق، وبعد سجن ومطاردة بدأت بنواكشوط ومرورا بتونس، حيث حطت "عبورا" طائرة التسليم: "الرحلة التونسية"، والمنطلقة يوم 30نوفمبر صباحا، يوم أحد على ما أذكر من سنة 2008، إلى أن حطت في مطار نواكشوط الدولي، وسط حرس شديد وبسرعة حولت مباشرة إلى السجن، تحت الحراسة أيضا، وبعد إغلاق الإتجاهين، ولبثت في السجن أشهرا صعبة ثقيلة، إلى أن خرجت منه بعفو رئاسي هش، يوم الأربعاء 8-5-2009 قبل ذهاب الرئيس في اليوم الموالي إلى مدينة أطار، وذلك إثر ضغوط شديدة منذ إقامتي الجبرية في دبي، من قبل الحاج الشيخ الوقور المتبتل ماء العينين ولد النور ولد أحمد، الشريف الشمسدي الأطاري، الذي ينتمي إلى نفس أسرة "أهل الطيب" التي أنتمي لها، وهو طبعا والد تكبر بنت أحمد حرم ولد عبد العزيز، عافاه الله من إستبداده وإنقلاباته، وهو صهرنا الصعب المراس.
أجل، كان عفوا رئاسيا هشا، لأنني كدت أعود إلى السجن، إكراها مرة أخرى، بعد تدخل بوعماتو وإعتراضه ضمنيا على تصرف الرئيس الحالي، يومها بالعفو الرئاسي المذكور، فتقدم برشوة لأحد القضاة وهو مريض الآن لا أود ذكر إسمه من وجه إنساني فحسب، ورد علي الغرامة، الأغرب في الكون والأكثر عدديا وماليا على منتج ثقافي، بغض النظر عن مستواه وماهيته، 300 مليون أوقية أكثر من مليون دولار.
ولكن جميل منصور، أبلغ أمر محاولة إعادتي للسجن إكراها، بعد أن أعجز طبعا عن تسديد الغرامة الإستبزازية الوحشية، وعندما سمع ولد عبد العزيز كلام جميل وتفصيله الأمر، بما فيه إعتراضه على إعتقال رجال الأعمال  لثلاثة وقتها: "اشريف، عبدو ومحمد".
إعترض جميل بقوة وأدب أمام ولد عبد العزيز، وبشرح كامل على محاولة إعادتي إلى السجن، وبروح أخوية تضامنية نادرة، بعدما خفت من الرجوع للسجن وهو كريه بغيض لأي نفس، حتى أن يوسف عليه السلام قال في هذا الشأن: "أذكرني عند ربك".
تحرك غضب ولد عبد العزيز، فقال لجميل: "لا يستطيع ولد بوعماتو إرجاع ولد اعبيدن للسجن وكذا وكذا".
وتحرك الزميل الهيبه ولد الشيخ سيداتي سرا، بصورة تضامنية وغيره من الزملاء، وأخبرني مبدئيا، بإرجاع الغرامة وذلك قبل لقاء جميل المذكور مع ولد عبد العزيز، وكنت لا علم لي وقتها بالكيد الذي تسبب في إرجاع الغرامة علي، الذي تحركت ضده لاحقا، رغم هذه الغرامة الوهمية وإرجاعها بعد العفو الرئاسي، إلا أن السلطات القضائية والتنفيذية، أرجعت إلي حقي المدني في الترشح مثلا، رغم أن ملف الغرامة مازال على مكتب المحكمة العليا، إلا أن العفو الرئاسي يقتضي قانونيا إلغاء كل أمر يتعلق بالملف إلا ما تقتضيه الأرشفة!.
والموضوع معقد، لكن إتصال جميل بعزيز، أوقف بإذن الله كيد ولد بوعماتو الهارب من موريتانيا، والذي حاول إجهاض العفو الرئاسي بعد جهد الكثيرين، لإخراجي من السجن، إثر كتابة مقال فحسب، كان مطلعه: "معلومات غير مؤكدة وفي المقابل لا يمكن نفيها".
وكان من بين الكثيرين، وبالمئات الذين سعوا سرا وعلنا، لخروجي من السجن، الحاج ماء العينين ولد النور ولد أحمد، تكبر بنت أحمد حرم الرئيس الحالي، الجنرال محمد ولد الشيخ ولد الهادي وقتها المدير العام للأمن الوطني، المحامي يحيى ولد عبد القهار، الإعلامي الشهير السفير الحالي محمد محمود ولد براهيم اخليل، وقد ساهم جميل منصور بسرعة ودهاء وسرية، وبقوة في دفع محاولة إعادتي إلى السجن إكراها، والذي أرعبه وأستغربه مستوى مبالغة هذا الظلم والتعسف القضائي وغيره.
