إن من أهم العوائق والإشكالات المثارة علي مستوي الترسانة القانونية الوطنية تلك المتعلقة بمدى مطابقة النصوص القانونية للواقع ومساهمتها في رفع ما قد يواجهه القضاء من تحديات وما يعانيه المتقاضين من هشاشة وماهو مسجل من تعقيد وبطء في الإجراءات و من عوائق حالت دون الكثيرين والولوج إلى المحاكم وتسريع وتيرة معالجة ماهو منشور أمامها من ملفات إضافة الي ضرورة ملاءمة ماتضمنته تلك النصوص من احكام و إجراءات مع مايشهده الاقتصاد العالمي من تحولات سبيلا الي خلق مناخ جذاب لجلب الاستثمارات علي المستوي الوطني وحماية ودعم المقاولات وتعزيز قدرتها التنافسية سعيا للانخراط بشكل فعال في التحولات الاقتصادية العالمية وتجنب ماقد ينجر عنها من مخاطر ..........كلها إشكالات فرضت في الواقع ضرورة مراجعة وتحيين ما تضمنته النصوص القانونية ذات الصلة من أحكام وترتيبات ، حتى تتماشى وواقع التنمية داخل البلد وتتواءم والمنظومة الحقوقية الدولية بالشكل النصوص . بضع حدا لماتم تسجيله من تناقض أوتعارض بين تلك
وعلي ضوء تلك المقاربة فإن النصوص القانونية الوطنية وإن كانت مقبولة في جل أحكامها إلا أنها قد تضمنت بعض الثغرات التي تسببت في عدم مواكبة القضاء لما فرضه العصر الحديث من وجوب السرعة والنجاعة في الأداء مما يتعين معه العمل على غربلة جميع النصوص القانونية وسد ما هومسجل من ثغرات وغموض واستكمال بعض النصوص القانونية بإصدار بعض المراسيم التطبيقية التي أحالت إليها والتي يتعذر تطبيق النص في الكثير من جوانبه ما لم تصدر تلك المراسيم...... وفي هذا المجال نسجل للأسف أن بعض النصوص القانونية قد تضمنت مجموعة من الترتيبات التي تعد ضرورية وأساسية لتطبيقها ولم تتمكن الجهات المعنية إلى حد الساعة من توفير المناخ والظروف الواجب توفيرها بنص القانون حتى يتم تطبيقه بشكل انسيابي وشفاف يضمن احتـــــرام قواعده ، ومن هذه القوانين على سبيل المثال قانون المخدرات الذي ينص على العديد من الترتيبات كما هو الحال بالنسبة لما يجب أن يخضع له المشتبه فيه أو المتهم من فحوصات وما يتعين إيجاده من مخابر قادرة على تحديد نوعية الأشياء المحجوزة أمام القضاء........
وإلى جانب قانون المخدرات فقد تضمن قانون الحماية الجنائية للطفل العديد من الترتيبات الواجب اتخاذها من لحظة القاء القبض على الطفل المشتبه فيه مرورا بالتحقيق معه وظروف متابعته وانتهاء بالحكم عليه ، إذ في كل محطة من تلك المحطات أكد المشرع على ضرورة التقييد بمجموعة من الإجراءات التي تعبرعنما منحه المشرع من خصوصية لهذا النوع من المتهمين وذلك من خلال توفير ضبطيات قضائية خاصة بهم على عموم التراب الوطني وتوفير مرشدين اجتماعيين ومحامين ومحاكم خاصة مكلفة بالحكم في القضايا الخاصة بالقصر على المستوى الوطني إذ لا توجد منها سوى ضبطيتين أو ثلاث على عموم التراب الوطني كما نسجل كذلك عدم وجود مرشدين اجتماعيين ومحامين على مستوى الولايات الداخلية إضافة إلى عدم إنشاء المحكمة الجنائية للقصر وكذا غرف جزائية للأحداث على مستوى محاكم الاستئناف الشيء الذي يفتح المجال واسعا أمام أي من الأطراف للطعن في بطلان ما يتم القيام به من إجراءات سواء أمام الضبطيات القضائية أو أمام النيابة العامة أو أمام مختلف جهات الحكم والتحقيق.
ضف الي ذلك ان من ضمن نصوص القانون ما يحمل في ثناياه بعض الترتيبات التي من شأنها أن تعيق انسيابية وسرعة العمل القضائي والبت في القضايا وتنفيذ الأحكام والقرارات المتعلقة بها مما يستدعي ضرورة تعديل ما تعلق منها بتلك الاختلالات ونذكر على سبيل المثال لا الحصر في هذا الصدد مجموعة من القوانين كقانون الإجراءات المدنية والإجراءات الجزائية والقـــــــــــانون العقاري وقانون التأمين والنظام الأساسي للقضاء.................
علي انه يتعيين علي القائمين بعملية تعديل وتنقيح وتحيين النصوص القانونية الأخذ في الحسبان أنها تتطلب قدرا كبيرا من التأني وفترة زمنية ليست بالقصيرة وذلك لما هو مفترض من ترابط بين مختلف النصوص القانونية بالشكل الذي يضمن القدر اللازم من الإنسجام والتناقم المطلوب لحظة تطبيقها ....كما تستدعي إعداد لجان متخصصة تكون غالبيتها من ضمن الممارسين في الحقل القضائي وتكليفها برصد ما تتضمنه القوانين الوطنية من اختلالات وتعارض وتناقض إضافة إلى وضع الأصبع على كل الترتيبات التي تعيق انسيابية العمل القضائي وتدفع في الواقع إلى تكريس ما يسمى بالبطء في العدالة الذي يعد في حد ذاته ظلم ، وغربلة النصوص المتعلقة بالمؤسسات السجنية وذلك بالشكل الذي يضمن الإشراف القضائي الحقيقي على المؤسسات العقابية ويحقق متطلبات إصلاح وإعادة تأهيل السجين كأولوية ، وفي هذا الصدد يتعين تفعيل دور قاضي تنفيذ العقوبات وإعادة النظر في ما منحه له القانون من اختصاصات على أن يتم في بعض المواطن إنشاء بدائل عن العقوبة السالبة للحرية كالعمل للمصلحة العامة.............كما يجب الاخذ في الاعتبار عدم إنشاء بعض المحاكم المنصوص على وجوب إنشائها كالمحكمة الجنائية للقصروعدم مواكبة ماتم إستحداثه من محاكم متخصصة علي مستوى الدرجة الاولي بأخرى علي مستوى درجات التقاضي الأعلى إتقاء لما قد تتسبب فيه تلك الوضعية من تباين وعدم انسجام بين ما قد يصدر من أحكام وقرارات عن تلك المحاكم والعمل علي الوقوف في عملية التعديل والتحيين علي ما تضمنه بعض النصوص في الواقع من تعارض اوعدم إنسجام مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وما يترتب عليه من فتح المجال واسعا للإجتهاد أمام سلطة الاتهام والتحقيق والحكم .ومع ذلك تظل إجراءات التنقيح ناقصة مالم تتم مواكبتها بضخ الوسائل والإمكانيات اللازمة وتفعيل وعصرنة كل الادارات ذات الصلة علي مستوي الوزارة خصوصا تلك المتعلقة بالدراسات والتشريع
والله من وراء القصد