نقابة المحامين ترد على وزير العدل /بيان

بيان
تفاجأ مجلس الهيئة الوطنية للمحامين من رد لوزير العدل –في المؤتمر الصحفي للحكومة يوم أمس الخميس- على سؤال يتعلق بالمادة 116 مكررة من المدونة التجارية، تضمن الكثير من المغالطات، من بينها ادعاءه أن عبارة "مكررة" الواردة في المادة تدل على أنها مدرجة في غير مكانها، وكأنها أدخلت للنص خلسة، واعتباره أن تعديل المادة يخدم موقع موريتانيا في منظومة تحسين مناخ الأعمال (دوينك بيزنس)، وأن تحرير المحامي للعقود يتيح له الاطلاع على أسرار لاينبغي له الاطلاع عليها، ويجعله في حالة تعارض عندما يكون مدافعا عن أحد أطراف العقد، وأن المادة تتعارض مع قانون الموثقين
وحرصا من مجلس الهيئة على إنارة الرأي العام حول هذه المسألة، ورفع أي مغالطات بشأنها، فإنه يوضح للرأي العام ما يلي:
-أن عبارة "مكررة" الواردة في ترقيم المادة تتعلق بتقنية معروفة من تقنيات الصياغة القانونية، يتم بموجبها تكرار الأرقام بالنسبة للمقتضيات الجديدة، بغية الاحتفاظ بالترقيم القديم على حاله، وهي مستخدمة في الكثير من القوانين الوطنية، وليست مقصورة على المادة 116 فقط، بل إن المدونة التجارية نفسها تضمنت حوالي 40 مادة مكررة، فالقول إن عبارة مكررة تدل على أن المادة مختلقة أو أنها في غير محلها مجرد مغالطة مكشوفة.
-أن هذا التعديل الذي بموجبه أدرجت المادة 116 مكررة سنة 2015 جاء بعد تشاور واسع مع كل الفاعلين في القطاع، فقد أجريت ورشة لنقاش مشروع القانون في 20 و 21 نوفمبر 2014، تحت رعاية وزارة العدل التي أشرفت على هذا التعديل، وقد شارك في هذه الورشة كافة الفاعلين في مجال العدالة المعنيين بتطبيق المدونة التجارية (من قضاة، وكتاب ضبط، وموثقين، ومنفذين، ومحامين، وكذلك وزارة التجارة، وغرفة التجارية والصناعة، وغيرهم)، وقد كان مقرر الورشة حينها وزير العدل الحالي حيمود ولد رمظان، وخلصت الورشة إلى إقرار التعديل لأهميته ولحاجة البلد إليه، بخلاف هذا التعديل الجديد الذي يفرغ المادة 116 مكررة من محتواها، فقد أعد في الظلام، ودون أدنى تشاور.
-أن تعديلات 2015 التي أدرجت بموجبها المادة 116 مكررة، أعدت أصلا من أجل تحقيق انسجام النصوص الوطنية مع منظومة تحسين مناخ الاستثمار (أدوينك بيزنس)، وقد حصلت موريتانيا بموجبها على النقاط التي كانت تأمل، فالتراجع عنها هو الذي سيفقد البلد مركزه في المنظومة وليس العكس.
بل إن بلدين كالمغرب وتونس اللتين توجبان تحرير المحامين للكثير من العقود هم في مراتب متقدمة في تقرير دوينك بيزنس لهذا العام بالمقارنة مع موريتانيا، فبينما تأتي المغرب برتبة 53 وتونس 78 تأتي موريتانيا في الرتبة 153، فالقول إذن أن اسناد تحرير العقود للمحامين يؤثر سلبا على موقع موريتانيا في منظومة دوينك بزنس مجرد تكلف بارد.
-أنه في كل العالم لا تعارض بين صياغة المحامين للعقود وبين توليهم مهمة الدفاع، فالمحامي هو من يكفل قانونية وفاعلية صياغة الأعمال القانونية والعقود وفقا لتوقعات الفرقاء، وتوجب عليه قواعد ممارسة المهنة رفض المشاركة بصياغة أي عمل أو عقد غير شرعي أو احتيالي، ومن القواعد العالمية المعروفة في هذا المجال أن المحامي الذي يحرر العقد بتكليف من الطرفين يسهر على احترام توازن مصالحهما معا، ويمتنع عليه حينئذ تمثيل أي من الطرفين في القضايا التي تثير قانونية تنفيذ أو تفسير العقد المذكور، بخلاف ما إذا حرر العقد نيابة عن طرف واحد، إذ حينها يلزمه اعلام الطرف الآخر بحقه في الاستعانة بمحام، ولا يمتنع عليه حينها تمثيل الطرف الذي صاغ العقد نيابة عنه، وهذه هي نفس القواعد المتبعة في مجال الاستشارة القانونية.
-أن القول بأن قانون الموثقين يسند تحرير العقود للموثقين مغالطة وتضليل واضح، فالمادة الأولى من قانون الموثقين تنص على أنهم: (مأمورون عموميون مكلفون باستقبال العقود والتصرفات التي يريد الاطراف اعطاءها الصفة الرسمية)، وهو نفس نص المادة الأولى من قانون 1945 المتعلق بالموثقين في فرنسا، المعروف ب قانون 25 فانتوز، فهم إذن يستقبلون العقود جاهزة فيصبغون عليها الصبغة الرسمية عبر شهادتهم عليها.
-أن تبرير الوزير لتعديل المادة بالحد من اطلاع المحامين على أسرار العقود، يدل على رغبة شديدة لدى البعض في مناهضة شفافية العقود التي هي الضامن الأساس لأمانها، وصمام الأمان ضد التهرب الضريبي، وعمليات تبييض الأموال، والمعاملات المشبوهة، الشيء الذي يتناقض مع التوجه العام للحكومة، ولمتطلبات تحسين مناخ الاستثمار، ومن المستغرب أن تكون باكورة أعمال وزير العدل الحالي تدفع عكس هذا الاتجاه.
-أن هذه المغالطات التي تضمنها تصريح وزير العدل، لا تخلو من أحد أمرين، فإما أنها مغالطات متعمدة للرأي العام وكذب وتضليل، وهو مالا يتناسب مع منصب وزير العدل حافظ الخواتم، وإما أنها عن جهل فتلك أدهى وأمر.
مجلس الهيئة الوطنية للمحامين

أحد, 03/11/2019 - 00:59

إعلانات