كما أن تحركات الإعلاميين في الداخل خصوصا، ومن بينهم الجندي المجهول، الذي يعرف نفسه ويعرفه البعض المحدود، وفي الخارج كذلك، أوقفت هذه المظلمة التاريخية، التي ما تركت الحاج ماء العينين ولد أحمد ينام قرير العين، منذ طرح ولد بوعماتو شكواه ضدي، وهو والد حرم الرئيس الحالي.
وبعد أخذ ورد إستقريت قليلا على اليابسة، منذ الشكوى الأولى لولد بوعماتو في دجمبر2005، أقول إستقريت قليلا على اليابسة: "إستراحة محارب"، كما أعتقدها، ولا أقولها فخرا أو غرورا، أو عجبا بالنفس والعياذ بالله، فإني شديد في الدفاع عما أتصوره، ولو تبينت أنه خطأ لاحقا، فأبتعد عنه مباشرة، ولكن بحكم منبتي الآدراري، الصعب التضاريس والطقس، وخلفية التربية الأولى، وطبيعة الآباء والاجداد، من الجهتين: "الأب والأم"، لاحظ لي إلا نادرا في الليونة والخنوع والتقهقر عن الرأي والتصور، وخصوصا أنني تربيت مدللا، لأنني بإختصار هو وحيدها، وذلك الحال العائلي، له حكمه ومناخه الخاص، المعروف في علم النفس والتربية والإجتماع.
إنني بصراحة لا أعرف المجاملة، الزائدة أو المراوغة والكذب، أو التصفيق الفج على الأقل، تفاديا أيضا للمزيد من تزكية النفس المنهي عنه إلا في حالات إضطرارية مثل هذا الحال المثير.
مرحبا بتكبر ينت أحمد، إبنة عمي فحسب، أدافع عنها وأذود ولو بدمي في حدود الحق، ولكن بعيدا عن حياض الأمر العمومي والشأن العام، ولو إستدعاني والدي الحاج ماء العينين ولد النور ولد أحمد أطال الله في عمره في طاعة الله، وأما ما سوى ذلك فلا أتعهد به لأحد، حتى لوالدتي زينب بنت الحسن، الشمسدية الشريفة أطال الله في عمرها.
فهل بلغت اللهم فأشهد.
ولا يهمني إن فهمت المقاصد أم لا، فما عنيت إلا ما قلت، لا ما بين الحروف والسطور، من التأويل المتعسف الخاطئ ربما.
وإنني في هذا المقام، أأكد مدى إحراجي الشخصي عندما يعترض والدي وأبن عمي الوجيه عندي وعند غيري الحاج ماء العينين ولد النور ولد أحمد، ولكن فلتحتط تكبر لنفسها، ومن عنيه الأمر من خاصة أهلي أو من غيرهم، فلا مجاملة بإختصار في الحق، وأرجو من الله أن يتجاوز عن المخطإ ويهديه سبيل الحق، قبل موتنا جميعا ورحيلنا، إلى ساحة الحساب الحقيقي العادل الرحيم الصارم الرباني، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ومن أحب إبنته أو أشفق على إبنة عمه أو غيرها فخير له أن ينصح بلطف وصرامة وحزم، قبل ضياع الفرصة، وحلول وقت الحسرة، ولات حين مناص!.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا لمن، قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
وما قصدت الإساءة، وإنما هو مذهب تدربت عليه في العائلة وشببت فيه وشبت عليه تقريبا وأنا صاحب49 عاما، فلا أملك عنه تحولا بإذن الله، وأرجو من الله أن يثبتني عليه، ويتفهمه القريب قبل البعيد، في السياق الموضوعي الإعلامي المعرف للصحفي، فالصحفي تعريفا قانونيا أدبيا رفيعا، وهو المسطر في قانون الصحافة الموريتاني المعتمد رسميا: "هو الشخص المخول بالحصول على الخبر ومعالجته دون ضغوط أو مخاطر".
أجل، سأقابل الحاج ماء العينين ولد أحمد موقرا محترما، ولكن ليس على حساب الحق، ولو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، لتصوري لأهمية النصح وفائدته لي في الآخرة قبل الدنيا، وللقريب والبعيد، وليرضى من يرضى أو يغضب من يغضب، فالأولى هو رضوان الخالق لا رضوان الخلق.
