قالت "هيومن رايتس ووتش" إن محكمة موريتانية أدانت في 30 يناير/كانون الثاني 2020 ثمانية رجال "بمخالفة الأخلاق الحسنة" و"ارتكاب فعل مخل بالحياء"، بعد ظهور فيديو لهم يحتفلون بعيد ميلاد في مطعم أدى لاحقا إلى اعتقالهم. حكمت المحكمة عليهم بالسجن عامين.
اعتقلت الشرطة في 23 يناير/كانون الثاني الرجال الثمانية ثم رجل وامرأة بعد ثلاثة أيام من نشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي. ذكر مفوض شرطة نواكشوط الغربية، محمد ولد نجيب، في مقابلة تلفزيونية في 22 يناير/كانون الثاني أن سبب الاعتقال كان "التشبه بالنساء"، رغم اعترافه بأن الحدث لم يكن حفل زفاف مثلي، كما ذكرت وسائل التواصل، بل عيد ميلاد.
قال غرايم ريد، مدير قسم حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي في هيومن رايتس ووتش: "لا يحق للسلطات الموريتانية سجن أي شخص لم يقم سوى بحضور احتفال سلمي بعيد ميلاد. ينبغي لها إطلاق سراح جميع من حُكم عليهم بالسجن لعامين لحضورهم تلك الحفلة".
حُكم على الرجال الثمانية بالسجن عامين بتهمتَي "مخالفة الأخلاق الحسنة" (المادة 264 من قانون العقوبات) و"ارتكاب فعل مخل بالحياء" (المادة 306). حُكم على المرأة بالسجن عاما مع وقف التنفيذ لمشاركتها في ارتكاب فعل مخل بالحياء بحضورها الحفلة، وبُرّئ صاحب المطعم.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى محمد ولد عبيد، محامي المتهمين، وراجعت تقرير الشرطة الذي يشير إلى إلقاء القبض على ثمانية رجال لحضورهم الحفل، ويصفهم بـ "المخنثين” الذين كانوا "يتشبهون بالنساء". ذكر تقرير الشرطة أن الرجال الثمانية "اعترفوا بأنهم مخنثون" أثناء استجوابهم، الذي جرى دون أي تمثيل قانوني. قال ولد عبيد إنه، خلال المحاكمة، نفى المتهمون جميع التهم ودحضوا الادعاءات المتعلقة بتوجههم الجنسي.
تحظر المادة 308 من قانون العقوبات السلوك الجنسي المثلي بين البالغين المسلمين وتعاقب الذكور عليه بالإعدام. لم يُحكم على أي شخص في السنوات الأخيرة بالإعدام بسبب المثلية، على حد علم هيومن رايتس ووتش، مع استمرار التجميد الفعلي لتنفيذ الإعدام.
في 30 يناير/كانون الثاني، أحالت النيابة العامة القضية مباشرة إلى المحاكمة في اليوم نفسه بدل فتح تحقيق أولي فيها لكون المتهمين "في حالة تلبس" نتيجة الفيديو المنشور على الإنترنت.
راجعت هيومن رايتس ووتش الفيديو المنشور، والذي يُظهر أشخاصا في حفلة يغنون ويرقصون إنما بلا أي سلوك يمكن أن يعترض عليه أي أحد بحجة أنه غير قانوني.
في 3 فبراير/شباط، تقدم ولد عبيد باستئناف بالوكالة عن المتهمين.
يبدو أن الشرطة اعتقلت الرجال على أساس تمييزي لمظهرهم وسلوكهم، إذ وصفتهم في تقريرها المقدم إلى المحكمة بـ"المتشبهين بالنساء" و"المخنثين".
تضمن المادة الأولى من دستور موريتانيا المساواة لجميع المواطنين، وتكفل المادة 10 حق المواطنين في حرية التعبير. قالت هيومن رايتس ووتش إن حرية التعبير هي حق مكفول للجميع، وليس فقط لمن يعبّرون عن أنفسهم وفقا لمفاهيم التعبير الجندرية التي تقبلها السلطات.
أظهرت أبحاث هيومن رايتس ووتش السابقة انتهاك السلطات الموريتانية المتكرر لحق المواطنين في حرية التعبير باستخدام عدد كبير من القوانين القمعية.
صادقت موريتانيا على "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب" الذي يؤكد الحق في عدم التمييز، وانضمت إلى "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب".
كطرف في "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، يتعين على موريتانيا حماية حرية التعبير للجميع بصرف النظر عن توجهاتهم الجنسية أو هويتهم الجندرية.
أكدت "لجنة حقوق الإنسان" الأممية، المسؤولة عن تفسير العهد، على حظر التمييز على أساس التوجه الجنسي عند تطبيق الحقوق المحمية في العهد، بما فيها حرية التعبير. رأى "الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي" التابع لـ "الأمم المتحدة" أن الاعتقالات القائمة على التوجه الجنسي تشكّل، بحكم تعريفها، انتهاكات حقوقية.
بينما تبنّى البرلمان قانونا جديدا لمكافحة التمييز في عام 2017، يضم القانون أحكاما يمكن استخدامها لسجن الأشخاص لخطابهم السلمي. في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وافقت "الجمعية العامة للأمم المتحدة" بالإجماع على انضمام موريتانيا إلى "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" للفترة 2020-2022 رغم سجلها في سجن ومعاقبة منتقدي السلطات الصريحين.
قال ريد: "يبدو أن السلطات الموريتانية سجنت المتهمين الثمانية بذريعة أن الغناء والرقص في حفل عيد ميلاد يعد جريمة في البلاد. لا تستطيع موريتانيا التنصل من التزاماتها بحماية الحقوق الأساسية لجميع مواطنيها دون تمييز".