إنه نهج جدي صلى الله عليه وسلم،: "كلمة حق عند سلطان جائر"، وإني على نهجه لسائر وهذه الكلمة من أفضل أنواع الجهاد، ومن أراد الغنيمة على حساب الحق، أو مجاملة القرابة والعيال، فهو وشأنه.
والتحية مجددا للأهل والربوع والزملاء، وللحاج الوقور، الوجيه عالميا، المعروف بدماثة الأخلاق والوساطة لحوائج الناس دون تمييز وقضائها للجميع بتيسير من الله والتاريخ شاهد له بذلك، وما أنا بحاسد له، رغم أنني أبن عم ويقال في المثل الحساني "حسد أولاد العم"، فهو معروف بهذا فعلا منذ أيام مراهقته وشبابه، في المغرب وموريتانيا والشرق وغيره وأينما حل وسار، ودون من أو أذى، وما أظن دعاءه الخالص العطوف القسري إلا سببا ربانيا خفيا عند البعض، ظاهرا عند البعض الآخر مثلي، لحجز بعض البلايا والرزايا عن عزيز وأسرته.
وليكن لإبنته الممتحنة تكبر بنت أحمد هذا الوالد، أسوة في نهجه الخاص، وليس ما سوى ذلك من الغرور أو الإغترار على الأصح بحكم زائد قريبا خادع هش.
قال تعالى: " وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا  {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً".
قال تعالى: "قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا"

وهذا ما تعلمت ورضعته مع لبن أمي، وتعزز لدي مع ظهور الصحوة الإسلامية في مطلع الثمانينات بمدينة أطار الجميلة، وحركة الإخوان المسلمين تحديدا وخبرته من دروس الحياة أنه الأفضل لي وللطرف الآخر أيا كان، ولا خصومة لدي مع أحد أيا كان، وإنما البعض لا يصبر على أجواء الإمتحان الذي يخوض فيه، واعيا أو غير واعي، وإن سقط راغبا أو مغررا به، وضع اللوم على الأقلام الحازمة في الحق!
لا، لا، الطريق ليس في هذا الوجه أو الإتجاه المغلق الصارم الذي ضحيت فيه سجنا وألما وسهرا ووجعا ومكابدة لا تعد ولا تحصى.
إرجعوا إلى الحق تسلموا، من الأقلام وغيرها!
وقد قيل ألسنة الخلق مداد الحق، ولا سلامة من الموت ولا نجاة من الخلق، على إختلاف هذه النجاة، إن كانت مبررة شرعا وغير ذلك.
وخصوصا من وضع نفسه في ساحات الامر العمومي.
اللهم تقبل من ماء العينين ولد احمد جهده في الحق، وأهدينا جميعا إلى الصبر على ضريبة قول الحق، وسماعه والقيام بما أستطعنا منه، سواء تعلق الأمر بي أو بإبنة عمي الجريحة الخاطر من كثرة ما كتب ضدها، أو ربما تحديدا ما كتبت ضدها.
وهذه فرصة سانحة مناسبة، لن أضيعها قطعا لأقول لها: "شفت محر الإستهداف"
أستهدفت أنت ببعض تصرفاتك غير المعصومة، وأنت في موقع عمومي، منذ أن كنت ملحقة في القصر الرئاسي، مع بنت أحمد الطلبه، فما بالك بمن دفعوا الثمن غاليا، في بعض حقوقهم على الأقل، بسببك بصورة أو بأخرى.
لا تزكي نفسك وأعترفي ببعض الحق، وردي بعض الإعتبار على بعض المظلومين ومن أولهم بعض أبناء اسماعيل ولد اعبيدن، أليس اسماعيل الاخ الأكبر لأم لوالدك الوقور؟!.
لا تتغافلوا عن الحق، لقد دافعتم عني لماما في وقت حرج، وخصوصا الوالد بصراحة، لكننا والكثير من أهل موريتانيا، دفعنا الثمن غاليا بسببكم في كثير من شؤوننا الخاصة قبل العامة، والعامة طبعا، وإن أحسنتم في أمور محدودة.
ونهاية وإيجازا، أقول: "ما من صواب فمن الله، وما من خطإ فمني"
أستغفر الله العظيم... أستغفر الله العظيم... أستغفر الله العظيم...
قال عمر الفاروق رضي الله عنه: " ما ترك لي الحق من صاحب"!.
اللهم أجعلنا عمريين، وألهمنا الصبر على ضرائب قول الحق، مثل هذه السطور الصعبة نفسيا، وألهمنا عدم التزحزح عن الحق، وأجعل ذلك يا ربنا الكريم، خالصا، خالصا، خالصا، خالصا، خالصا لوجهك الكريم.

أربعاء, 25/03/2015 - 23:32